بلا عمامة سوداء أو بيضاء أو نجوم تتلألأ على الكتف كالقادة العسكر وبلا عباءة قسيس ولا صليب أو كتاب سماوي ولاتقديس آلهي بل بموقف مبدئي ونضال أنساني وايمان يرتبط بحق شعب فقير وطيب نهبت ثرواته من أقلية بيضاء أستعمارية لكن هذا الشعب الأسود البشرة يخزن في أعماقه روح النضال والمقاومة وحب الحرية والأستقلال بلا هوادة وقدم التضحيات الغالية بوحدة شعبه وايمان منقطع النظير بالأنتصار وبقيادة المناضل العنيد نيلسون مانديلا الذي قضى بالسجن 27 عاما ليعلن أنتصار قضية الحرية والأستقلال بدون أن يضطهد أو يقتل البيض الذين ولدوا في حنوب أفريقيا أو يهدم كنيسة أو جامع أو يفجر معسكرا للبيض أو شاحنة قرب مدرسة للبيض أو محلا تجاريا لهم , بل أستخدم الكلمة الشريفة والتظاهر السلمي ليكسب العالم لقضية شعبه و ليعلن ألغاء العبودية الى الأبد وطرد المستعمرين البيض من التحكم برقاب الأفارقة السود ليبني وطن يضاهي به العالم وليكون أنموذجا رائعا للحضارة والأنسان في القارة السوداء وليتوجه أبنائه الى استغلال ثرواتهم بجد وأخلاص ونزاهة وشرف ليبنوا وطن رائع أسمه جنوب أفريقيا , ليكون قبلة للسواح من كل أنحاء العالم ومزارا لهم يفخرون به , لقد زرع مانديلا حب الوطن والحرية في نفوس شعبه والجيل القادم الذي عاش شيخوخته وقرأ تاريخ نضاله ليطلق عليه لقب قلما يطلق على قائد في العالم : بابا مانديلا … والعظيم في مانديلا أنه غفر لجلاديه قسوتهم وظلمهم بعد أن اصبح قائدا للبلاد ورمزا للحرية والنضال في العالم .
زرت شخصيا قبل أسبوع , الجزيرة التي سجن فيها مانديلا وغرفة سجنه ولم يسعفني الحظ بزيارته شخصيا لرقوده تحت الأنعاش في المستشفى , لكني ألتقيت بالشعب الذي أحبه حتى العبادة وحملني البعض نصيحة لشعبي في العراق : أن الحرية يقودها الشرفاء فقط من اصحاب المبادىء والخلق لامن يرتدي لبوس الدين مهما كان مركزه … المجد والخلود لبابا مانديلا الذي مات وهو لايملك الا قميصا وبدلة ليدخل التأريخ كقديس نبيل .