الرجال لايُحكم عليهم من خلال ملامحهم البدنية ، والتي قد تكون نابضة بالوضاءة والجمال ، وانما يُحكم عليهم من خلال ما يحملونه من مبادئ وقيم ، وما يعانونه من كدح ومشقة ، وهم يسعون الى ترجمة تلك القيم والمبادئ في الواقع الحياتي ، وما يبذلونه في هذا المضمار من تضحيات جسام …
ان المواصفات الجمالية الرائعة مطلوبة للنساء ، وجمال الرجال بالمواقف والأفعال ….
تلك هي القضية التي لايتنازع فيها اثنان ولا ينتطح فيها عنزان ..!!
والسؤال الآن :
لو اعتمدنا هذا المعيار ، وطبقنّاه على فرسان السياسة في الساحة ، فماذا ستكون النتيجة ؟
لا نعهد دولةً في العالم فاق عددُ وزرائها (الاربعين) وكاد أن يبلغ (الخمسين)،حتى تلك التي فاق عدد نفوسها المليار نسمة،فما بالك بالعراق الذي لايملك تعدادا سكانياً حديثاً ، والذي لايتجاوز الثلاثين مليونا الاّ قليلاً ؟
ولم يتقلص ذلك العدد الضخم من الوزراء، الاّ بعد ضجيج وعجيج ودويّ هائل للاستنكار والاستغراب ؟
هل اعتذر سياسيّ واحد عن المشاركة في تلك الوزارة بداعي الحفاظ على المال العام من التبديد ؟
أم انه لم يكن يمانع من وجود المزيد ؟
ما دام هو موجوداً ضمن هذا الجمع العتيد ؟
نظرياً :
كلهم كانوا يؤمنون بعظمة ايثار الصالح العام على المصالح الخاصة .
وكلهم يحرصون على أداء أفضل الخدمات للوطن والمواطنين …
ولكن ما الذي تحقّق من تلك المتبنيات النظرية في الواقع الحياتي ؟
هل إنتكس الوضع الأمني أم تحسّن ؟
هل حُلّت مشكلة البطالة ؟
هل توفر السكن للعوائل الفقيرة ؟
هل تم الاستغناء عن المدارس الطينية ؟
هل قفزت الخدمات الطبية للمرضى في المستشفيات والمستوصفات نحو الأفضل ؟
هل طرأ التغيير على قطاعات الزراعة والصناعة فأستَغْنَيْنا عن جلب الخضار ولا أقول المعدات الثقيلة عن الخارج ؟
هل صِينَ المواطن العراقي من الابتزاز، وهو يراجع مؤسسات الدولة وأجهزتها ؟
هل حققوا نجاحاً ملحوظاً في القضاء على الفساد المالي ؟ أم ان عمليات الفساد المالي والاداري مازالت مستمرة ومتصاعدة ؟
هل تمّ الالتزام بالضوابط المنصوص عليها في الدستور وقانون أصول المحاكمات الجزائية في الاعتقال والتحقيق مع الالاف المؤلفة من المواطنين العراقيين ؟
هل استجاب الوزراء لنداء السلطة التشريعية حين دعتهم لضيافتها .
وماذا بقي للسياسيين المحترفين من حُرمة ، وهم يتراشقون صباح مساء ، ويتبادلون الاتهامات الفظيعة فيما بينهم ؟
ولماذا خالف السياسيون العراقيون كلَّ السياسيين في العالم ، حين غاب عنهم الاعتراف بالمسؤولية عن التقصير والاعتذار الى الشعب عن تلك التقصيرات المتراكمة .
ولماذا أصبحت (الاستقالة) أندر من الكبريت الأحمر ، رغم وضوح الخطأ والخلل في الأداء ؟
ان سيل الاسئلة لاينقطع ، وعلى المتصدين لترشيح أنفسهم في الانتخابات القادمة ان يجيبوا عن هذه التساؤلات …
ان العراق اليوم بحاجة ماسة الى دماء جديدة ، دماء شابة ، تنطلق من حرارة حبها للوطن ، وإخلاصها له ، ومن مواقع المهنية والمهارة والنزاهة الى ان تدخل الحلبة السياسية لتبدأ التغيير .
مرحبا بكل السياسيين الوطنيين المخلصين ، الذين استفرغوا وسعهم لخدمة البلاد والعباد .
مرحبا بهم في الدورة القادمة لأنهم أهلٌ لها .
وبعداً لكل الفاشلين والمقصرين والفاسدين ….
إنّ الأصابع البنفسجية العراقية ، لا التدخلات الخارجية ، ولا الترسانة المالية الضخمة ، هي ذات التاثير الأكبر في عملية الانقاذ للوطن المستباح والمثخن بالجراح ….
[email protected]