23 ديسمبر، 2024 3:12 م

ايهما أقرب للصدق تصريح السيد العبادي ام الرئيس روحاني؟

ايهما أقرب للصدق تصريح السيد العبادي ام الرئيس روحاني؟

في علم السياسة توجد وقائع، ومعلومات، وأرقام، ولا توجد ألغاز، وتكهنات، وعندما يأتي ذكر التدخل الإيراني في العراق، فلن تأتي التصريحات والدلائل المطروحة وتقارير الاستخبارات الدولية في خطوطها العريضة بجديد؛ لأن إيران ملئت الفراغ الحاصل في العراق، كما اكد ذلك العميد حسين سلامي في ملتقى “قدرات القوات المسلحة والتعبئة” الذي عقد بمحافظة بوشهر: “أمريكا وبعد 11 عامًا من المعارك الأمنية العديدة، غادرت العراق وتركته يعاني من الفراغ السياسي والأمني”، … وإيران ملأت ذلك الفراغ الأمني في العراق”.
أن التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي مفتوحة في كل الاتجاهات، وأن إيران نجحت ولأول مرة في تاريخ العراق الحديث في التغلغل في مؤسسات الحكم في العراق، والعمل على صياغة شكل أي حكومة، ورسم وجه السياسة العراقية لمصلحتها، وذلك من خلال التدخل في الساحة السياسية الداخلية والخارجية للعراق؛ ودأبت الحكومة العراقية على نفي أي تواجد عسكري إيراني داخل العراق إلا فيما يتعلق بالمهام الإستشارية فقط، إلا أن الوضع لا يبدو كذلك بعد أن أوضحت العديد من المؤشرات دلائل قوية على تواجد عسكري إيراني، فنجد قائد القوات البرية الإيرانية يتحدث عن عناصر رصد واستطلاع تابعة للجيش الإيراني دخلت إلى العراق بالتنسيق مع الحكومة العراقية، بالإضافة إلى حديثه عن تحليق مروحيات إيرانية فوق مناطق عراقية خاضعة لداعش، وجاء تصريح السيد العبادي في مؤتمر ميونخ للأمن الذي انعقد في 12 شباط من عام 2016، بان التواجد الإيراني يقتصر على تواجد عسكري استشاري وليس هناك تواجد لقوات تقاتل على الأرض، لكن الرئيس الإيراني روحاني احرج الحكومة العراقية حينما صرح لوكالة مهر الإيرانية في شهر فبراير من عام 2016، وأشاد بقتال الضباط الإيرانيين في العراق وسورية، مؤكّداً أن (صمود ضباط الحرس الثوري الإيراني في بغداد والفلوجة والرمادي وسامراء وتكريت، وبذلهم العون للحكومة السورية في حلب، مكّن طهران من التفاوض جيداً في مسألة الملف النووي’)
إن التدخل الإيراني في العراق، يعني تورطها في شؤون دولة أخرى؛ لتحقيق مصالح غير مشروعة، الأمر الذي أدى معه إلى زيادة نفوذها في أروقة السلطة في بغداد، ويحتل العراق مكانة كبرى في الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة ليس فقط على المستوى السياسي، ولكن أيضاً على المستوى الديني كذلك، ونتيجة لتلك الأهمية فإنه لا يبدو أن إيران تنوي تفويت أي فرصة في العراق سواء حالية أو قادمة، وما داومت طهران التعلل دائماً في تدخلها بهذا الشكل إلى أسباب دينية تتضمن حماية المراقد المقدسة.
ولا نعرف نصدق من حيث ان رئيس الوزراء ومعه بعض القيادات العسكرية والسياسية تؤكد دائما ان الوجود الإيراني ينحسر ببعض المستشارين الذين يقدمون الاستشارة للقوات العراقية، في المقابل هناك قيادات سياسية وحكومية وزعامات اخرى، تؤكد إن ‘قادة من الحرس الثوري يقاتلون في مناطق متفرقة من البلاد، خصوصاً الفلوجة وسامراء وتكريت’، وظهور داعش في العراق دفع إلى دور إيراني أكثر قوة، خصوصاً في الجانب الأمني والعسكري، وبرغم التصريحات الإيرانية والعراقية الرسمية النافية لوجود قوات عسكرية إيرانية في العراق، إلا أن المؤشرات على الأرض تشير إلى عكس ذلك، وتؤكد ما صرح به الرئيس الايراني، منها:
اولا/ تصريح النائب شاخوان عبدالله عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية والذي اكد فيه، وجود مثل تلك القوات الإيرانية على الأراضي العراقية وذلك من خلال امتلاك لجنة الأمن والدفاع لوثائق تثبت وجود ثلاثين ألف مقاتل إيراني في العراق على الأقل.
ثانيا/ تصريح رئيس مجلس النواب عن وجود عسكري إيراني “إستثنائي” في إطار المساعدة الرسمية ضد داعش وذلك خلال لقاء مع الوطن السعودية.
ثالثا/ كشف مسؤول الحزب “الديمقراطي الكردستاني” في مدينة خانقين (جعفر مصطفى)، أن “أسلحة ثقيلة، وقوة إيرانية تضم مدرعات ومدفعية كانت تتمركز في قضاء خانقين، جرى نقلها إلى محافظة صلاح الدين للمشاركة في المعارك الدائرة في تكريت …. وان الإيرانيين دخلوا عبر منفذ زرباطية ومندلي البريين”، وأنهم “أدخلوا أسلحة ثقيلة عبر الحدود البرية الى مناطق القتال في تكريت، بعد إنهاك المعارك للمليشيات والقوات النظامية”، مؤكّداً أن “الإيرانيين يقدرون بالمئات وجميعهم من قوات الحرس الثوري فيلق القدس”، وفي سياق متصل، كشف مسؤول الأمن في قضاء الدوز التابع لمحافظة صلاح الدين، المقدم فاروق محمد، عن “توجه قوة عسكرية كبيرة إيرانية إلى تكريت للمشاركة في المعارك”.
رابعا/ عن موقع أوريكس العسكري الأمريكي رصده لدبابات وصواريخ إيرانية متجهة إلى معركة “تحرير تكريت”.
خامسا/ الوقائع المبسوطة على الأرض تثبت قتل قيادات كبرى في الحرس الثوري الإيراني على جبهات القتال في العراق مثل الجنرال حميد تقوي وصادق ياري وغيرهم كثير وظهور قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في مواقع القتال في المحافظات العراقية.
سادسا/ أكد قائد القوات البرية الإيرانية العميد أحمد رضا بوردستان عن دخول خمسة ألوية مدرعة إيرانية للعراق ضمن محيط محافظة ديالى، وبعمق 40 كلم.
سابعا/ انتشر فيديو على موقع اليوتيوب تحت عنوان “أول دليل على وجود قوات البيسيج الإيرانية للقتال في سامراء” لأشخاص يتحدثون الفارسية ويقاتلون داعش في العراق.
ثامنا/ تصريحات عديدة تؤكد ان العراق داخل تحت عباءة إيران منها ما سبق ان أعلنه الشيخ علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني عن الإمبراطورية الإيرانية وموقع العراق فيها وكونه عاصمة حضارية وثقافية لتلك الإمبراطورية الفارسية.
تاسعا/ هناك دعم إيراني لبعض المليشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي وهذا ما اعترف به وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي بالدعم الكبير الذي تلقاه هذه القوات من إيران.
عاشرا/ تصريحات المسؤولين الايرانيين بأن التدخل الايراني منع سقوط بغداد وأربيل بيد تنظيم داعش، كما تبجحوا بدورهم في رفع الحصار عن آمرلي في صلاح الدين.
احدى عشر/ تصريحات كنعاني مقدم القائد السابق في الحرس الثوري الايراني التي قال فيها (نحن على ثقة بأن حكومة بغداد ستطلب قريبا ارسال قوات برية إيرانية).
اثنا عشر/ بثت قناة افاق الفضائية في العام الماضي عاجلآ مفاده ان (فخامة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، يدعو الى طرد سليماني، على خلفية تصريحات مساعد روحاني، حول الدور الإيراني وتجاوزه على السيادة العراقية).
كل تلك الإشارات تدعم من دلائل وجود قوات إيرانية داخل العراق، وتدخل أمنى واسع واكده أمين المجلس الاعلى للأمن القومي (علي شمخاني) حينما تحدث أثناء لقائه العبادي قائلا ان «استمرار التعاون بين العراق وايران بهدف تعزيز الطاقات الاستراتيجية والحيوية وان توجه ايران يرتكز على نقل التجارب الى القوات المسلحة العراقية في مجال مكافحة الارهاب»، وهذا التصريح يعد تأكيدا على تعزيز الدور الأمني والعسكري الايراني في القوات المسلحة العراقية.
وقد أدّى هذا الدور برأي المحللين إلى مشاحنات طائفية واسعة بين مكونات الشعب العراقي وأدخلت البلاد في حالة من عدم الاستقرار وغياب الأمن، وهذا ما اكداه السفيرين الأمريكيين السابق والحالي مؤخرا، حيث قال كركور(ايران تسعى لتحقيق ما لم تحققه في 1988 وهو تقسيم العراق وداعش ذريعتها) واكد أيضا سفير أمريكا جيفري(ايران تسعى لجعل العراق مثل لبنان … للإبقاء على حكومة ضعيفة وبرعاية مليشيات تدين الولاء لإيران) ، واتذكر تصريح لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ليس ببعيد عن ذلك، وفي مساءلة لها في لجنة الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، أفادت:
(أن الولايات المتحدة تبذل كل ما تستطيع؛ لتدفع إلى الأمام بمشاركة واسعة في الانتخابات؛ لكنه تضاءل أمام تأثير جهود إيران؛ للتأثير في النتائج بالرشوة، والدعم المالي للمرشحين).
أن التدخل الإيراني “الفج” في عموم العراق بات معلومًا للقاصي والداني وحتى التصريحات الرسمية الإيرانية لا تنكر ذلك بل تتفاخر به، وقبل أن أختم هذه المقالة، سأرمي بسؤالي الأخير، وهو موجه للكافة وأغادر:
ايهما أقرب للصدق تصريح السيد العبادي ام الرئيس روحاني؟