قال تعالى:(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
قال الصادق عليه السلام:(لا دين لمن لا يدين الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
إن ما يمّيز إسلامنا العزيز عن غيره، أنه شرّع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الجميع بدون أستثناء ـ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ…) ـ وفرض عليهم أكبر قانون رقابي وإشرافي، ضد الظلم والأنحراف والفساد.
إن المجتمع الذي يترك هذا الواجب الشرعي يستحق العقوبة منه سبحانه وتعالى، قال تعالى:(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ۙ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ)،قال الإمام علي عليه السلام:”فأن الله سبحانه وتعالى، لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلاّ لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلعن الله السفهّاء لركوب المعاصي، والحكماء لترك التناهي”.
المسلم الذي أعتنق الإسلام وآمن به، فهو بطبيعة الحال إقرار واذعان منه لاحكامه الإلهية، واعتراف بقيادة أولياءه الصالحين، شأنه شأن الذي يقبل بالجنسية الأمريكية والأوربية، فألامر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية جميع المسلمين في الإصلاح، ولا ينبغي لأي فرد التنصل أو الهروب من هذه المسؤولية الملقاة على عاتقه!.
:
صحيح إن الحاكمية مختصة بالله سبحانه وتعالى، لكن الناس لهم دور فعال ومساهم، خاصة تلك التي تتعلق بالولاية التشريعية، التي أعطيت للأنبياء وبعثوا للناس من أجل الإصلاح، فالقائد مهما كان ناجحاً ومقتدراً لا يستطيع وحده التغيير بدون مساندة ومؤازرة الناس له، وقد أشتكى الإمام علي عليه السلام من خذلان الناس، فقال:
“يا اشباه الرجال ولا رجال،…، قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً،…، وأفسدتم عليّ رايي بالعصيان والخذلان، حتى قالت قريش: إنّ ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب! لله أبوهم، وهل احد منهم أشد لها مراساً واقدم فيها مقاما مني”، وفي خطبة اخرى قال:”هيهات! أن أطلع بكم سرار العدل، أو أقيم أعوجاج الحق”.
كم مرة نادت المرجعية بالتغيير، وطالبت بألاصلاح، ودعت إلى عدم أنتخاب الفاسدين، ومحاسبة الذين ثبت فسادهم! ولا مجيب أن كان على مستوى غالبية أفراد المجتمع العراقي، او على مستوى الزمرة الحاكمة في البلاد، أو على مستوى القضاء، ثم يأتيك من لاحظ له من المعرفة، فيخلط الأوراق، ويضع قدماً هنا وقدماً هناك، يريد أن ينتصل من دينه وإسلامه، ومسؤليته الشرعية بالأمر بالمعروف واالنهي عن المنكر.
لاحظت ظاهرة غيرة جيدة عند بعض الناس، تكررت على مواقع التواصل الأجتماعي”فيسبوك وتويتر وغيرها”من المحسوبين على الأسلام والتدين، يشن هجمة شرسة على الدين ورجال الدين، وينظر للأمور بعين واحدة، فواحد يقول:”لا أنتخب”، وآخر يقول”الدين أفيون الشعوب”، وقائل”سأنتخب العلماني”، وأكثر بشاعة القول:”سأنتخب الفاجر والفاجرة”،
هولاء جاءت أقوالهم نتيجة نظرهم لبعض رجال الدين المنحرفين، أو يقيس الدين بداعش، فأختزلوا الدين فيهم، لكنهم لو كانوا منصفين لنظروا بالعين الأخرى، فمَن حارب الظلم وواجه”صدام المجرم” واعطى الدماء؟و مَن الذي يواجه الارهاب في جبهات القتال الآن؟ أعتقد الإجابة واضحة، ولو أتبعوا قول أمير المؤمنين:(أعرفوا الرجال بالحق، ولا تعرفوا الحق بالرجال)، لما أصيبوا بألأنهزامية أمام الغير.
هل السياسي غير الإسلامي، لايوجد عنده فساد وانحراف؟! هل انتخاب الفاجر مأمون شره؟! والإمام علي عليه السلام يقول:(لاتصحبنّ أو لا تصحب الفاجر فأنه يبيعك بالتافه)!، هل عدم الإنتخاب يسقط عني المسؤلية الشرعية والأخلاقية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!.
اقول: يجب علينا أن نعتز بأسلامنا وديننا وعلماءنا الربّانييون، وأن نأخذ الإسلام الصحيح من نبينا محمد”صلواته تعالى عليه وآله”، ومن إمامنا الحسين الذي يقول:(إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، وأريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”.ً