22 ديسمبر، 2024 10:23 م

اکبر و اطول عملية سطو في التآريخ!

اکبر و اطول عملية سطو في التآريخ!

في احد البنوك كان هناك حوالي ٤٠ مراجعا من زبائن البنك ممن لديهم مدخراتهم و مقتنياتهم مودعة لدى البنك، وفيما هم منغمرون في اجراءاتهم البنكية من سحب وايداع واذا باحد المراجعين يتصرف بعدوانية وفضاضة غير معهودة مع بقية المراجعين بل بدأ بضرب المراجعين الاخرين و تهديدهم بالسلاح طالبا منهم ان يقفوا في الطابور كما يأمرهم هو به و في غمرة غضبه قتل احد المراجعين، فما كان من اثنين من المراجعين ان استغلا فرصة انشغال الشقي بضرب مراجع اخر، و انسلا خلسة خارج البنك و عادا بعد قليل بصحبة شرطي عريض المنكبين سرعان ما سيطر على الشقي و جرده من قطعتي السلاح اللتين كانتا بحوزته. الى هنا يمكن القول بان الامر لم يكن ينطوي على ما هو غريب او خارق..

ما كان غريبا و صاعقا هو ما حصل بعد ذلك. عندما اغلق الشرطي باب البنك و قام بمساعدة الزبونين اللذين كانا قد جلباه لانقاذ الناس من الشقي و بعد ان اعطاهما اسلحة الشقي واعلن بان ما يجري هو عملية سطو و ان على الناس ان يسلموا كل ما بحوزتهم من الاموال و المقتنيات الىه هو و الى مساعديه . العملية استغرقت حوالي نصف ساعة، وسط ذهول و صدمة بقية الزبائن او المراجعين، و اخذ اللصوص معهم ما مجموعه ٢٠٠ الف دولار و اختفوا.

لست متيقنا، عزيزي القارئ، فيما اذا كانت هذه القصة قد حدثت فعلا ام لا؟ …ولكنني اريد منك ان تتخيل ان البنك هو العراق و ان تضرب الارقام الواردة في القصة في” مليون”.
تخيل معي الان :

ان الشقي هو صدام حسين و حزبه واجهزته القمعية التي ربما قاربت مليون شخص.

ان المراجع الذي قتل هم ما يقارب المليون من ضحايا صدام و حزبه الفاشي و اجهزته القمعية.

ان المراجعين الاربعين هم الملايين الاربعون من العراقيين (العدد التقريبي لنفوس العراق).

ان الشرطي الذي دخل البنك هو الولايات المتحدة الامريكية و قواته التي ربما وصلت، مع قوات حلفائها و جيران العراق المتعاونين معها، الى المليون فرد.

ان الشخصين اللذين انسلا الى خارج البنك و جلبا الشرطي هما المعارضة العراقية و احزابها و ميليشياتها و المستفيدين منها من الفضائیین والذين لا يمكن باي حال من الأحوال ان یکونوا اكثر من مليوني شخص.
و ان المبلغ المسروق ليس ٢٠٠ الف دولار وانما ٢٠٠ مليار دولار.
ما تبقی من المراجعین أي ال ٣٨ شخصا هم انا وانت و مايقارب ٣٨ مليونا من العراقيين المتضررين من عملية الانقاذ الدنيئة.

المصيبة ليست في كل ذلك، و انما في ان هذه العملية لم تنته بنصف ساعة، كما في القصة التي اوردتها، لننساها و نرتاح، لا بل وانها ستدخل قريبا عامها العشرين و المصيبة الاكبر انها مستمرة و اللصوص لم يأخذوا النقود و اختفوا و انما يتصرفون كأنهم علية القوم و سادة البنك و الانكى من ذلك هواننا ، انا وانت وبقية ملايننا الثمانية والثلاثين منشغلون بمن سنختار من هؤلاء اللصوص كمدير للبنك و لرئاسة الجمهورية و رئاسة الوزراء …و… و …
اذن و باختصار شدید نحن ٣٨ مليونا من المواطنين نقف و منذ ٢٠ سنة رهائن مخطوفون من مليونين من الحزبيين و اصحاب العمائم و الميليشيات و سقط المتاع من الفضائيين، و عملية الخطف ما عادت تسمى باسمها الحقيقي و انما اصبحت تسمى بالعملية السياسية … فماذا ترون اننا فاعلون؟ و كيف التصرف؟