إستطال هذا اليوم الأحد الموافق ١٩٩٢/٢/٩م ٥/شعبان/١٤١٢هـ حتى صار كأنَّه سور الصين العظيم الذي يصل طوله إلى ٢٤٠٠ كيلو متر، وكان المظنون أنَّه البناء المعماري الوحيد الذي يُرى بالعين المجردة من سطح القمر، لكنَّ وكالة ناسا كذَّبت هذه الظنون إذ نُقل عنها في ٢٠١٩/٦/٢٥م أنَّ سور الصين العظيم لا يمكن أن يُرى من سطح القمر بالعين المجردة، بل يستحيل تصويره بوسائل التصوير التقليدية، ولكنَّ الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض يمكنها التقاطه باستخدام الرادار!
دعونا من إحدى عجائب الدنيا السبع، وتعالوا إلى هذه العجيبة !
في بدء النهار كنتُ في وزارة الثقافة والإعلام، وفي منتصفه صرت في جريدة (العراق)، وبعد الظهيرة كنتُ في البيت، أمّا في المساء فعدتُ ثانيةً إلى جريدة العراق!
ألف رحمة وسلام إلى روح جدتي الحبيبة التي تعلمتُ منها فن السرد، فقد حرصتْ على تزويدنا بكل حكايةٍ عجيبةٍ ضحى كل يومٍ، فأدخلتنا إلى عالم ألف ليلةٍ وليلةٍ مبكراً، وعرَّفتنا على الواقعية السحرية قبل أن نقرأ شيئاً من أدب أمريكا اللاتينية، ولا نعرف مَنْ هو غابريل غارسيا ماركيز!
ولم تفقد جدتي قدرتها على شدّنا إليها ولم يفارقها عنصر التشويق، وهي تروي لنا حكاياتها اللذيذة الغريبة حتى عندما كبرنا، وتعلمنا، واتسعت دوائر معارفنا، وعركتنا التجارب.
كانت جدتي تدافع عن أحفادها بقوة سلطة المحبة، وكانت متدينةً حقيقيةً، وفلاحةً حكيمةً تُكثر من تكرار هذا المثل : (إبن آدم طير، ويحسد الطير) !
كنتُ أشعر بأنَّني كالممثلٍ الذي رضي عنه المخرج في مسلسلٍ طويلٍ فتمسك به، وأصر على إشراكه في جميع الأجزاء برغم رفض البطلة النجمة لبقائه !
فمن لجوئي إلى بردعة الحمار، ملتحفاً بأمل الحصول على وظيفةٍ مقبولةٍ، إلى دخولي في عرين الأسد في وزارة الثقافة والإعلام؛ لحسم مسألة تعييني،إلى ما صرتُ إليه بعد صدور أمر التعيين في جريدة (العراق) بصفة
محرر ـ عفواً مصحح ـ على نظام المكافأة الشهرية براتب قدره ١٥٠ ديناراً عراقياً (نحو سبعة دولارات وخمسين سنتاً أمريكياً) ، هكذا باشرتُ عملي في بيت العنكبوت !
تعرفون ماذا يحصل في بيت العنكبوت الذي هو بيتٌ بالمعنى المجازي لا الحقيقي، وإلا أيُّ بيتٍ هذا الذي يكون فخاً لمن يدخل فيه !
ولأنَّ الحديث ذو عنكبوت فلابأس ببعض المعلومات عن هذه الحشرة التي تعد من الحشرات المفترسة أو آكلات اللحوم، ويقول عنها الباحثون: إنَّ العناكب لها طرقٌ متنوعة في الحصول على فرائسها، فبعض الأنواع تقوم بحقن السم داخل الفريسة حتى تقضي عليها وتلتهمها، بينما تقوم أنواعٌ أُخرى بالقضاء على فرائسها عن طريق تقييدها بالحرير الذي تقوم بإنتاجه ، ومن ثمَّ تبدأ في التغذي عليها.
تقوم العنكبوت بتحويل الفريسة التي تحصل عليها إلى الشكل السائل، وذلك لأنَّها لا تمتلك نظاماً هضمياً يستطيع أن يتعامل مع المواد الصلبة،فتقوم بإفراز مجموعةٍ من الإنزيمات على الفريسة؛ لتتمكن من امتصاص المواد الغذائية الكامنة فيها.
لا يقتصر إنتاج الحريرعلى دودة القز، لأنَّ العنكبوت من الحشرات التي تقوم بإنتاج الحرير ـ ولكن أيُّ حريرـ وهذه العملية مستمرةٌ
طوال فترة حياتها، وذلك لأنها تستخدمه في أغراض مختلفة مثل صيد الفرائس أو بناء المسكن !
لقد دوَّختكم !!
إذنْ، فقد باشرتُ عملي في قسم التصحيح.
استقبلني رجلٌ ستيني ذو صوتٍ مميزٍ بكل احترام، وأشعرني بالألفة سريعاً.
ذلك الرجل هو المذيع ريسان مطر.
قال لي في أول سلَّم تعرفي إليه : إنَّه رأس تحرير مجلة (الأجيال) مدةً من الزمن، ولمّا رأى شغفي بالاستزادة أضاف : إنَّني من أوائل المذيعين الذين أذاعوا بيانات ثورة ١٤ تموز سنة ١٩٥٨م بعد أن أذاع البيان الأول العقيد عبد السلام محمد عارف، والمذيعة عربية توفيق.
إكتشفت بعد مدة أنَّه يرتاب مني ظناً أنني منتسب إلى أحد الأجهزة الأمنية ! وبعد أن إطمأن إليَّ صار من أقرب الناس لي.
تعرفتُ إلى رئيس قسم التصحيح عزيز موازي وهو مدرس لغة عربية متقاعد يعمل في محل لبيع الألبان ومشتقاتها في سوق الكاظمية صباحاً، ويعمل في التصحيح مساءً.
قال لي : إنَّ الأجر الذي أحصل عليه من عملي في الجريدة أجعله لمصروفاتي الشخصية أمّا بقية الأجور التي تأتي من راتبي التقاعدي وعملي في بيع الألبان فهي من حصة البيت!
تعرفتُ إلى الشاعر محمد بديوي واللغوي صلاح شهاب (أبي طموح) الذي قال : لا عليك من كنيتي فأنا رجلٌ بلا طموح !
اختصر صلاح شهاب رأيه بأسماء الكتاب الذين تظهر كتاباتهم بالجريدة بقوله : إذا أردتَ أن تكون مشهوراً فما عليك سوى أن تكون كالبعوض الذي يقترب من المصباح !
ثمَّ تعرفتُ إلى المصحح الودود عبد الإله القره غولي(أبي ليلى) الذي تركني جالساً في مقعده من دون أن ينبهني إلى أنَّ هذا المكان مكانه!
إعتذرتُ منه لهذا السلوك غير المقصود، فهوَّنَ المسألة عليَّ ، وتبسّط في الحديث معي.
قال :إنَّه سبق أن عمل في جريدة (الثورة) عندما كان رئيس تحريرها طارق عزيز، وهو يحتفظ بصورةٍ معه بالأسود والأبيض، جلبها بعد أيامٍ تعزيزاً لكلامه،وكان الأمر كما قال .
ثمَّ تعرفت إلى الشاعر حسن النواب الذي يفتخر أنَّه من عائلة أمراء عاشوا في الهند، وجاءوا إلى العراق مطلع القرن العشرين وسكنوا منطقة الكاظمية، وبرز منهم الشاعر مظفر النواب.
حسن النواب شاعرٌ عجنته الحرب فأكسبته قدرة العيش تحت أي ظرفٍ كان، ومع هذا لم يستطع احتمال أذى قسم التصحيح.
قرأ لي في إحدى الليالي نصاً نثرياً أعجبني، فاقترحتُ عليه طبع المقطع بخطٍ عريضٍ ووضعه على الجدار الأول في غرفة القسم فوافق.
كان هذا المقطع أفضل مواساة لنا كلما تأذينا جراء نشاطات القائد الضرورة !
جاء في المقطع :
هنا في حقل التصحيح
يصطاد حراس الليل
أخطاء العالم
بشباك دمهم !
بدأتُ أول عملي بقراءة المواد، واصطياد الأخطاء النحوية والأُسلوبية والطباعية، مع الحرص على مطابقة عنوان المادة مع متنها.
قال لي رئيس قسم التصحيح عزيز موازي : نحنُ نحاصر الأخطاء بأن نقرأ المادة المنضدة بطريقة القارىء والمستمع، أي يقرأ المصحح الأول في (البرُوف)(أي المادة المطبوعة على ورق أسمر للتصحيح الأولي) مع استخدام القلم الأحمر، بينما تكون مهمة المصحح الثاني الإستماع، ومتابعة المادة المكتوبة باليد، ويتناوب المصححان الدورين لكي لا يشرد ذهن أحدهما أو كلاهما !
وبعد أن ينتهيا من تصحيح المادة يحيلانها إلى مصححٍ ثالثٍ للمراجعة، ثمَّ تذهب المادة إلى قسم التنضيد لتصحيح الأخطاء، ويطبع ملفٌ جديدٌ ليدقق مع الملف الأول، فإذا كُتبت عليه كلمة (نهائي) يحوَّل إلى صورةٍ تصل إلى مصححٍ رابعٍ لغرض التدقيق فيؤشر على الأخطاء ـ إنْ وجدت ـ لتذهب المادة إلى قسم التصميم لتنفذ على الصفحة.
لا ينتهي عمل قسم التصحيح عند هذه المرحلة بل يستمر! فبعد أن يكمل المصمم تنفيذ الصفحة باستخدام الشمع كلاصق على ورقٍ مقوى تخضع الصفحة إلى التدقيق ثانيةً، ثمَّ تذهب إلى رئيس التحرير ليطَّلع عليها إجمالاً ، ثمَّ يجيزها بتوقيعه لتذهب إلى قسم التصوير والمونتاج لتصور، وتجرى عليها العمليات الفنية، ثمَّ تحول إلى بليت (صفيحة)، تسلم إلى عمال المطبعة في شارع الرشيد.
ومع كل هذه الإجراءات الاحترازية فإنَّ الأخطاء تحصل لأنَّ العقل البشري عجيب يعمل على سد الثغرات عندما يراها !
يروون أنَّ مقر جريدة العراق مع مطبعتها كان قبل ست سنوات في شارع الرشيد لكنَّ حرب الصواريخ سنوات الحرب العراقية الإيرانية بما تسمى بـ(حرب المدن) طالتها سنة ١٩٨٦م الأمر الذي أودى بحياة عددٍ من العاملين ومنهم العامل الفني علي شمة أبو المصور حسن علي شمة، والصحفي حسن علي شمة.
بعد هذه الحادثة المفجعة إنتقلت إدارة الجريدة وكادرها التحريري إلى المبنى الذي يقع في شارع ٥٢ في منطقة الكرادة.
من ضمن الحلقات المهمة التي تسبق عملية تنضيد المواد بعد إجازتها من مسؤول الصفحة، ومدير التحرير، ورئيس التحرير،هي عرض المواد على مشرفين لغويين يعدلان الأساليب اللغوية، ويصححان الأخطاء النحوية، وهما الكاتب مهدي شاكر العبيدي، والناقد عبد المطلب صالح، أمّا الشعر فيعرض على الشاعر عقيل محمد مكي(أبي محمّدٍ) بتكليفٍ من صديقه مسؤول صفحة (النافذة الثقافية)، ومدير المطبعة أحمد شبيب (أبي صارم).
عقيل محمد مكي هو مدرس رياضيات بارعٌ في اختصاصه بشهادة طلابه الذين عرفتُ بعضهم، وهو شاعرعمود جيد، وحافظٌ للكثير من قصائد الشاعر محمد مهدي الجواهري ويصفه بأنَّه يحبه، أي يحب الجواهري أكثر من حبه لنفسه !
ومع هذا فإنَّ عمل عقيل محمد مكي الأصلي في الجريدة هو التنضيد، يقوم به بكل تواضعٍ
من دون حرجٍ!
يعلق اللغوي صلاح شهاب على مهنة المشرف اللغوي بالقول : إنَّ تعيين مشرفين لغويين في الجريدة بدعةٌ ابتكرتها إدارة جريدة العراق للتغطية على المحررين الفاشلين !
لكنَّ زملائي الجدد حذروني من تعديل مقال شخصٍ واحدٍ وصفوه بأنَّه فوق السلطة اللغوية!
حتى لو أخطأ.
قلتُ لهم : مَنْ هو؟
قالوا : إنَّه الدكتور محيي هلال السرحان، وهو أُستاذ العلوم الإسلامية في جامعة صدام.
وقع في يدي مقالٌ له في أول عملي، وكان عن كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) فتوقفتُ عند قوله : (الحمد لله الذي يبدىء الخلق ثمَّ يعيد)
وأردتُ اختبار التحذير!
قلتُ لرئيس القسم عزيز موازي : الصحيح هو أن يقول : ( ثمَّ يعيده)!
قال : لا.. هذا الأُستاذ فوق التصحيح، وما يكتبه لا يخضع للمراجعة !
خاب مسعاي في المشاكسة فلذتُ بالصمتِ.
جذبني الشاعر حسن النواب ففتحتُ معه حواراً بشأن حق الناس في رؤية الإبداع.
ثمَّ دخل في محاورةٍ مع المذيع ريسان مطر في المفاضلة بين الشعر العمودي والشعر الحر التي أكل الدهر عليها، وشرب ، وكان سبب الحوار رأيٌّ للشاعر خزعل الماجدي ـ حسب ما نقل عنه ـ أنَّه لا يعترف بأهمية الشكل والموسيقى والقافية في الشعر!
ريسان مطر حسم الحوار بأن ألقى بيتاً من الشعر باللغة الإنجليزية، وأضاف : إنَّ جوهر الشعر، وحلاوته في الموسيقى.
في الساعة العاشرة مساء انتهى دوام اليوم الأول.
كان دواماً مدهشاً لذيذاً :هكذا بدا لي، فهل لذلك علاقةٌ بالأشياء الأولى في حياة الإنسان التي تحتفظ ببريقها برغم التقدم بالعمر، من قبيل:أول درسٍ، أول كتابٍ، أول صديقٍ، أول مقالٍ يُنشر، أول أجر أحصل عليه، أول حبٍ من طرفٍ واحدٍ طبعاً !؟
كنتُ متعباً فصعدتُ سيارة اللاندكروز التي خُصصت لجانب الكرخ، بينما خُصصت سيارة الـ (جي ام سي فان) لجانب الرصافة.
خصصت الجريدة السيارتين لنقل العاملين في الوجبة المسائية وللإياب فقط، ولم تخصص سيارةً لنقل العاملين في الوجبتين النهاريتين (من ٨ صباحاً وحتى ٢ بعد الظهر، ومن ٢ بعد الظهر وحتى ٨ مساءً).
كان سائق سيارة اللاندكروز من الطائفة الآثورية، طيباً ومبدئياً، دخل في مشادةٍ كلاميةٍ مع عاملين بشأن المكان الذي ينزلان فيه، فهما يغيرانه كل يوم ٍ، وهذا يسبب له إرباكاً، ولم يراعيا السائق، فوصفهما بعدم الاحترام.
التفتَ إليَّ لما رآني مصغياً جديداً له فقال : إنَّ قولنا نعم لكل شيءٍ هو الذي أوصلنا إلى طيحان الحظ !
وأضاف : لقد تعمَّدتُ أن أقول للراكب : (لا) حتى لا يكرر فعلته.
ولتحقيق نوعٍ من التوازن فإنَّ خط سير السيارة نُظّم بأن يكون هناك يومٌ تُعطى فيه الأولوية للعاملين في مناطق الدورة والبياع والغزالية والحرية، على أن يبدأ السائق في اليوم التالي بمنطقة الحرية، والغزالية والبياع والدورة !
انتهت رحلة هذا اليوم الطويل بعد وصولي إلى البيت الساعة الحادية عشرة وعشر دقائق ليلاً.
نقلتُ انطباعاتي عن أول يومٍ لي في العمل إلى أهلي.
أخبروني أنَّ أبي الروحي وأُستاذي الباحث ياس ناصر العبيدي (أبا وائل) قد زار بيتنا مساء اليوم وقضى مع أُخوتي أُمسيةً ثقافيةً جميلةً.
كان بودي أن أعرف آخر أخباره، ومنها :أين وصل في مشروعه العظيم في إعراب القرآن الكريم، وقد أنهى إعراب سورة البقرة التي يحفظها عن ظهر قلب.
كان بيته المستأجَرفي منطقة الحرية ببغداد وبيته في حي دوميز بكركوك ـ الذي انتقل إليه بعد أن ضاقت به السبل ـ ملاذاً لنا خاصةً الأصدقاء :الأكاديمي والمترجم ربيع عامد صالح، ومدرس الفيزياء رعد زيد العزاوي، والدكتور المترجم عقيل عباس، وكانت مكتبته وقلبه ومائدته الطيبة مفتوحةً لنا في كل الأوقات.
أسفتُ كثيراً للفرصة الضائعة للقائه، والتزود من زاده المعرفي الوافر.
أدركتُ أن عصر خساراتي قد بدأ، فها أنذا أخسر أكبر المتع في حياتي، وهي لقاء الذين بهم أتنفس الحياة الحقيقية.
لا أفقد لقاء الأصدقاء الأحبة فقط، بل من الآن سأفقد برامج تلفزيون بغداد بقناتيه اللتين صارتا تحملان اسمين عجيبين هما (البرنامج الأول)، و(البرنامج الثاني) بينما كنّا في سنوات السبعينيات نتداول اسمي قناة ٩ وقناة ٧ !
سأفتقد صوت المعلق مؤيد البدري، وبرنامجه الأثير لديَّ (الرياضة في أُسبوع) مساء الثلاثاء، وعبارته الشهيرة في أثناء تعليقه على مباراة نهائي كأس آسيا بكرة القدم للشباب مساء الخميس الموافق ١٩٧٧/٤/٢٨م التي فاز فيها شباب العراق على شباب إيران بأربعة أهداف مقابل ثلاثة أهداف.
كانت جملة البدري مريحة جداً حين قال : (مرتاح إلهم)! لكنَّني لن آسف على فوات برنامج السهرة مساء الاثنين الذي قيل إنَّ (القائد الضرورة) أوصى به خيراً، وهو برنامج (سهرة مع المقام العراقي) !!
( السيرة مستمرةٌ، شكراً لمن صبر معي.. يتبع)
شروح صور
١.عزيز موازي (أقصى اليسار)، وعليّ جبّار عطيّة ( أقصى اليمين) في شارع فرعي لشارع ٥٢ في حي الصناعة ببغداد سنة ٢٠٠٣ م
٢. مهدي شاكر العبيدي
٣. عقيل محمد مكي
٤. مؤيد البدري