كانت الكآبة وهي حالة إنكسار مملة تلقي بثقلها على روحي، وتتملكني وتثير الرعب في داخلي خاصة حين أشعر بالغثيان من فرط ماأمر به من ضغوط ومتاعب في العمل والحياة، شعرت بالسيارة المقابلة تواجهني مباشرة ثم تصطدم بسيارتي وتحيلها الى أشلاء. لكن سيارتي كانت الأقوى على مايبدو فتمزقت أشلاء السيارة المقابلة ولم يصب الشخصان اللذان كانا فيها بأذى كبير سوى ببعض الكدمات، لكن السيارة كانت قد إنتهت بالفعل ولم تعد لها من قيمة مالية، وثبت أنها غير قابلة للإصلاح فتم تسقيطها مروريا.. وداعا لتلك السيارة..
كانت الحقيبة شحنت من باريس على الطائرة المتجهة الى إستنبول، ولم أتمكن من اللحاق بطائرة الفجر المتجهة الى بغداد، وأضطررت لركوب طائرة جاءت في النهار التالي، وهنا حصل مالم أكن أتمناه فقد تاهت الحقيبة، ولم تصل الى بغداد، وقيل لي، إن عليك مراجعة الشركة، وكنت فقدت الأمل في اللحظة التي رأيت المسافرين يسحبون حقائبهم وهم فرحون بالعودة وبما في تلك الحقائب، بينما لم تمنحني الشركة سوى وعود بالتعويض المادي الذي قد يأتي بعد شهر، وهي لعبة خاسرة فلم أكن أرغب بالمال، وكنت أريد الحصول على الحقيبة وحسب.
يتلهف الناس للسفر ويشترون ماقدروا عليه وماتمكنوا منه وبمقدار مالديهم من فلوس ويعبأون حقائبهم بالهدايا الثمينة التي يريدون أن يقدموها لأصدقائهم وللمقربين منهم وحين لاتصل الحقائب، أو تفقد تكون النكسة الشبيهة بنكسة حزيران، ولاتعود الندامة والحسرة ذات فائدة تذكر. بعض الناس الأذكياء يعمدون الى الحقائب الصغيرة ليضعوا فيها أغراضهم ويتركون الكبيرة منها، فالصغيرة يمكن أن تحمل وتسحب وتوضع في الطائرة في الخزانة أعلى مقاعد الجلوس فلايعود المسافر قلقا عليها خشية أن تفقد، ولعل البعض تعوّد طوال عمره على هذه السيرة لأنه لايثق بشركات الطيران.
في واحدة من المرات كنت وصديقي مسافرين الى عمان، ولكننا لم نحصل على حقائبنا ونسيناها، لكنني فوجئت بعد نصف عام وأنا في المطار، وعندما قررت التوجه الى مخزن المفقودات، فوجئت بحقيبتي موضوعة على رف عند رأس الموظف الذي فوجئ حين قلت له، إنها حقيبتي، تلك أريدها، وصرت أعد له مافيها من أمتعة وأغراض لكنني تحاشيت الملابس الداخلية، وسلمني الحقيبة..
وصلتني أخبار تبشر بعودة حقيبتي من باريس. لاتقل إنك شبعت وأنت لم تصل الى المائدة بعد..إشتقت الى ملابسي الداخلية..