23 ديسمبر، 2024 6:58 م

باب ماجاء في احتفالية الوزير !! (02)

باب ماجاء في احتفالية الوزير !! (02)

اســتـدراك:
هُـنا لا ندافع عـن ( الوزير) أو نتعاطف معه ؛ ولا ننشر غـسيلا ؛ ولا نتحامل ؛ بقدرما نضع سياق المعطيات التاريخية في نسقها الطبيعي الذي كانت عليه ؛ كاشفة جانبا من الوجه الخفي الذي يتحَـرك جوانية الممارسة المسرحية ؛ ذاك الوجه الثاني للاحتفالية و( فـقيهها) من زاوية ما نـراه ؛ وحَـسب ما نطقت به الأبواب ؛ وليس كيف ما يراه الغاوون؛ وإن كان البعْـض ولازال يتعامى ويقفز على عـدة محطات أساسية ؛ محطات كانت عطبا في صيرورة ومصير الحركة المسرحية ببلادنا ؛ فالمبدع الحقيقي أو المثقف الحقيقي لا يمكن إلا أن يكـون معارضًا، فهو الحكيم والعَـرّاف والمعالج، وهل ثمة حكيم لا يعارض الحمق والجنون؟ وهل ثمة طبيب لا يخاصم الأمراض ولا يعارضها ولا يفكر في استئصالها؟
إذ مصيبة المسرح المغربي في مملكة رب العالمين ! أنه فرز جملة من العميان ؛ أغمضوا أعينهـم على بهتان (الإحتفالية) و( صاحبها ) إما جهلا أو شراء أو مساومة ؛ ولكن لا نبخَـس حقَّ البعْـض؛ وهم موجودون في كتاباته ؛ وإن كانوا على الهامش؛ كمرجع لبناء المضاد من القول. لأن هنالك أجيالا تعاقبت وممارسون مسرحيون ؛ أفرزتهم مرحلة الثمانينيات وما بعْـدُ من ( ق، م ) لا تمتلك مصادر الخيوط المتشابكة والتي تلاعَـبتْ وساهمتْ إلى أبعَـد الحُـدود في تضبيب تاريخية الحركة المسرحية ؛ لأن الإشكالية تكـْمن في عمق العملية المسرحية ببلادنا وذلك: بسيادة مفاهيم ومقولات خاطئة كثيرة؛ انتشرت بين الناس ولا تزال عالقة في أذهانهم؛ وبات من الضروري وضعها على طاولة الفحص والمعاينة الموضوعية بعيدا عن الأدلجة وقولبة الأمور(1) هذا سعينا له فيما مضى؛ ولكن انطلاقا من التدوينة التالية (( شيخ ما تسمى الاحتفالية كان رئيسا للجنة الدعم السينمائي ويدعو لمحاربة الدعْـم المسرحي))(2) فتحت لنا بوابة النقاش؛ فثارت ثائرة الأخ – عبد الكريم برشيد – ولم يستحمل هاته الإشارة؛ التي كان بإمكانه مناقشتها بهدوء ؛ وفي سياق جـدل مُـعقـلن ؛ لكن وصلتْ به سفائف الأمور من خلال ردوده علينا. ردود متشنجة ومنفلتة عـن عقالها لفقيه ( الاحتفالية) الذي أضحى يجتر ما قاله سنوات وسنوات؛ ونفس الخطاب يتردد في ردوده؛ وقبل هاته الردود. وإن سعينا نقاشه فكريا وفلسفيا؛ لكِـن عُـقدته التي يتحَـرك فيها هي الدعم المسرحي (؟) الذي لم يعُـد يستفيد منه كل سنـة وبانتظام ؟ وعقدته الثانية تتشكل في وزير الثقافة الأسبق- محمد الأشعري- ( ؟ ) ومن خلال هاته العقـدة ( المتفردة ) اتهمني بالحـرف بأنني مُسخَّـر من طرف ( الوزير) ؟ عجائب حتى في الوهْـم ! ومنه قال: (…والمهم هو البحْـث عن أرض غير أرض عَـرفتُ فيها الحصار من طرف سيِّـدك وولي نعمتك المدعو محمد الاشعـري…. كما أن مسرحيتي ( يا ليل يا عين) والتي لم تكن مدعمة من وزيرك، والتي أقصيت من المهرجان الوطني بتطوان ، ذهبتْ الى المهرجان الدولي بالجزائر…. وفي تلك الأيام السوداء، والتي حاربت فيها وحدي، كان الجميع يتفرج ويتغـذى ويتعشى على مائدة الوزير، أو على فتات مائدته التي هي من المال العام…)(3) فهذا القول: هل يمكن أن يصدر ممن يَـدَّعي التنظير؟ ولكنه صَـدر من [ عبدالكريم برشيد] أمثل هذا الكلام التافه ؛ ألا يفـْرض الضحك والتـفكه ، وضرب الأنخاب ! على أنه فعلا أمْـسى الحمق أو الجنون يدنو بشكل علني لفقيه ( الإهتبالية) لأسباب لا عَـلاقـة لي بها شخصيا (؟) ولكي نستوعب أبعاد عقدته مع ( الوزير) حينما سيتمعن المرء في هذا المقطع الذي له ارتباط تاريخي ب (الإحتفالية) لأنه لا يمكن تمفصل الماضي عن الحاضر( افتتحت المندوبية الإقليمية للثقافة بالخميسات يوم 9/7/1996. وكان عبد الكريم برشيد أول مسؤول إداري تم تعيينه لتسيير هذه المندوبية.لكن في غشت سنة 1997 تم الاستغناء26عن خدماته. مازالت أسباب وتفاصيل هذا الاستغناء الموثقة غير معروفة ، لاسيما وأن هذا الاستغناء كان لفترة محْـدودة . فقـد عين عبد الكريم برشيد على رأس هذه المندوبية مرة أخرى سنة 1999.وقد كان تسليم المهام يوم الجمعة 29 يناير 1999.هذه العَـودة الثانية كانت لما كان محمد الأشعري وزيرا للثقافة. بقي عبد الكريم برشيد في موقعه الإداري هذا إلى حين حصوله على التقاعد الوظيفي بداية سنة 2004. ويبدو أن عبد الكريم برشيد كان يرغب في التعاقد معه من أجل الاستمرار في المنصب الإداري، لكن رسالة “شكر وتقدير” بعد الإحالة على التقاعد، موقعة من قبل وزير الثقافة السابق السيد محمد الأشعري ومؤرخة ب 26 ابريل 2004 وضعت حـدا لهذه الرغبة(4) طبعا هاته الفقرة سيؤولها كعادته ؛ ولقد أوَّلـَها باتهمنا وبكل وقاحة ( وعليه ، فإنني أدعُـو للارتقاء بهذا السؤال البوليسي والاستخباراتي، حتى يصل الى درجة العلم والفكر، وأن يناقش الافكار الرمزية بدل ان يبحث في اسرار الناس الخفية، وان يظل في حـُدود النميمة الثقافية)(5) فهل الذي يُنـظـِّر أو يدعيه ؛ يتهم من يحاجج بالأدلة والبرهان؛ باتهامات ( تلك) والتي عِـشناها في زمن الرصاص والحصار؟

مـا نــطـق بــه الــتـاريخ :

الملاحظ أن المونوغـرافية أغـْفلت السؤال الجَـوهري؛ هل كان – برشيد- تابعا لوزارة التربية الوطنية كمدرس للغة العـربية ؛ أم تخلى عن وظيفته ليصبح موظفا في وزارة الشؤون الثقافية وقتئذ؛ أم كان ملحقـا بها ( أو) متعاقـد ا معها ؟ إذا ما نظرنا أنه في سنة 1983 كان مستشارا لوزير الثقافية السيد [ سعيد بلبشير ] وبعْـد ذلك تقلد منصب {مندوب عام } في عهد الوزير السيد[ محمد بنعـيسى] وعين بمدينة ( مراكش) وكان يدافع بشراسة عَـن الوزارة وأنشطتها. ومن الحنين المفقود ؛ توحي لنا خَـرجاته بأنه يستمرأ حلاوة دهاليز وزارة الشؤون الثقافية. وموارد ثرواتها ! كما أشرنا ؛ حينما يتأمل المرء ردود أو حتى خطاب فقيه (الاحتفالية) يستشف الاجترار والتكرار؛ وإنتاج نفـس الخطاب هنا وهناك؛ بحيث يحفظ ذلك عن ظهر قلب ويعيده !! متوهما أن الناس لا تـُدون في ذاكرتها ومفكراتها ما يقال. ونعْـطي مثالا للذين يتدخلون؛ وهـم لا يقرأون ولا يعـرفون ما دوَّنـَه مولاهُـم ( برشيد) في نشرة ربيع المسرح ( … إن هـذا الربيع ؛ قد واكبته وجوه وأقنعة؛ واكبته نماذج بشرية حقيقية وأخرى مجرد دمى قرقوزية؛ فقط دُمَـى تحركها عصي أو خيوط خفية. ولذلك فقد كان هناك من فضل الوقوف في العتمة، مكتفيا بتحريض بعض( الصحفيين)على الكتابة؛ ولعل علاء الدين محسن هو خير مثال على هؤلاء… فهو دخل حربا ليس له فيها عاطفة ولا نافطة. الشيء الذي يفجر الأسئلة التالية: وهـذه الكتابة لمن؟ ولحساب من؟ وما هُـو ثمنها؟)(6) نفسه قيل في حقنا؛ وفي حق الفنان عبد القادر البدوي؛ ولكن بصيغة أخرى وهـذا موثق في النشرة ؛ وقبل هـذا وذاك؛ لنتأمل المفردات القدحية والمجترحة عـن القيم الأخلاقية والمعرفية والحاملة لنوايا السوء ؛ والتي تكشف ( أنا ولا أحد) وبالتالي فكل من مارس رأيه: يعتبره حَـربا ضـده : سبحان الله. فالصحفي علاء الدين محسن والمسرحي البدوي ؛ أليس من حقهما أن يعَـبرا وينتقدا – مهرجان ربيع المسرح العربي ؟ وللعلم أن هذا المهرجان كان تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية التي كان وزيرها : محمد بنعيسى؛ وضمنيا كانت أيادي حِـزب: الأحرار منوجدة فيه ؛ والذي كان مندوبه العام ؟ عـزيزهم – برشيد- والمضحك أنه يدعو بالحرف (…وأن يكون هـذا الحوار بيننا واضحا وشفافا؛ يظهر الأشياء وما خلفها ويرفع الحجاب عن المسكوت عنه؛ ويجهر بالمهموس به. وأتساءل الآن؛ ومن حقي ذلك: هل هناك من يخشى مبدأ الحوار؟)(7) التاريخ يسجل من كان يخاف ويُـرهبه مبدأ الحوار؛ وبالتالي فاحتفالية ( تلك) المفرد في اللآجماعة ؛ تتوهم أنها نظام/ مشروع شمولي ! ولاسيما أن الاختلاف ممنوع في الأنظمة الشمولية ؛ لكي لا يبحث المرء عن الحقيقة ؛ وحقيقتكم تكمن في مسار تاريخكم الذي لا يتمفصل عن اهتباليتكم ؛ التي كانت تسعى ممارسة الإرهاب المسرحي بأساليب خاصة ؛ وبلغـة ماكرة ؛ أساسها تحريض زبانية من كانوا يتلهفون للسفريات والإكراميات لممارسة التصدي لأي حِـوار كاشف وغير مهادن؛ لكن حمدا انتهت تلك الزبانية ؛ وانقلب السحر على الساحر حَـسب قولك:… ووجدتُ كثيراً من أصدقائي ورفاقي القدامى يُساهمون في الحملة على شخصي وعلى تجربتي المسرحية وعلى الاحتفالية، تنظيراً وإبداعاً وتاريخاً، وسار في رِكاب هذه الحملة الصليبية أو المتصابية كثيرٌ من الصحافيين وكثيرٌ من المنابر الإعلامية المأجورة، وكانت النتيجة بعد ذلك، أنَّ هذا الوزير سقط في الانتخابات سقوطاً مدوياً، ولعنَته الجماهير في التجمُّعات الانتخابية، وتبرَّأت منه الدولة (**) وسحبت من تحت مؤخرته كرسيَّ الرئاسة، وألقـت به إلى مزبلة التاريخ (8) فتحليل هذا الكلام يحتاج لصفحات عِـدة ؛ ولكن نختصره بأن أغلب الذين كانوا احتفاليين/ مصلحيين افـْرنقعُـوا عَـن { الوالي وموسمه ! } بعْـدما انتهت مُـدة صلاحية البضاعة ( الفنكوشية) وهَـذا طبيعي؛ لأن (الاحتفالية ) ظهورها بُـنيَّ على باطل لأسباب سياسية مُـدمجة في الفعل المسرحي؛ في أواسط السبعينيات من (ق ؛ م ) تلك الظرفية التي كانت متـَّسمة بالاحتقان والتوتر، فمن خلالها تقـوى المسرح التجريبي/ الهاوي؛ وأمسى وسيلة فنية وجماهيرية للنضال. ولاسيما اندماج الفصيل الطلابي بشكل مكثف وحضور الأحزاب التقدمية واليسارية بشكل أو آخـر في الجمعيات المسرحية ؛ فمن الطبيعي أن يتم البحْـث عن صيغة للاختراق والتشرذم؛ فكانت ( الإحتفالية) لتمييع المسرح من توهجه وحَـركيته إلى نموذج كرنفالي/ شعْـبوي: يُـفعِّـل أشكالا ما قبل التاريخ ( البشري) مما أبيح لها أن تتحـرك ( كـذلك) بين ملفات ودهاليز وزارة الثقافة؛ بحيث كان ( الحضور المتكرر لأسماء تتقاسم مع عبد الكريم برشيد رؤيته للمسرح….. وانطلاقا من معطيات أخرى، يتضح أن عبد الكريم برشيد لم يكن يتصرف باعتباره مندوبا إقليميا يزاول عملا إداريا، يفرض عليه مراعاة اختيارات الدولة فقط ، ولكنه كان يتصرف كذلك بوصفه صاحب “تنظير” وهَـذا هو السبب في تردد … لإلقاء ما كانوا يسمونه “محاضرات” وهي في الواقع العملي عبارة عن كلام مرتجل، كله إطراء لعبد الكريم برشيد ودفاع عَـن” التنظير” وبطبيعة الحال بمقابل مادي يستخلص من ميزانية وزارة الثقافة (9) هُـنا من سمح له بالتصرف في المال العام ؛ أليس ( الوزير) الـذي يقوم مقامه في المدينة ؟ أليس مدير ديوان الوزير له العلم أن – برشيد- كان يعمل على استمالة فعاليات محلية بدعْـوتها إلى المشاركة في “نـدوات” أو إلقاء “محاضرات” أو أشعار وزجل. وكانت هذه الفعاليات تبدو مدافعة عن عبد الكريم برشيد و”التنظير” رغْـم أن كـثيرا من هـذه الفعاليات لا عَـلاقة لها بالمسرح (10) أليس الأمر يدعـو للاستغراب ؛ لأن تلك المعطيات من واقع معاش؛ وفي فضاء معلوم؛ لكن الأخطر في بقية الهامش؛ صور سوريالية من صانعها ؟ كمحاولة لإبقاء- برشيد- في الوزارة بأسلوب التمديد: ( لكن هذا الدفاع زال بعْـد استقرار عبد الكريم برشيد بمدينة الدار البيضاء لما أحيل على المعاش ابتداء من سنة 2004 باستثناء واحد مازالت مصلحته مرتبطة به. وقد بعثت مجموعة من هذه الفعاليات رسالة رسمية إلى وزارة الثقافة تلتمس من خلالها التمديد لعبد الكريم برشيد على رأس المندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة بالخميسات. هذه الرسالة كانت “من رؤساء الجمعيات الثقافية” وأسفل هذه العبارة وردت عبارة “مثقفي إقليم الخميسات” حسب الرسالة. وهي صيغة عامة لا تعكس الحقيقة ، إذ لم توقعها على سبيل المثال “جمعية الجرس للمسرح والموسيقى” وجمعية “مسرح نون” ووقعها أحدهم بوصفه ” فاعِـلا جمعَـويا ” حسب الرسالة. أما آخر فوقعها مرتين وبصفتين. الصفة الأولى هي:” مثقف وزجال وباحث” والصفة الثانية تتعلق بمسئولية إدارية هي “مدير مركز اليونسكو بالمغرب” ولذلك فصفة “مثقف” لا توجد إلا بالنسبة إلى هـذا الشخص في الرسالة. ومع ذلك استعملت في هذه الأخيرة عبارة “مثقفي إقليم الخميسات” وأنا هنا أسجل الوقائع النصية فقط..(11) وبدورنا نسجِّـل مـا نــطق بــه الــتـاريخ ! لكي يفهم أي مهتم كـيْف نمت (الاحتفالية) وكيف كانت حَـركية المسرح المغـربي من خلال الوجه الثاني؟ لمحاولة القبض على منطلق الخيط المتشابك ؛ ممن يعتبرهم البعض رموزا مسرحية !! وبالتالي فعـدم التمديد تحَـول إلى وهْـم الصراع مع الوزير :

ما جاء في احتفالية الوزير:

منطقيا ليس كل الرغـبات الخارجة عَـن طبيعتها أو قانونها ؛ يمكن أن تتحقق. لكن السيد – برشيد- يريد أن يكون كل شيء ؛ وجوانية الأشياء كينونته ؛ لكن توقفت كينونته بعَـدم التمديد. والغريب جدا أنه اعتبره قرارا أحمقا و مضحكا !! إذن ” فكُـل من أحيل على التقاعد (عليه) أن يعلن حَـربا ضد إدارته ” وفعلا أعلنها حربا( دونكيشوتية) معلنا أنه تعَـرض للحصار(ولكلِّ أنواع الإبعاد والتهميش والإقصاء، وما زالت تداعيات ذلك الحصار الجائر والظالم تلاحقني إلى اليوم، وكلُّ هذا لماذا؟ فقط لأنَّني كاتبٌ يكتب، بمداده وقلمه وبأفكاره…. كلَّ هذا الخوف المرضي، من الكلمة وأهلها ، لم يأت من أهل الجاه والسلطان، ولكنَّه أتى من مثقَّفٍ قديم وغشيم… مثقف تسلق أعتاب وسلالم السلطة، بدل أن يرتقي مدارج الخلق والإبداع، وفي لحظة حمقاء وعمياء وصمَّاء…أصبح هذا المثقَّف المتسلِّق مسؤولاً كبيراً في غفلة من العقل والمنطق، وبين ليلة وضحاها، ومن غير مقدِّمات ولا حيثيات، ومن غير أهلية ولا خبرة ولا شواهد علمية، وجد نفسه وزيراً، يقول كلاماً تافهاً ويسمع السامعون، ويأمر أوامر قرقوشية ويطيع الطائعون، ويصدر قرارات حمقاء مضحكة ويصفِّق الهتاَّفون…. وقـد وجدتُ نفسي بعد ذلك أدفعُ ثمن صدقي، ووَجَـدتُ الكـذَّابين والمنافقين والمتملِّقين ينالون الجَـزاء الأوفى (12) هنا نتساءل قبل أن يكون رئيسه في وزارة الثقافة ؛ كان رئيسه في اتحاد كتاب المغرب عام 1989 وبقي على رأسه لثلاث ولايات متتالية. آنذاك هل كان قبل أن يصبح وزيرا: يقول كلاماً تافهاً ويسمع السامعون، ويأمر أوامر قرقـوشية ؟ هل فعلا كان مثقَّفا قـديما وغشيما ؟ ألمْ يرتقي مدارج الخلق والإبداع ؟ إذن كيف أصبح رئيسا للاتحاد ؟ بغض النظر عن الملابسات المتداخلة بين الأحزاب واتحاد كتاب المغرب ( أنذاك)؟ الإشكالية هاهنا؛ تفرز لنا الخط البياني للحَـركة الثقافية والمسرحية ! لأنه في ظاهـركلام ( الإحتفالي) يبدو أنه هجوم وحَـرب ضد الوزير السابق محمد الأشعري، وتعْـرية أوراقه ! بالعكس فالوضعية تتخـذ خطين محـورهما ( الاستغناء عنه/ تقاعـد ) –
1) لفت الأنظار على أنه الأحق بوزير الثقافة في المغرب عـوض الأشعَـري؟ وهـذا ما هَـمس وصرح به العـديد من المثقفين أنذاك. لأن طموحه كان كذلك ؛ وبالقرينة ينتهي أي تحليل وتـفسير بحيث يقول: من خلال سؤال مفاده: هل تقبلون في يوم ما بتقـلد منصب تيقنوقراط في وزارة للثقافة ؟ : كان من الممكن أن أقبل؛ لـَوْ أن هـذا كان قبل عشر سنوات؛ أم الآن؛ وقـد أصبح وضع الثقافة المغربية مميعا بالصدقات والعطايا وبالصفقات المشبوهة؛ وأصبح للإبداع الأدبي والفني سوق كبير؛ وأصبح لهذا السوق تجار و سماسرة يفهمون في الأرقام ولا يفهمون شيئا في الأفكار والمعاني؛ فلا أعتقـد أنني من الممكن أن أقبل. ولقد أعلنت مؤخـرا انسحابي من هـذه الوزارة ، ووضعت في اعتباري الحقيقة التالية؛ وهي أنه لا وجود اليوم لشيء يسمى وزارة الثقافة في المغرب (13) لنتذوق ما بين الحـروف؛ ليفهم اللبيب والمتمكن في أسرار اللغة ؛ حقيقة المضمر من الحوار ! ولكن الجميل أن منطوق وهْـم ( الأنا ) حاضرة بقوة في لفظة أعْـلنتُ (انسحابي) وإن كان في الأصل ( تقاعـدا) فلماذا يطلب الاعتذار من الوزارة مادام أنه انسحب منها؟ :(… ويعتقد أن من حقه على تلك الوزارة أن تعتذر له وأن ترد له اعتباره بعْـد عشر سنوات من الإقصاء” (14) والمضحك . لماذا الاعتذار من أصـلِـه إن كان ينفي وجـود (الوزارة) أساسا؟ (…وضعوا في أذهانكم أنه لا وجود في هذا المغرب الجَـديد لأي شيء يمكن أن يسمى وزارة الثقافة، وما هو موجود هو مجرد ملحقة تابعة لحزب سياسي، وذلك في هذا المغـرب الغـَريب، والذي أصبح يقترب من أن يكـون لكل عشيرة فيه حزبها الخاص(15) فهذا القول فيه ما فيه منَ لـعبة { العصيان الثقافي} مبتغاه الحقيقي هـو إضفاء صفة المتمرد والمنقـذ للثقافة المغربية من براثين الفساد من رجل/ مسرحي ( لكنه) متماه مع السلطة. ولاسيما أنه يصرح علنا (…ولقد كنت دائما ليبراليا متحررا، ولم يُـسجل علي يوما أنني كنت اشتراكيا أو ماركسيا، فأنا لا أومن بالطبقية، ولا بالصراع الطبقي(16) تصريح جميل؛ ولكن الأجمل أنه لم ينـجَـر أو يتبعه أحَـد في أوهامه؛ معتقدا أن المسرحيين المغاربة سيجـسدون ( فاوست) المؤمن بالأوهام التي قد تكون معـرية ولها غوايتها ، تلك الأوهام التي يُـشكِّـلها ويغُـلـّفها الشيطان بالجمال الثقافي والاجتماعي، لكي يبيع فاوست نفسه للشيطان في لحظة ضعْـف ! ومن هذا الباب انفضت وافرنقعتْ جَـوقة ( الاحتفاليين) ولاسيما أن هـذا العصيان أصدره قبل سنوات في وثيقة عنونها ب (المسرحيين المغاربة.. المسرح المغربي: فشلُ سياسة أم فشلُ مرحلة؟) وفصلنها نحن تحت عنوان( اهتبالية وثيقة المسرحيين)(17) فمن خلال هاته الوثيقة ؛ نقبض على الخط الثاني من خفايا( التقاعـد) وليس(الانسحاب) كما يدعي :
2) ضمنيا شكـوى وانحناء؛ للجهات المسؤولة . لأن الأمر لم ينحَـصر مع الوزير السابق- الأشعَـري- فلو كان كذلك؛ نجد مبررات وتخـْريجات مقبولة ؛ بل : (بدا متحاملا على وزارة الثقافة كإدارة، واعتبر الكلام القائل بتكريم الفن والمرأة المغربيين بتعيين جبران وزيرة للثقافة “مجرد إنشاء، والأساسي في نظره هو النتائج”، مشيرا إلى أنه “لا يقبل أن يكون أي شخص على رأس أي وزارة إذا لم يكن منفتحا وله علاقات جيدة”(18) وبلفظة ليست عابرة نستشف المواربة والمداهنة (…ويبقى أن يكون لها طاقم من الذين لهم غيرة حقيقية على الإبداع والثقافة المغربيين(19) هنا لم تتم الاستجابة لشكواه ؛ فتحامل على الذي بعْـدهـا(… آملا أن يهذي الله “إخواننا الرفاق” حسب قوله، وأن “يترفقوا بنا وبالثقافة المغربية” وأن “يستحيوا مما يفعلون”…. وليس مِلـْكيَّـة باسم التقدم والاشتراكية….. يتضح أن برشيد يقصد بكلامه وزير الثقافة المحسوب على حزب التقدم والاشتراكية المنتمي لحكومة بنكيران(20) يبدو لي : فهذا ليس شكـوى ولا تحـاملا ؛ حَـسب الاستنتاجات بل أراد أن يكـون معمرا (ك)[سيدنا نوح ]عليه السلام في قلب وزارة الثقافة والاتصال ؟ وبالتالي فهل (المنظر) ينزل لهذا المستوى من الانحطاط الثقافي والسلوكي؟ أين العـزة والكبرياء ؟؟
قـبل إقـفـال الـباب :

الوزير السابق؛ ولج غمار الكتابة المسرحية ؛ هل غواية أم هواية أم نكاية ؟ فألف نصا [اشكون أنت ؟](21) تلك مفاجأة ؟ إذ اعتبر البعض العمل أنه ينتـقـد استبداد السلطة ؛ والبعض اعتبره محاولة ( لتفكيك الأبعاد النفسية لجنون السلطة من خلال نموذج حي …وأبعد من فضح تداعيات ممارسة السلطة وتجلياتها في من يخضعون لنيرها، ينحو نص “شكون انت؟” لاعتبار مجنون السلطة أول ضحاياها، إذ ينتهي إلى أكل نفسه بعد أن تخونه تقلبات الزمن السياسي وتلقي به إلى الهامش، وينحدر إلى درك الريبة والوساوس والهلوسة الفصامية، وصولا إلى موت نكرة (22) إذ المسرحية في عرضها كانت مناسبة لعبد الكريم برشيد؛ أن يشحـذ أفكاره وبلاغته؛ تجاه العمل وقبل أن يصنفه خارج ( الإحتفالية) ولا يمثل المسرح المغربي في شيء؛ كان عليه أن يعَـري جملة من الملفات ضد الوزير؛ لكن ربما وجد نفسه معني/ مقصود: في سياق العمل؛ ولم يقترب إليه بالنقد ؟ لأن المسرحية أساسا ليست محاكمة سياسية بل تأملا في تراجيديا السلطة التي تصنع وحوشاً؛ وبالتالي يقول: عبدالمجيد الهواس، مخرج المسرحية ( إن نص الأشعري يتقدم بسؤال جوهري عبر العنوان: “اشكون انت؟ سؤال فلسفي وجودي يتمركز حول الهوية. “إن سؤال: “من أنت؟” يخفي ضمنيا سؤال “الأنا”؟.. الأنا المتعددة والملتبسة والتي تبرز في شخصية رمسيس. يقدمها لنا الكاتب في طبيعتها المتحولة. إننا أمام رمسيس1 ورمسيس2 وربما هو شخص ثالث. لعبة الأصل والنسخة …. يتحول هذا السؤال إلى مادة جوهرية لاشتغالنا، فهو يقودنا إلى لعبة المرايا التي تصبح جوهرية في تصميم الفضاء ومن تم فإننا نرى في “الانعكاس” الصورة الدفينة للشخصية…(23) تلك الشخصية هي ( رمسيس) لأن الوزير السابق؛ لم يرد ولو بكـلمة على تهجمات صاحب (الإحتفالية) ربما ترفـعا لمقامه؛ أو كان يستجمع طريقة الرد على ( باب الوزير) بأسلوب مسرحي؛ لأن العمل وفي مؤتمره الصحفي الذي عقد في نادي الصحافة بحضور مخرج العرض، قال الأشعري:( إن العمل بدأ في التسعينيات كنص ذهني ونوع من التفكير في تراجيديا السلطة التي تصنع وحوشاً، وذهب إلى محاولة كتابته في تلك الفترة، لكن عَـدم توافر المسافة الكافية حول الظاهرة وأيضاً لدواعي فنية تأجل المشروع ليعود منذ سنة ونصف السنة لإنجازه، وقد قارب من خلاله علاقة وحش السلطة بالآخرين بنفيهم من حقهم في التعبير والوجود أيضاً، وأضاف إنه لا يعتبر المسرحية التي كتبت بسخرية سوداء محاكمة سياسية، بل هي عبارة عن تأمل في ظاهرة إنسانية، فالوحش تغـذى من نفسه ويأكل نفسه ويولد من نفـسه (24) من هو الوحش هل الممارس للسلطة أم الباحث عنها؟ المفارقة أن المسرحية قدمت مواقف سياسية كذلك من خلال التركيز على شخصية ( رمسيس) وبالتالي( مسرحية “شكون أنت؟! تضعنا أمام بورتريه لشخصية رمسيس الغامضة المركبة “إنه فرعون صغير خبر وتدرج في الدهاليز المظلمة للحكم (25) وفي تقديري بما أن الإحتفالية أكذوبة تنظيرية؛ فصاحبها من خـلال طروحاته يبدو شخصية غامضة …..

إحـــــــــــــــــــــــــــالات :

1) ثورات القرن الماضي بين الحقيقة والتزييف:لحواس محمود في مجلة رصيف 22 بتاريخ 26 /01/2019
2) نشرت في جـداريتي بتاريخ – 03/10/2018
3) رد عبدالكريم برشيد في جـدارية – جناح التهامي- في 04/10/2018
4) منوغـرافية : تاريخ الممارسة المسرح بمدينة الخميسات – ص16 إنجاز الباحث ( أ. ب) سنة 2007
5) رد عبدالكريم برشيد في جـدارية – جناح التهامي- في 08/10/2018
6) نشرة ربيع المسرح العربي عدد6/7 ركن – في الشفافية المسرحية – 4 – ص14- بتاريخ 29/06/1990
7) نـــفـــســــــهـــا
(**) عـينه الملك الحسن الثاني وزيرا للثقافة في حكومة “التناوب” بقيادة عبد الرحمن اليوسفي في مارس 1998
وجدد الملك محمد السادس تعيينه – في تعديل للحكومة المذكورة- في وزارة الثقافة، وأضيفت له حقيبة الاتصال
(وزير الثقافة والاتصال) ثم عينه وزيرا للثقافة في حكومة إدريس جطو في 2012

8) المســرح حاجــة لكــن يمكــن تزييــفها – حوار مع عبــد الكريــم برشــيد: في صفحات سورية حاوره/ أنوار محمد بتاريخ 5/04/ 2009
9) منوغرافية : تاريخ الممارسة المسرح بمدينة الخميسات – ص18/19
10) تاريخ الممارسة المسرح بمدينة الخميسات – من هـوامش منوغرافية تحت عـدد34:
11) نـــفـــســــــهـــا
12) المسـرح حاجـة لكـن يمكن تزييـفها – حوار مع برشيد: في- صفحات سورية – حاوره / أنوار محمد
بتاريخ 5/04/ 2009
13) مجلة اتحاد كتاب الأنترنت المغاربة- حوار مع برشيد أجراه: عبده حقي في 12/05/2015
14) وجهات نظر المثقفين في استوزار ثريا جبران: بقلم حكيمة أحاجو/أسبوعية المشعل في 19/11/2007
15)المسرحي برشيد يُطلق النار على وزير الثقافة – الكاتب : رشيد صفر- صحيفة أنفاس: في 09/06/2014
16) انظـر حواره في مجلة الهيئة العربية للمسرح بتاريخ 24/ 07/2012
17) تصفح: اهتبالية وثيقة المسرحيين بقلم : نجيب طلال صحيفة دنيا الرأي في 10/12/2008
18) وجهات نظر المثقفين في استوزار ثريا جبران: بقلم حكيمة أحاجو/ في أسبوعية المشعل 19/11/2007
19) نــفـــــســـــــهــــــا
20)المسرحي برشيد يُطلق النار على وزير الثقافة – الكاتب : رشيد صفر- صحيفة أنفاس: في 09/06/2014
21) اشكون أنت ؟ عـمل أنجزته فرقة مسرح أفروديت من إخراج [ عبد المجيد الهواس] سنة 2013
22) موقع الجزيرة “شكون انت؟”.. فنتازيا تسبر أعماق المتسلط بقلم نزار الفراوي- الرباط- في 17/02/2013
23) موقع كود-“أفروديت” تجر محمد الأشعري إلى المسرح. الأشعري يصفي حساباته السياسية على الخشبة في 22/01/2013
24) مجلة سيدتي :وزير مغربي ينتقد الاستبداد في مسرحية متابعة ـ فتيحة النوحو في 19-01-2013
25) عبدالكريم الجويطي موقع كود-“أفروديت” تجر محمد الأشعري إلى المسرح. الأشعري يصفي حساباته السياسية
على الخشبة في 22/01/2013