19 ديسمبر، 2024 12:42 ص

مقدما لابد من القول بأن أي عراقي عاقل ونزيه وصاحب ضمير حي عاقل ونزيه وصاحب ضمير لا بد أن يحترم الشعب الكردي الشقيق ويتمنى له الخير والأمن والسلام، وفي أيّكلامٍ له عن ما يجري في الإقليم من موبقات يُفرق تماما بينه وبين القابضين على السلطة والثروة والسلاح، وتحالفاتهم الفاشلة، وشعاراتهم الزائفة، وسياساتهم الخاطئة.

تقول آخر أخبار الحزب البارزاني إن قرارا قد اتخذ ولا رجعة فيه بتعيين ناجيرفان البارزاني رئيسا للجمهورية البارزانية ومسرور( ولي عهد الرئيس مسعود) رئيسا للوزراء. وطبعا لن تكون باقي المناصب القيادية المهمة، كقيادة البيشمركة وإدارات المخابرات والمالية والخارجية والاستثمار والنفط، بعيدة عن أحد أبناء عمومة الرئيس وأقبناء قبيلته الأقربين والأبعدين.

والحجة التي برروا بها هذا الاستعمار العائلي لإقليم كردستان هي أن حزبهم فاز بأغلبية مقاعد البرلمان، ولكن في انتخابات لا تختلف بشيء عن انتخابات شقاوات بغداد التي أنجزوها بالتلويح بسلاح المليشيات، أو ببريق المال الحرام.

وبهذا تكون زيارة مسعود لبغداد قد أنجزت المهمة، وحصل فيها على موافقة المعتمد الإيراني في العراق على منحه كردستان العراق إقطاعيةً خالصة، لا للحزب الديمقراطي الكردستاني، ولا للعشيرة البرازانية، بل لعائلة مسعود، تحديدا، ودون شريك.

كما أعطوه وزارة المالية ونيابة رئاسة الوزراء للشؤون الاقتصادية (فؤاد حسين)، وسمحوا له بالمشاركة في نهب خزائن العراق، مع حلفائه الشطار العراقيين. وكل هذا الكرم الحاتمي الواسع الكبير مقابل أمرين،

الأمر الأول زيادة وتيرة تجارة التهريب بين العراق، عن طريق كردستان، وإيران، ذهابا وإيابا لكسر شوكة عقوبات ترمب الذي لا يعرف مدى مهارة هؤلاء في فنون الاختلاس والتهريب العصية على الاكتشاف حتى على مخابرات أمريكا التي لا ترحم.

والأمر الثاني التنازل، طواعية ونهائيا، عن جميع الكلام  المنمق السابق عن الحق الشرعي للكورد في تقرير المصير والاستقلال والانفصال، والكف عن مشاكسة أحزاب الحكم الإيراني العراقية ومليشياتها، والالتحاق بمَجمَع شيعة إيران وسنتها المنضوين تحت خيمة مشروع الإمام الخميني.

وهاهي الأمور بدأت تكشف عن نفسها بسرعة وبدون انتظار. فمن الآن وصاعدا أصبحت طلبات إيران أوامر.

ومن الأمثلة على ذلك أن نواب الحزب البرازاني في بغداد أصبحوا من ضمن المعسكر النيابي الخاص بـ (المجاهدين) هادي العامري وقيس الخزعلي ونوري المالكي. فقد أعلنوا أمس أن  الرئيس مسعود أوصى بالفياض  وزيرا للداخلية، لأنه “أعطى ضمانات للكرد بخصوص المناطق المتنازع عليها”.

وبإعلان البارزانيين أمس أن رئيس جمهورية كردستان القادم هو إبنُ أخ مسعود، وأن رئيس وزرائها هو ابنُه، يكون الاحتلال الإيراني للعراق، من شرقه إلى غربه، ومن جنوبه إلى شماله، قد اكتمل، نكاية بأمريكا وحلفائها، وبتركيا وأولادها العراقيين، والسعودية ووكلائها المعتمدين، وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا والكويت والأردن ومصر وحماس وقطروأية حكومة أخرى تمارس اللعب بالنار على ساحة العراق المحاصر السجين.

ترى هل عميت الجماهير الكردية فلم تعد ترى ما فعلَ وما يفعل البارزانيون بالإقليم، منذ استقلاله عن مركز الدولة العراقية بُعيد انتفاضة 1991، ثم بعد نيسان 2003، وحتى اليوم؟

وحتى لو كانت الأغلبية الشعبية الحقيقية في الإقليم تريد الانفصال وتأسيس دولة مستقلة محاصرة بالعراق وتركيا وإيران وسوريا، فليكن، ولكن ليس بالقادة الفاشلين الفاسدينالذين لهم في كل يوم سياسة، وفي كل يوم قرار.

فرئيس وزراء كردستان الجديد، كاكه مسرور مسعود البارزاني، هو القائل بأن “الأكراد، اعتبارا من الجمعة السادس من مايو/ أيار 2016 ليسوا مواطنين عراقيين، ولا توجد أية روابط ثقة بيننا وبين بغداد”، والحل الوحيد لما يجري هو الانفصال بالنسبة لنا”، فـالتعايش الإجباري في العراق لا فائدة منه، لكونه بلداً قد فشل في كل شيء“.

كما صدر عن رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، يوم16 تشرين الأول الماضي، 2018، بيان جاء فيه “في مثل هذا اليوم قبل عام وقعت كركوك تحت الاحتلال، وإن الآلاف من الكرد ضحوا بدمائهم للحفاظ عليها، وإن يوم “16 اكتوبر يوم مظلم في تاريخ شعبنا الكردي، وهو يوم تمَّت فيه خيانة آمال وطموحات شعبنا الكردي المظلوم.

ومن عرف مسعود البرزاني، عن كثب، من قبل احتلال الكويت 1990، أي من أيام لجنة العمل المشترك، ثم أيام مؤتمر بيروت 1991 وبعده، ومن حضر مؤتمرات المعارضة العراقية السابقة، وخصوصا آخرها في صلاح الدين 2002، واستمع إلى خطاباته، ولمس قوة تمسكه بتحالفاته مع مخابرات النظام الإيراني والأحزاب الأسلامية العراقية المولدة في إيران، يدرك أن حديثه عن (آمال وطموحات شعبنا الكردي المظلوم)حديث خرافة، ومغالطة من الوزن الثقيل.

ترى هل يقف أصحابُ العقول النيرة والضمائر النقية من أشقائنا الكورد في وجه المغامرات والمغامرين، والمقامرات والمقامرين، قبل فوات الأوان؟؟.