لم يخطر ببال مخترع “لصقة جونسون” ما ستخلقه هذه اللصقة من اثار جانبية خطيرة على البشرية حيث اسهمت هذه اللصقة اللعينة في جر القادة السياسيين للتمسك بالحكم واعتباره ارثا لايمكن التفريط به وبالاخص منهم القادة السياسيين في العراق
ولو قدر لهذا العالم الذي كان موظفا لدى شركة جونسون معرفة اثار هذه اللصقة الجانبية لشد العزم وابتكر ” مرهم ” يكون اكثر نفعا لعلاج آلم الظهر من ” وجع الراس ” الذي جلبته للبشرية .. ولصقة جونسون تذكرني يوم كلفني والدي وانا صغير لشراء تلك اللصقة اللعينة بعد شعوره بالم في الظهر وما ان وضعها حتى صعب عليه رفعها كونها ” لطشت ” في ظهره .. اليوم وانا اتابع المشهد السياسي العراقي وبعد مرور مايقارب اكثر من خمسين عاما تذكرت ” لصقة جونسون ” التي ارتبط اسمها باسم السياسيين في العراق فحال تسلم هذه الشخصيات وجلهم جاءوا الى العراق من خارج اسواره بعد الاحتلال الامريكي عام 2003 جلبوا معهم كميات من اللصقة اللعينة للعراق سرعان ما وضعوها اسفل مقاعدهم وهم مسترسلين ينظرون ولايفعلون بعد ان وضعوا العراق بارادة خارجية بمنزلق خطير بدايته قتل وتشريد وفقدان ارض وسرقة ورشاوى وسوء خدمات وسوء تدبير ونهايته مجهولة لم يجني الشعب العراقي من هذه الوجوه غير مزيد من الماسي .. ورغم المآسي التي يشهدها العراق ينعم اصحاب اللصقات بامتيازات مالية تجاوزت الارقام القياسية الفلكية حتى دخلت ارقامها موسوعة ” غينيس” ..
وجلهم يعملون تحت شعار “خلي ياكلون مادام خالهم طيب ” وتنفيذ لهذا الشعار سيء الصيت وفي عملية سباق ماراثوني أكل القادة السياسيين كل شيء ورموا العظام يلعق بها المستضعفين ولم تهزهم وتستفزهم نداءات الشعب ولم يستفيدوا من تجارب الماضي عندما وضع الشعب العراقي عام 1958 النقاط على الحروف بعد ان نفذ صبره من فساد قادة النظام الملكي التابع لتوجيهات الحكومة البريطانية .. ففجر ثورته بمساعدة العسكر وكان من نتائجها قتل وذبح قادة النظام ” من الوريد للوريد ” في عملية مازالت اصداها ماثلة لمن عاصرها في تلك الحقبة من تاريخ العراق .. وفي عملية لاتخلو من العنف المفرط قتل ضابط عراقي دون امر مسبق العائلة المالكة ومن ثم قامت مجموعات تأتمر تحت سطوة احزاب سياسية مناوئة للنظام الملكي بسحل رئيس الوزراء نوري سعيد في شوارع بغداد والتمثيل بجثة الامير المدلل عبد الاله وحرقها في مشهد لايخلو من البشاعة .. ونقولها بكل صراحة ان التاريخ لايرحم وتاريخنا يحمل الكثير من عمليات القتل لقادة ومسؤولين غالبيتها كانت تحمل مآسي تندرج ضمن مصطلح الاحداث الدموية الاكثر عنفا في العالم .. ولو تتبعنا مصير حكام العراق من عام 1958 وحتى فترة ليست بعيدة من تاريخ العراق الحديث لوجدنا كل الاحداث لاتخلو من الدم فاغلب من حكم العراق ومنذ اكثر من ستة عقود من الزمن كان مصيرهم القتل الا واحدا هو الرئيس الراحل عبد الرحمن عارف الذي احترم نفسه وتاريخه العسكري فترك منصبه صاغرا لارادة الغير من الانقلابيين الذين ارادوا الشر به ..
فلم يسعَ عارف لشراء ” لصقة جونسون ” واعتبرها عائقا له تحدد حركته وتجعله اسير لها وقد توقعه تحت طائلة الحساب العسير الذي غالبا مايؤدي الى مصير مجهول اكثر بشاعة من المصير الذي واجهه اقرانه من الملوك والرؤساء فترك المنصب منفيا ومات منسيا .. ولو تجاوزنا حدود العراق الى الدول العربية لهزتنا بشاعة نهاية حكم الرئيس الليبي معمر القذافي الذي كان من اكثر الرؤساء المولعين بشراء ” لصقة جونسون ” فجلس عليها مزهوا قرابة خمسة وثلاثون عاما فرغم تصريحاته الرنانة بحق مناوئيه وتأكيداته بابادتهم ” زنكة زنكة ” بعد الثورة العارمة والتي سميت في وقتها الربيع العربي الا انه لقي مصيرا مؤلما حيث قتل ومثل بجثته حتى ” مؤخرته ” لم تسلم من ” قازوق ” وضع في مخرجه وفي مصر لقي الرئيس حسني مبارك نهاية مؤلمة لكنها كانت اقل عنفا مما لقيه نظرائه من الرؤساء والقادة العرب ولم تنفع ” لصقة جونسون ” من حمايته حيث وقف في قفص الاتهام امام خصومه ذليلا يستحق الشفقة رغم كبر سنه .. فيا ايها القادة لتكن تجارب التاريخ درسا لكم والشروع لنزع فتيل فتنة لها بداية وليس لها نهاية من خلال عدم تغليب الانانية على مصالح الشعب وان لاتكونوا ك”لصقة جونسون ” فاخلعوها من من اسفل مقاعدكم بعد الفشل الذريع الذي حققتموه في ادارة البلاد فقد انهكتم العباد .. مع التأكيد بان ” لصقة جونسون ” ستجلب اللعنه عليكم وسيعم شرها وتكون اقرب شبها بلعنة الفراعنة