الموقف الايراني من الولايات المتحدة الامريکية مسألة مثيرة و فيها الکثير من المفارقات و الامور الغريبة من نوعها، ذلك إنه و بعد أکثر من 36 عاما من إطلاق شعار “الموت لأمريکا” و وصف هذا البلد ب”الشيطان الاکبر”، و التصريحات و المواقف المتشددة التي تٶکد على إستحالة أي إتفاق أو تقارب مع واشنطن، وإذا بنا نسمع عن رسائل”الغزل”، بين الرئيس الامريکي و بين المرشد الاعلى للنظام في الجمهورية الاسلامية الايرانية و إبرام الاتفاق النووي و الذي کان بالاساس نتيجة لجولات”الوصل”السرية بين واشنطن و طهران.
اليد الايرانية التي أکد مٶسس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بأنها لم تمتد لمصافحة الامريکيين و إن اليد التي تمتد من طهران لأمريکا سوف تقطع، مثل هذا الموقف المتشدد و الصريح من أمريکا لم يعد له اليوم من وجود في إيران المرشد خامنئي، وإما صار جزءا من الماضي، إيران خامنئي صارت تستجدي”الشيطان الاکبر”، لکي تطلق أرصدتها و لاتصادرها بناءا على قرارات القضاء الامريکي الخاصة بفرض غرامات بحدود 10،7 مليار دولار على إيران لتورطها في هجمات 11 سبتمبر.
الرئيس الايراني حسن روحاني و وزير خارجيته محمد جواد ظريف، يحملان لواء التزلف الصريح و المباشر للشيطان الاکبر و يقودان حملة مابعد العداوة للوصول الى الحلاوة، لکن مع ذلك و لمقتضيات”سياسية و إعلامية و تعبوية”، تقتضيها مصالح النظام و إلتزاماته أمام حلفائه و أذرعه في المنطقة، فإن روحاني لايجد ضررا في إطلاق بالون إيراني جديد بالهجوم على أمريکا من خلال تصريحه الذي قال فيه إن: “أميركا ستهزم في سوريا كما هزمت في العراق وأفغانستان”.
تصريح روحاني هذا، أو بالاحرى بالونه، قد لايکون مفهوما للکثيرين، ذلك إن أمريکا لم تتورط لحد الان في سوريا، وإن اوباما لايزال يرفض إرسال قوات لهذا البلد، في حين إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية غائص في الوحل السوري و متورط في الاوضاع في سوريا من قمة رأسه الى أخمص قدميه، وإن النعوش الايرانية لقتلى الحرس الثوري و الميليشيات الافغانية و الباکستانية ترسل بشکل مستمر و دوري من دمشق الى طهران، ولم نسمع يوما عن إرسال نعش لجندي أمريکي من سوريا الى أمريکا، فعن أية هزيمة أمريکية في سوريا يتحدث”المحفوظ بسلامته”روحاني؟!
حسين همداني، القائد البارز في الحرس الثوري، قتل في سوريا، الى جانب المئات من قادة و ضباط الحرس الثوري الآخرين من غير المقاتلين العاديين وکما يقول المثل العراقي”من هالمال حمل جمال”، کما إن تردي الاوضاع الاقتصادية
في إيران يدخل الدعم الذي تقدمه طهران لدمشق من أجل الابقاء على نظام بشار الاسد، أحد العوامل الرئيسية في ترديه کما أکدت و تٶکد التقارير المختلفة الواردة من داخل إيران نفسها، والانکى و الاکثر إثارة للسخرية و الاستهزاء، إن القوات الايرانية التي تقاتل في سوريا وطبقا لمختلف الادلة و المٶشرات قد لحقت بها الهزيمة وإن المشروع الايراني في سوريا قد حقق فشلا ذريعا، وقطعا فإن روحاني “سيد العارفين”، ومنتبه جدا لهذه الحقيقة لکنه و لأسباب مختلفة يسعى لذر الرماد في العيون و يتحدث عن”هزيمة فضائية” محتملة لأمريکا في سوريا و ينأى بجانبه عن هزيمة واقعية لنظامه في هذا البلد، لکن الافضل لروحاني لو أکد بأن نظامه”وليس سوريا” من سيلحق الهزيمة بأمريکا عبر سياسة الانبطاح التي بدأت بجعل الشروط ال”19″ التي وضعها المرشد الاعلى للنظام للإتفاق النووي تحت الاقدام!
النظام في إيران مابعد الاتفاق النووي و ماقبل الاتفاق النووي هو نفسه و لم يطرأ عليه أي تغيير، وإن شعاراته الموت لأمريکا و الموت لإسرائيل، لم تلحق أي ضرر يذکر بهذين البلدين وانما و على العکس من ذلك، فقد ظل دائما هنالك دائما أکثر من خيط و أمر يجمع بينهم وإن تلك الشعارات کانت لأهداف سياسية و إعلامية و تعبوية محضة أما على أرض الواقع فإنها لم تحرك ساکنا، وقد عودتنا هذه “الجمهورية الاسلامية”دائما على حقيقة عدم تطابق أقوالها مع أفعالها، خصوصا عندما تقوم بإستغلال و توظيف الدين وفق مصالحها و أهدافها و غاياتها. [email protected]