18 ديسمبر، 2024 8:44 م

بارياء و نفاق ساسة العراق … خطب أعياد الميلاد المجيد نموذجا

بارياء و نفاق ساسة العراق … خطب أعياد الميلاد المجيد نموذجا

أقامت البطريركية الكلدانية مساء الخميس المصادف 24 كانون الاول 2020 مراسـيم قداس ليلـة عيـد الميلاد فـي كاتدرائية مار يوسف في بغداد ، والتي ادارها قداســـة البطريك الكاردينال مار لويس ساكو مع عدد من أسـاقفة الطـائفة الكلـدانية،وحضر القداس فخامة الرئيس العراقي برهم صالح، وسماحة السيد عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة، الشـيخ سـتار الحـلو رئيس الطائفة المندائيــة بالعــالم، وعدد من نواب شعبنا في البرلمان العراقي بالأضافة الى عدد من أفـراد السـلك الديبلوماسـي المعتمد فـي بغــــداد وشخصيات مختلفة اِضافة الى جمع من المواطنين. ومـن جانـب آخـر حضر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قداس عيد الميلاد الذي أقيم في كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد.
وقد تخلل القداس عدد من الصلوات الروحية الربانية المأخوذة من تعاليم الليتورجيا المعتمدة عند الطائفة الكلدانية، وكان هناك حيز تم خلاله تلاوة عدد من الخطب الرسمية،حيث بادر الكاردينال لويس ساكو بألقاء
خطبته مرحباً بالضيوف ومسلطاً الضوء علـى أهمية الدور الوطني المسؤول من قبــل كافة القوى السياسية في التعاون من اجل رفع الكم الهائل من الظروف الصعبة التي يمربها الوطن من الناحية الأمنية، السياسية، الأقتصادية، الأجتماعية والصحية، وأكد بدوره الأعتماد على عاملي الصفاء الروحي والأخلاقي لتحقيــــق السلام والأخوة مابين أبناء الوطن. ونود القـول بانـه كان الأجـدر من الكاردينال ســاكو بأن يدعو الى قداس مشترك موحد مع باقي الطوائف المسيحية في العـــراق، لكــي يجسـد موعظته المتعلقة حول مفاهيم الأخوة والسلام، ومن ثم اِظهار مدى وحدة كلمتنا الروحية والقومية.
أود تسليط الضوء على الحدث الأهم في هذا الأحتفال هو حالة الرياء الظاهرة في خطــاب الرئيس برهم صالح، والسيد الحكيم، ومن ثـم خطاب رئيس الوزراء الكاظمي في الأحتفال الآخر، وتمثلت جميع الخطب بالوجهين المتناقضين فكرياً وعملياً ، اِذ نتناول الوجه الظاهري والتي أكــد من خلاله الجميع على الأستلهام من القيم الأنسانية والنبيلة التي جاء بها السيد المسـيح والتي ترسخت مـن خلال مفاهيم الحـب والتسامح عند البشرية، والعمل من أجل سيادة روح السلام والتعايـش والتلاحم الوحدوي ما بين الفرق العــراقية بكـــــافة تلاوينها العقائدية والطائفية تحت ظل العراق الموحد. ســادت خطبهم المفهـوم العاطــفي الجــياش والمتمثل بالدور المتميز لمسيحي العراق ضمن النسيج الوطني العراقي وأبدوا كمال الأســف على هجرة الجمـــــوع الكبرى منهم الى خارج الوطن ، حيث أكــد الجميـع العـمل وبصــورة جديـة علـى تهيئة الظروف المناسـبة والدعم الكامل لعودة المهجرين من أبناء شعبنا الى بلدهم العراق.
أما الوجه الآخر والمتمثل بالفكر الباطني المضمور بالنوايا والأفكار التي تخدم أيدولوجيتهم وسياساتهم المبنية على الطائفية المقيتة والتي نجحت فيه الأحزاب الثيوقراطـية جنباً مع جنـب الاحــزاب الشمولية في عميلة توظيف و أستغلال فسيفساء الهوية الطائفية للأنطلاق من قاعدة فــرق تسد المشؤومة في سبيل اِدامة الفرقة بين المكونات الأجتماعية العراقية و تقييد الحريــات اِضافة الى تهميش فرص المساواة مابين الأفراد ضمن المجتـمع العراقي والغاية منها هو بث كامل سيطرتها على مفاصل الحياة بكافة أنواعها في العراق. تحدث الجميع عن أهمية الحفاظ على اللحمة الوطنية العراقية ودورها الفعال في بناء الوطن، متناســين في ذلك دورهم السلبي في وصول العراق الى مرحلة الأنهيار الحالية المعتمدة على مبدأ الولاءات العقائدية والطائفية وخلق مساحة عريضة من حالات الخوف والرعب والفساد المستشري في بدن الدولة.
فيما يلي نود تسليط الضوء على بعض النقاط المهمة والتي يتناقض من خلالها ساسة البلد:

1 – الرئيس برهم صالح يدعو الى التلاحم الوطني العراقي وتناسى مشاركته الفعالة في عملية الأستفتاء الكوردي ( ريفيردوم ) الذي أقيم في 25 أيلول 2017 من أجل أســتقلال اِقليم كردستان عن جســد العراق، والذي أعتبر حينها خرق دستوري ، والآن هو يمثل الراعي الأول للعراقــيين. والجــدير بالذكر بأن كل ما ينطق به ساسة العراق عن اللحمة الوطنية ما هو اِلا أحد أنواع التسويق و الأستثمار السياسي الكاذب والذي يراد منه التكتم على ماوصل البلد اليه اليوم بحيث لم يعــد هناك مصطلـح وطـن تابــــع الى مواطنيه بغض النظرعن الأنتماءات القومية و العرقية.

2 – يركز أغلب الساسة وأخص منها الأحزاب الدينية على مسألة حقوق الأنسان ودور المرأة في العراق مابعد 2003 ، اتسائل أي حقوق اِنســان تتناغمـون اللعــب من خلالها على مشاعر المواطنين، هل نسيتم أفتعالكم أزمة تغيير قانون الأحـوال الشــخصية العراقـية المرقم 188 لعــام 1959 المتـوافق مع المعايير الدولية، وتبديله بالقانون السئ الصيت المتمثل بظاهرة تزويج الفتيات القاصرات دون الســـن القانونــــي والمتمثل بــ 8 سنوات، ومنها سحبتم الثقة من السلطة القضائية و أعطيتم الشرعية لرجال الدين والمشايخ المسلمين لأجراء هذا القانون طبق هواهم.

3 – تؤكدون على اهمية الحفاظ في التنوع والتعايش السلمي بين المواطنين، بالمقابل كان لكم الدور واليد المقيتة في سن قوانين تؤدي بدورها أسلمة القاصرين من الأقليات العرقية طبق الفقرة الثانية من المادة رقم (26) من قانون البطاقة الوطنية العراقية والمرقم (3) لعام 2016 والتي تشير الى ( يتبع الأولاد القاصرين في الدين من أعتنق الدين الاِسلامي من البوين) وأسلمتهم قبل بلوغ سن الرشد، والذي يمكــــن أعتباره أحد الأنتهاكات الخطيرة لحقوق الأنسان والحقــوق الدينية المكفــولة ضمن الدســــتور العراقي ومن ثم المواثيق والقرارات الدولية.

4 – تتباكون على مسيحيوا العراق وكان لكم الذراع الطويلة في تهجيرهم و تضائل عددهم الى أكثر من 83% منذ الغزو الأميركي للعراق سنة 2003، حيث أغلـب التقــديرات أشـارت بأن عدد الآشــــــــوريين المسيحيين بمختلف طوائفهم كان حوالي مليون ونصف وقد تناقــص عددهم الى الــ 250 ألف نســــــمة في الوقت الحاضر، ولازال العدد ينخفض بأستمرار كنتيجة للسياسات الفاشلة التي أدتها الحكومات المتعـــاقبة لحكم البلد منذ عام 2003 . وتشير الكثيرمن الأحصائيات الدولية بأن العراق واحد من أسوأ بلدان العالم في الكثير من النواحي . كذلك يمكن الذكر بعدم تفعيل القرارات الصادرة مــن مجلـس الوزراء والخاصة بأبناء شعبنا منها اِقامة محافظة سهل نينوى، وعدم تخصيص ميزانية مالية لهــذه المناطــق لتوفير أبسط الخدمات لها وخاصة وهي بحاجة ماسة الى التعويض المالي لأعادة اِعمارها بعد الهجمة الشرسة التي قام بها تنظيم داعش عام 2014 والتي أمست بعدها واحدة من المناطق المنكوبة في العراق، التدخــل الســافر مـن قبـل أحزاب السلطة في بغداد و أربيل بمناطق تواجد شعبنا ومن ثم الســيطرة على مقـاعد الكـوتـا، مـن الناحــية التربوية تشير أغلب المناهج الرسمية العراقية بأن المسيحيين هم دخلاء على هذا البلد ، ولاننسى تصــريح القادة السياسيين في البلد بأن المسيحييين هم بمثابة جالية تعيش في العراق.

5 – يتفق الساسة العراقيين على اِتخاذ الخطوات الجادة في عملية حق العودة للجموع المليونية المهجرة من أبناء شعبنا والأقليات الأخرى الى بلدهم العراق،ونود الأعلام بأن عراق اليوم يعاني أسؤأ حالاته وعلى كافة الأصعدة ، ونخص منها العــامل الأمني و الأقتصادي وغيـرها والتي القت ظلالها السلبية على الواقع المعيشي المتردي الذي يعانيه المواطن العراقي ومن ثم أنعدام أبســـط الخدمات الواجب توفيرها، لذلك أود التسائل من سيادة رئيس السلطة التنفيذية ومــن معه، الا تخجلون بالضحك على ذقـــون العامة من الشعب المسكين والغالب على أمره، كيف تنادون بالمهجرين الى الرجوع الى بلداتهم وانتم لم توفروا أبسط الحقوق المدنية للمواطن،اِذا كنتم جادين بطرحكم هذا، نهيب بكم بالمحافظة على القلة الباقية من أبناء شعبنا المتناثر في العراق، واِرجاع حقوقه وأراضــيه وقراه المسلوبة في المحافظــات الشــمالية الواقــعة تحت ســيطرة الأكراد والمحافـظات العراقية الأخرى مثل بغداد و نينوى وضواحيها، ودعم المستوى المعاشي للمواطنيـن من خــلال توفـــــير الوظائف والأشغال و أعادة اِعمار المناطق المنكوبة، وتوفير الخدمات البلدية وتحقيق مبدأ العدالة وسيطرة الدولة على مقاليد الأمور وتقديم المجرمون الى المحاكم القضائية لكي يأخذ القانــــون مجراه …..وأخيراً أقولها للسادة الرؤساء هل وفقتم في القبض على قتلة الشهيد هشام الهاشمي و قتلة شهداء ثورة تشرين منهم صفاء السراي، صلاح العراقي من بغداد، الشـهيدة الدكتـــورة ريهام يعقوب من البصرة، الشـــهيدة أم عباس من الناصرية، الشهيد ريمون ريان، الشهيد سربست عثمان من السليمانية، الشـهيد شفان شكلاي من قضاء كفري ومئات الشهداء الأخرين… كيف يعود المهجر والقاتل طليق يا سيدة الرئيس !!!!!
تملــون على شعبنا العديد من الصفات الطنانة منها تقولون لنا : اِنتم ملـــح هذه الرض، انتــم أصل العــراق وغيرها من التواصيف الرنانة، نقولها بملْ الفم لكم كفانا أيها السادة في نعتنا هكذا لأنها تعابير مجازية يراد منها غرض معين ومن ثم ليس بالمهم عندنا الحصول على عطلة رسمية بمناسبة أعياد الميلاد… نقول لكــم فقط ( نريد وطن ) .

الهوامش:

ـــ صورة الموضوع مأخوذة من الموقع العربي موضوع ولاتستخدم للأغراض التجارية …