7 أبريل، 2024 10:16 ص
Search
Close this search box.

بائعة البخور تحت قبة البرلمان

Facebook
Twitter
LinkedIn

من بين كل الوجع العراقي العتيق هناك قصص مؤلمة,تحكيها طفولة العشوائيات المهملة,في بيوت لم يدخلها الفرح منذ عقود,وجوه شاحبة انهكها التعب, يلف اعناقهم لهيب حر الصيف,احياء ومدن تتشح بالسواد والالوان الغابرة,ايتام وارامل وكبار السن واشياء لم تغيرها الاحداث,
وفي الجانب الاخر,ينحدر الضمير ويسقط في هاوية الدجل الممنهج,شيوخ بعمامات بيضاء وسوداء, سنة وشيعة,وافندية الريف الحديث,كلهم يضحكون بأستهزاء على الشعب الجريح,
لقد تم تأمين حياتهم وحياة ابناءهم حتى الظهر السابع……
ماذا يمكن ان يقول لنا البرلمانيون عن الطفلة البريئة زهراء,التي استشهدت في تفجيرات مدينة الصدر الاخيرة,وهي تبحث عن قوتها وقوت اخوانها الايتام في مجالس المأتم,
اين حقوق هذه الشرائح المعدمة,وكيف استطاعت عقولكم وضمائركم ان تعمل ليل نهار من اجل تشريع قوانين ترفيهية تخص رواتبكم الضخمة ومنافعكم الاجتماعية والطبية والسكنية والامنية,
ثم كيف يمكن لنا كشعب مسلم ان نقبل بهذه المهازل (رواتب رؤساء خيالية  لمجالس الحكم والوزراء والبرلمان السابقين والحاليين) , لدينا مئات بل الاف القصص الشبيه لهذه الحالات البشعة,فهي تعكس بشاعة الطبقة الحاكمة,والمؤسسة الدينية لاسيما الشيعية منها,التي تكفر تقريبا من يمتنع عن مدها بأموال الخمس السنوي(ضريبة الدخل الشيعي),والمجتمع الذي ابتعد عن الوشائج الاجتماعية وصلة القرابة والرحم,فنبينا محمد ص كان يتيما ,لكن بني هاشم تكفلوا به بعد الله سبحانه وتعالى,فأين شيم العرب من ابناء عشيرتهم الايتام, الذين يفترشون الارصفة ويملؤون تقاطعات الطرق ,بحثا عن لقمة الشرف.
ان الحكومة والبرلمان العراقي يتحملان مسؤولية اخلاقية ووطنية تجاه شعبهم,وبالاخص في مسألة معالجة ملف الفقراء والايتام والارامل ,عبر العمل بجد من اجل انتشالهم من شوارع التشرد والارهاب, وتشريع قوانين واضحة وصريحة تضمن لهم كافة حقوقهم في العيش الكريم,وحصولهم على بقية مقومات الاستقرار الاجتماعي ,كتوفير فرص العمل والسكن و التعليم والعلاج المجاني,
اسوة ببقية البلدان النفطية,
 (الذي ينقاش حاليا اضافة منحة تلاميذ المدارس, ويقطر عليهم بقطارة البخلاء بعد الغنى,يعرف ان الفقير اذا اغتنى اصبح فقيرا ببخله,ولكن الطامة الكبرى عندما يكون فقيرا على نفسه والاخرين,كالحالة المرضية التي كانت عند المقبور صدام ,,ويبدوا انها انتقلت الى خلفه حاليا)
,ليس منة من احد ,فهي في الاخر اموال الشعب,فرواتب المسؤول المقصر هي كأموال السحت,بل تعد احيانا سرقة وعملية قذرة لغسيل الاموال(والا ماذا يعني انك عضو في البرلمان ولاتحضر جلساته)
,المستمرة من قبل بعض المسؤولين,دون ان تتحرك الحكومة او القضاء العراقي في ملاحقتهم بحجة الحصانة الحزبية او الطائفية او البرلمانية والوظيفية,اذن رجاءا لاتمسكون علينا اموالنا واطلقوها.
ان الوضع الفوضوي المتردي في العراق,واستمرار حالات التلاعب الاعلامي الرسمي للتغطية لما يحدث على ارض الواقع,والتراجع السياسي الملحوظ ,والذي نسمع عن اتفاقات تتم تحت الطاولة ,يراد منها تمرير قانون انتخابات جديد بعنوانه, لكنه مفصل على مقاسات الكتل الحالية,بعد كل هذه التجارب المرة,ورحلة الفشل المخزية والمخجلة والمتراجعة لعملية المحاصصة والتوافق السياسي,
بات الوضع الداخلي يشهد حالة من الغليان  والرفض الشعبي الشامل لكل الكتل والشخصيات المهيمنة على العملية السياسية الحالية,وهي حالة وطنية صحية تبحث عن حلول جذرية,وتعمل من اجل ايجاد بدائل الانهيار والفوضى  ,وتطمح الىانهاء العنف الطائفي والارهاب الخارجي الدخيل, بغية الاستقرار السياسي الطويل الامد في البلاد.
ان الفقر افة تستفحل بمرور الزمن ,لتظهر لنا ولو بعد حين بصورة مشابهة لمايحدث في بعض البلدان العربية,من تزايد في حدة التطرف الارهابي,وانتشار ظاهرة عصابات الجريمة المنظمة, والاتجار بالاطفال والاعضاء البشرية,
ولهذا نجد ان الدول الديمقراطية المتحضرة والمتقدمة اقتصاديا ,تبحث في مختلف السبل والوسائل والطرق المتاحة لانتشال الفقراء في مجتمعاتهم,والمحافظة عليهم من التشرد ,ووضعهم بالقرب من الطبقة الاجتماعية الوسطى,فنجد على سبيل المثال لا الحصر,, عندما انتشرت تكنولوجيا المعلومات ساهمت بإيصالها الى ابناء الاسر الفقيرة ,ومن هنا علينا ان نعرف ان احد اهم مشاكل المجتمع العراقي الحالية هي الفقر,بحيث ان اثار الحصار الاقتصادي السابق لازالت تلقي بضلالها على بعض الجرائم المرتكبة في معظم المحافظات والمدن العراقية,
(كحوادث السرقات الدموية,واستهداف الاطفال,واستخدام الرشوى في التعاملات الرسمية,الخ.) ,ولو كان فعل التربية الدينية والاسرية قد اثمر عند بعض السياسيين الفاسدين,لكانت عمولات الصفقات الحكومية,ورشاوى المسؤولين,وحتى اموال المنافع الاجتماعية للرئاسات الثلاث,والمؤتمرات والمعارض الترفيهية التي اقيمت  في الخارج بحجة الاستثمار,كافية لانهاء الفقر في العراق, وقلعه من الجذور………

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب