23 ديسمبر، 2024 1:29 ص

ايها المالكي ارحنا باستقالتك

ايها المالكي ارحنا باستقالتك

تداعت الاحداث السياسية في العراق بعد اتهام الهاشمي بشكل مستمر ولحد الان وهي مفتوحة على كافة الاحتمالات ( وهي احتمالات سلبية بمجملها للأسف) . حيث لم يستطع المالكي ان يتعامل مع هذا الملف ايضا بحكمة سياسية تنم عن وعي سياسي منه ,بل وكالعادة ادار الازمة بشكل سلبي دون ان يجعل لنفسه خط رجعة فيها لأسوء الاحتمالات . ويبدو ان هذا هوحال الدكتاتوريات دائما حيث تنعدم عندهم الحكمة والرؤية السياسية الحقيقة حيث لا يعودوا يروا الاحداث كما يجب ويقيموها من وجهة نظرهم الشخصية والتي تكون مشوهة لابتعادهم عن الواقع المعاش . وبدلا من التخفيف عن تداعيات الموضوع ذهب المالكي ليعقد الامور اكثر وظهر هذا في المؤتمر الصحفي الذي عقده على هامش الاحداث هذه والذي اقل ما يقال عنه انه مؤتمر بدون ملامح ظهر فيه المالكي مشتت الفكر واعاد الى الاذهان ما قاله في احد مؤتمرات قائمته عندما قال في حينه ( اخذناها وما نطيها) وكان يقصد ان الشيعة قد اخذوا الحكم ولن يعطوه مرة اخرى لاحد , وفي هذا المؤتمر اعاد ما يشبه هذا الكلام حيث قال لاحدى الصحفيات (لزمي اللاقط لان لوما لزمتيه بقوة راح تفقديه )…. يمكن ان ناخذ كلامه بحسن نية ونفسره بانه كان فلتة لسان لكن عادة فان فلتات اللسان تعبر عن بواطن النفوس .
تاريخ المالكي في رئاسة الوزارة لولايتين انتخابيتين تشير وبدون ادنى شك ان هذا الشخص يبدع في اللعب على التناقضات العراقية الداخلية والتناقضات بين الدول المؤثرة في الشأن العراقي للتشبث بالحكم والتحول لدكتاتور جديد , والفرق الوحيد بين المالكي وبين الدكتاتوريات الباقية ان الدكتاتوريات الاخرى وعلى مر التاريخ قد ولدت من رحم ثورات او انقلابات عسكرية , بينما المالكي قد صنع دكتاتوريته او يحاول ان يصنعها من رحم عملية ديمقراطية اسسها العراقيون بدمائهم , ولكن يبدو ان هذا الرجل قد اقتربت ساعة ازاحته مثله في ذلك مثل كل ديكتاتوريات العالم التي تحفر قبورها بأيديها ويتصرفون برعونة شديده اتية من ثقة عالية بمركزه الجديد ( كدكتاتور) ……فبعد اتهام الهاشمي بتورطه في عمليات ارهابية بدون ادلة حقيقية اخذ يشطح شطحات سياسية ما أنزل الله بها من سلطان…. حيث اقال نائبه صالح المطلك من منصبه لا لشيء لاتهامه له بانه دكتاتور , وهدد البرلمان العراقي بانه سوف يستقيل اذا لم يقم البرلمان برفع الحصانة عنه وكان تهديده هذا سوف يضع البرلمان امام ضغوط تجعله يرفع الحصانة عن هذا النائب , ( وهنا فان المالكي يقارن نفسه بجمال عبد ا لناصر عندما قدم استقالته للشعب المصري بعد هزيمته في الحرب ,وحينها خرج الشعب المصري بأجمعه للطلب من جمال عبد الناصر بالرجوع عن استقالته )ولكن الفرق هنا بين المالكي وبين جمال عبد الناصر هو ان الثاني كان شعبه يرى فيه الامل الذي يستطيع ان يحقق لهم كل طموحاتهم من حياة كريمة ورقي , ببنما المالكي لم يستطع ان يقدم أي شيء للشعب العراقي منذ اول يوم والى يومنا هذا وكل ما كان ينسبه المالكي لنفسه طول كل هذه الفترة هو الاستتباب الامني النسبي الذي قدمه للعراقيين , و اثبتت الاحداث انه حتى موضوع الاستتباب الامني هذا لم يكن منجزة من منجزات المالكي وانما كان لوجود القوات الامريكية التي كانت تعطي معلومات استخباراتية عالية الدقة للحكومة العراقية واجهزتها الامنية وبمجرد انسحاب القوات الامريكية من العراق تراجع الوضع الامني فيه بشكل كبير جدا وتفجيرات الخميس هي اوضح دليل على فشل المالكي في الناحية الامنية هذه … اذا فما هي منجزات المالكي طوال كل هذه السنين ولماذا يتشبث به العراقيون ان رحل ؟ المضحك المبكي في هذا الموضوع ان المالكي وبعد انهيار الحالة الامنية بدلا من حل المشاكل المتراكمة التي ادت الى هذا الانهيار الامني ذهب ليطلب من القوات الامريكية المزيد من الاسلحة والمعدات للوقوف ضد هذه الهجمات .
ومن اللامنطقيات المالكية الاخرى انه وكهروب للامام من مواقف القوائم الاخرى ضده بخصوص سحب الثقة عن حكومته فقد هدد المالكي بانه حال انسحاب القائمة العراقية او التحالف الكردستاني من الحكومة العراقية فانه سوف يشكل حكومة اغلبية سياسية , ومن المعروف ان مصطلح حكومة اغلبية سياسية يقصد بها حكومة اغلبية طائفية تتشكل من الاحزاب الشيعية والتي احتلت المركز الاول (مجتمعة) في الانتخابات الاخيرة , ويمكن ان المالكي اصيب بتشتت فكري حقيقي بسبب ان هكذا خطوة وفي هذه الظروف بالذات سوف تنذر بتقسيم حقيقي للعراق خصوصا في وقت تطالب اكثرية المدن السنية بفدراليات ادارية وهذا يعني ان تهديد المالكي هذا هواء في شبك ولا يعكس الا ضعف الارادة السياسية للمالكي .
اتصور لو ان المالكي يتسم بوطنية حقيقية فان الواجب الوطني يحتم عليه ان يقدم استقالته لرئيس الجمهورية والبرلمان العراقي خصوصا بعد اخفاقاته المتلاحقة في كل جوانب الحياة ويجب ان يقدم للمحاكمة بدل من تقديم اخرين للمحاكمة وهم ابرياء , فهناك موضوعين معنويين تستحق ان يسبقا أي قضية اخرى يحاكم عليها المالكي وهما :-
تأكيد المالكي المستمر على ان القوات الامنية العراقية جاهزة تماما لاستلام الملف الامني وضغطه باتجاه انسحاب القوات الامريكية بشكل كامل مع انه يشغل منصب القائد العام للقوات المسلحة ومن المفروض ان هذا الموقع يعطيه المعلومات الحقيقة عن قدرة القوات الامنية والشرطة العراقية ومع ذلك فقد استمر في الذهاب باتجاه انهاء وجود القوات الامريكية ولم يعط أي اهتمام للدم العراقي الذي سوف يسفك نتيجة انسحاب القوات الامريكية هذه وضعف القدرات الامنية العراقية وخصوصا ان هناك الكثير من المصادر الامنية العراقية كانت تنصحه بان الوقت غير مناسب لهكذا انسحاب امريكي ( وانا هنا لا اريد تزكية الوجود الامريكي ) ,وها نحن اليوم نرى الهزال الامني الذي يجتاح العراق والضحايا الكثيرة التي راحوا جراء استهتار المالكي
بأرواح المدنيين العراقيين .
الموضوع الثاني الذي يجب ان يحاكم المالكي عليه هو ان هذا الرجل قد افقد العراق والعراقيين فرصة سانحة لبناء عراق ديمقراطي حقيقي بعد زوال حكومة البعث بعد الالفين وثلاثة ولكن للأسف فان ممارسات المالكي قد افقد العراق هذه الفرصة واتى بدكتاتورية جديدة ممزوجة بين دكتاتورية الطائفة والدكتاتورية الفردية مع اهمال متقصد لجميع مرافق الحياة في هذه الدولة المنكوبة دائما بزعمائها.
كردستان العراق – دهوك
[email protected]