23 ديسمبر، 2024 6:33 ص

“بارزاني”و”المالكي”، لا محبة الا بعد عداوة!

“بارزاني”و”المالكي”، لا محبة الا بعد عداوة!

لاشك ان الاعلان عن الاستقلال وبناء دولة جديدة عملية قانونية وسياسية معقدة جدا يحتاج الى جملة من الاجراءات والآليات القانونية والشرعية الدولية ويرتبط بمصالح واستراتيجيات دول كبرى لايمكن تجاهلها، اضافة الى عوامل داخلية ودوافع جماهيريةلابد من توفرها، وعلى رأس هذه العوامل القدرة الاقتصادية الكافية لادارة الدولة الناشئة،ولا بد كذلك من وجود الوعي الاجتماعي والثقافي للجماهير واستعدادها لمواجهة المرحلة القادمة.. ولاننسى دور القيادة السياسية الحكيمة والواعية في عملية تشكيل الدولة الجديدة، لابد منها وقد “لعب القادة والزعماء منذ فجر التاريخ دورا كبيرا في تقدم البلدان والشعوب او تأخرها، ولم يتفق ان وجد مجتمع من المجتمعات اوجماعة من الناس من دون قائد يقودها ويرعاها و ينظم شؤونها الادارية والسياسية”، والقائد المحنك قاريء جيد للواقع الميداني ومطلع على التوازنات الدولية الاستراتيجية ولا يأخذ قراراته المصيرية بشكل ارتجالي عاطفي، ولا يربطها بالاشخاص والاحزاب، العملية اكبر من طموحات ونوازع القادة مهما كانوا بارعين في السياسية وموهوبين في قيادة المجتمع..
سقت هذه المقدمة بمناسبة التصريح المثير للجدل الذي ادلى به رئيس اقليم كردستان(مسعودبارزاني)لصحيفة الشرق الاوسط اللندنية والذي ربط استقلال كردستان العراق بعودة(نوري المالكي)الى رئاسة الوزراء رغم انه لم يشر الى كيفية عودته الى الحكم بعد ان ابعد عنه بضغط من المراجع الدينية والقوى السياسية الداخلية والخارجية رغم انه حاز على نسبة كبيرة من اصوات الناخبين، وربما يقصد”بارزاني”عودته عن طريق الانتخابات القادمة التي ستجرى بعد عدة اشهر.. ولكن لماذا نشب الصراع بين الرجلين الاقويين في العراق في هذا الوقت بالذات، بعد فترة من الصمت والهدوء استمرت لسنتين؟! الحقيقة ان الصراع لم يتوقف للحظة بين انصار الزعيمين عن طريق الاعلام، ولكن التهديد الشديد الذي وجهه(المالكي)الى حكومة الاقليم من ايران في زيارته الاخيرة اليها بضرورة انسحاب القوات الكردية من الاراضي المتنازع عليها التي تحررت من يد(داعش)وضمت الى حدود الاقليم والعودة الى حدود 2003 الامر الذي صعد الموقف بين الجانبين وهو ما ادى بـ”بارزاني”الى ادلاء بهذا التصريح للصحيفة..
يبدو في قراءتي لشخصية الزعيمين انهما من النوع غير السهل في التعامل معه سياسيا واجتماعيا، يعتدان بانفسهما لدرجة الغرور، عنيدان في طبعهما يضمران الاحقاد ولاينسيان الاساءة وان طال الوقت، (بارزاني) خاض صراعا طويلا جدا ومريرا مع (جلال طالباني)ولم يرضخ ولم يستسلم له في احلك ظروفه واقساها، والمالكي ايضا عادى الكل من اجل طموحاته الشخصية حتى رفاقه داخل الحزب وخاض معهم صراعا طويلا ودمويا(صولة الفرسان عام 2008 مع قوات مقتدى الصدر)ومازال علاقته متوترة مع الكل، بالضبط مثل(بارزاني)موقفه السياسي متوتر تقريبا مع جميع الاحزاب الكردية في الاقليم، والرجلان يتشابهان في كثير من الصفات واهمها على الاطلاق ؛ انهما الرجلان الاقوييان في العراق وهما من يحددان مستقبله وشكل حكمه وادارته، وهذه حقيقة لابد من الاشارة اليها.. واذا كان لدى(بارزاني)عقدة(المالكي)كما يقوله بعض المحللين، فان لدى(المالكي)ايضا عقدة(بارزاني)، الاثنان بحاجة الى المعالجة من هذه العقدة النفسية الكأداء، وارى ان عودتهما الى المعركة الكلامية وبدأ جولة جديدة من الصراعات والاتهامات المتبادلة في هذا الوقت بالذات ستعقد الامور اكثر وقد تؤدي بالعراق الى فوضى عارمة وحرب اهلية لاتذر ولاتبقى، لذلك ادعو الطرفين الى الجلوس في حوار سياسي هاديء ويعقدا اتفاقا استراتيجيا ملزما مغايرا للاتفاقات السابقة المزيفة ويدخلا في تحالف قوي(تحالف الاقوياء)ويدخلا معا بقائمة واحدة في الانتخابات القادمة وانا على يقين انهما سيكتسحان الساحة العراقية! ولم لا فان الطرفين يجمعهما مصالح مشتركة(عراقية)، واظن وبعض الظن خير وبركة من الوجهة النفسية ان عودة الرجلين الى المشاكسة والمماحكة الكلامية بعد فترة من الانقطاع تدل على انهما قد ملا حالة العداء المستأصلة بينهما لذلك فهما يصدران اشارة غير مباشرة الى بعضهما البعض بضرورة التوصل الى حل ينهي الحالة غير الطبيعية القائمة بينهما لانها اضرت بهما وبالعراقيين اشد الضرر.. وقد جاء في الاثر؛ ما محبة الا بعد العداوة!