7 أبريل، 2024 4:20 م
Search
Close this search box.

بالتصوير البطيء نقتل أنفسنا بأنفسنا

Facebook
Twitter
LinkedIn

إبتعدت الحرب عن تقليد مفهوم صراع القوى، بعد تطوير مدارس ومؤسسات الحرب النفسية، وفن الخديعة والبحث في نقاط ضعف الآخر.
منذ أمد بعيد؛ لم تعد الحرب فقط، كثرة جنود وصواريخ ودبابات وطائرات وتكنلوجيا قتالية.
المعارك الحديثة إعتمدت التكنلوجيا بدل العضلات والجنود، والنوع على الكم، ولم تعد تحسب الضحايا بعدد الرصاص، وقنبلة كيمياوية أو نووية أو بايلوجية؛ تؤدي الى الإبادة الجماعية، وتشعبت دراسة الخصم الى إجتماعية ونفسية وإقتصادية وآخرها طائفية؟! والتحكم بتأثير وسائل الإعلام، التي بمتناول الفريقيين، وجمهور المتفرجين.
إستخدمت داعش خليط من أساليب الحرب والإعلام، منها البدائية بالقتل والترويع، والتعامل مع التطور في نشر الصور ومقاطع الذبح، على مواقع التواصل الإجتماعي؛ بما له من تأثير على معنويات المقاتلين والمدنيين، والهلع من بشاعة مناظر التمثيل بالضحايا.
أثارت تلك المشاهد علامات الإستهجان والرفض، والبحث في أساليب حديثة لم تعتادها البشرية، وبالتطور الهائل، كان بإستطاعة كل مواطن مشاهدة صور القتل، وفرضت على الآخر مشاهدتها بطبيعة مواقع التواصل الإجتماعي، التي تنقل الصورة الى الملايين بلحظات، وبمجرد الإعجاب والتعليق، تفرض تلك الصور على أصدقائك وعائلتك، وتتتفاعل تأثيراتها، تماشياً مع أهداف الجهة المروجة.
لا نلوم شباب ناقمين من الإرهاب، من عدم فهم خطورة نقل الصور البشعة، وهم يتعاطفون مع الضحايا، في وقت أنهم أصبحوا وسيلة إعلام بالنيابة عن الإرهاب، إذْ لم تمنهج القوى السياسية والدينية والمثقفين آلية الخطاب، والتركيز على أمجاد تعانق الذرى، وملاحم تسطر أروع صور الإنسانية والتضحية، فمقاتل يحمل عجوز على ظهره في حرارة الصيف وثقل السلاح، وآخر يُرضع طفلاً، وطبيب يفطر في صالة العمليات، ونساء يعددن الطعام للمقاتلين، وفقراء يقطعون لقمة أطفالهم، ويتبرعون بها لتغذية الحشد الشعبي، وفصيل مقاوم يقدم الشهداء؛ لإنقاذ عائلة يحاصرها الإرهاب.
أن الهزائم التي مني بها الإرهاب؛ جعلته يبحث عن الإثارة، والطوفان في بحر من الدماء معروف المعالم، وكلما خسر جولة، نشر صورة أكثر بشاعة وتفنن في تعذيب الضحايا، ومن سمو قيمنا أننا نستنكر تلك المشاهد، ونمتنع عن نشر حتى قتلى الإرهابيين، ولكن جهل بعض وسائل إعلامنا؛ إنها تكرر إعادة نشر صور يبثها الإرهاب؟!
جزء كبير من حربنا ضد الإرهاب، هو إثارة الرعب دون قتال، وأخطر ما فيها، أن يصبح المواطن شريك دون أن يعلم؛ بالترويج لصور تُسرب له، ويتعامل معها بعاطفة دون عقل؟!
مشاهد التعاطي السلبي، في نقل صور الجريمة، تفتح آفاق يسيرة لتمرير مشاريع الإقتتال الداخلي، ويغرق الناقمون من الإرهاب؛ بالتورط بشراكته، ويتبادر الخوف والذعر دون إطلاق رصاصة، أو شجاعة عدو، وبدل أن نوجه السلاح الى صدور أعدائنا، نبدأ بقتل أنفسنا بأنفسنا، ويتمتع عدونا، بمشاهدة بشاعة الموت بالتصوير البطيء

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب