18 ديسمبر، 2024 5:14 م

بالأمس بوري الدستور و بوري جولات التراخيص و غداً بوري طريق الحرير

بالأمس بوري الدستور و بوري جولات التراخيص و غداً بوري طريق الحرير

في عام 2005 جرى التطبيل و التزمير لدستور جمهورية العراق لعام 2005، الذي طرح للإستفتاء عليه، على أنه سينقل العراق إلى مصاف الدول المتقدمة الديمقراطية، و على الشعب العراقي أن يخرج بقوة للتصويت بنعم على إقراره حتى يفوتوا الفرصة على الإرهابيين لإعادة العراق إلى العصور المظلمة، و بالفعل صوّت العراقيون بنعم للدستور. و الآن بعد خمسة عشر سنة أصبح الحال العراقي في وضع مزري، و على جميع الأصعدة. أخذ المطبلون و المزمرون للدستور يلقون اللوم على الدستور بأنه سبب الخراب و أنه كتب على عجل و أنه مليء بالألغام.
في عام 2009 جرى التطبيل و التزمير لجولات التراخيص النفطية التي وقعها العراق مع الشركات الاجنبية و وصفوها بأنها من أكبر الإنجازات التي حققتها وزارة النفط والحكومة العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921، و أنها ستزيد الدخل القومي العراقي مما سينعكس إيجابا ً على مستوى دخل الفرد و أنه سوف لن تبقى بطالة و جوع و مرض. و الآن أخذ المطبلون و المزمرون لجولات التراخيص النفطية يعيبون عليها بأنها تستنزف ما يقارب ١٢ ترليون دينار عراقي (أي ما يساوي 10 مليار دولار أمريكي) سنويا ً من الدخل القومي العراقي.
في هذه الأيام يجري التطبيل و التزمير لما يسمى بطريق الحرير (مبادرة الحزام و الطريق) و أن الإلتحاق به سيوفر للعراق جميع البنى التحتية من مدارس و جامعات و مستشفيات و طرق نقل و شقق سكنية و مصانع … إلخ بحيث سيكون العراق بمستوى الدول المتقدمة، و لكن هل ياترى سيتحقق ذلك أم ستتكرر مأساة الدستور و جولات التراخيص و سنرى المطبلين و المزمرين و هم يعيبون على الإلتحاق بطريق الحرير و أنه السبب في ضياع ما تبقى من العراق، لا سامح اللّـــه.
أن التطور في أي مجتمع يحصل من الداخل و ليس من الخارج، فالمجتمع عندما يكون غارقاً في الفساد، عندما يكون قادته فاسدون و الشعب يستمرئ فساد القادة، فحتماً مصير هذا المجتمع الهلاك، و لن ينفعه دستور و لا جولات تراخيص و لا طريق حرير، لقوله سبحانه و تعالى “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” (هود 117)