23 ديسمبر، 2024 10:49 ص

اين يتجه العراق بعد تحرير نينوى ! 

اين يتجه العراق بعد تحرير نينوى ! 

عزيزي القارىء :  العنوان قد يكون غريباً للبعض ومتوقع للبعض الأخر  ، لكن قبل أن تحكم تمهل قليلاً ولا تغضب ولا تضجر ، هل كان عراق موحداً فعلياً حتى نتكلم عن انقسام او تقسيم او فيدراليا؟ هل هناك ضمانات لبقاء العراق كما هو عليه قبل العام 2003، هذه الاسئلة وغيرها كثير يجب وضعها نصب عينك ، فالواقع الحالي يفرض واقعاً جديداً وخصوصاً بعد دخول تنظيم “داعش” لمعظم المناطق السنية ومن ثم تحريرها بتوقيتات متقاربة وعلى يد قوات “ألحشد الشعبي” والحشد العشائري”المنزوع الصلاحية في معظم الاحيان ، وقوات “ألبيشمركة”واكثر من خمس جهات امنية والعشرات من المليشيات التي فاق تعدادها المائة بحسب رئيس الوزراء العراقي الدكتورحيدر العبادي.
مصير العراق بات قراراً خارجياً ولم يعد بإمكان قادته الحاليين فرض واقع جديد عليه برغم مؤسساته العاملة حالياً والتي يلاحظ عليها الكثير من الارتباك وبها فساد ادخل العراق على قائمة الدول الاكثر فساداً في العالم .  توهم الكثير من العراقيين بأن تنظيم داعش سيقوم بتغيير المعادلة وسيفتح لهم أفاقاً للتخلص من الحكومة الحالية بطريقة او بإخرى،  لكن سرعان ما حول المدنيين إلى كبش فداء فتراه يهجر ويقتل بحسب هواه تارة ، ويذبح المدنيين كخراف عيد الاضحى تارة اخرى وما حدث في دير الزور قبل أيام ببعيد. الصحفي غسان شربل كتب في مقالته على صحيفة الحياة قال فيها : منذ العام  2002 أتابع الوضع العراقي من بغداد وأربيل محاولاً جمع الروايات وفهم ما يجري ،  سأشركك عزيزي القارئ في بعض ما يمكن أن يسمعه الصحافي من سياسيين منخرطين في اللعبة العراقية حين يضمنون عدم ذكر أسمائهم.قال: «انتصر الشيعة ولم يصدقوا انهم انتصروا. وهزم السنة ولم يصدقوا أنهم هزموا. تولى الشيعة عملياً السلطة واستمروا في التصرف كمعارضين،  تعاملوا مع الدولة كأنهم سيغادرون غداً ، انتقل السنة عملياً إلى المعارضة لكنهم استمروا في التصرف كأصحاب حق مقدس في الحكم وتوهموا أنهم سيعودون غداً”.
 كل فريق يريد دولته لا الدولة التي تتسع للجميع، أضاع الشيعة فرصة تاريخية حين امتنعوا عن التنازل قليلاً لمصلحة منطق الدولة، وهو ما كان يمكن أن يحمي انتصارهم. أضاع السنة فرصة تاريخية حين امتنعوا عن التنازل لمنطق الدولة الجديدة، وهو ما كان يمكن أن يضبط خسائرهم».كل ما سبق يوحي لك عزيزي القارىء الوضع الهش الذي تعيشه المحافظات العراقية والعراق بشكل عام ، من حرر المناطق بعد سيطرة داعش يقول لن نعيد المناطق لإهلها وأصحابها فنحن اولى بها “ونحن نرسم حدودنا بالدم” وهذا كلام معظم المحررين! تلك التصريحات يجب ان تأخذ بعين الاعتبار وكلام أهل الموصل انفسهم عن عدم امكانية اعادة اللحمة والتعايش السلمي التي كانت موجودة قبل الاحداث هو دليل أخر على ذلك .
الاستاذ احمد عبد الله مثقف واكاديمي من نينوى تحدثت لنا عن رؤيته بالمشهد الحالي قائلاً : ” ستتحرر نينوى ان عاجلاً او اجلاً ، لكن الأنفس لن تتحرر؟ بسبب التعامل الحكومي مع اهل المدينة قبل دخول داعش ، وبعد دخولهم عن طريق العقاب الجماعي لأهل المدينة بإيقاف رواتبهم بشكل تام”، والعقاب الذي سيلحق بالمدنيين بعد تحريرها كما حدث في الفلوجة وصلاح الدين والرمادي من حرق وسرقة ونهب ” وعلى صعيد التحالفات العسكرية بين اقليم كوردستان وبغداد أشاد رئيس الاقليم مسعود  البارزاني، بحسب بيان ، بـ”دور قوات التحالف والقوات العراقية والبيشمركة في الحرب ضد إرهابيي داعش”، معربا عن أمله بأن “يكون العمل المشترك والتنسيق بين البيشمركة والقوات العراقية في عملية تحرير الموصل يسهم في تهيئة الأجواء لتعميق التآخي والصداقة والثقة بين الجانبين”.ودعا البارزاني الى أن “تكون العملية نهاية للمشاكل ومأساة أهالي نينوى”، مشددا على أهمية “أن تكون عملية تحرير الموصل عاملا لمنع ظهور الإرهاب والتطرف الفكري”.الخلاف كان محتدماً في المرحلة الماضية ما بين بغداد واربيل حول آلية تحرير نينوى وحول مشاركة الحشد الشعبي من عدمها ومشاركة البيشمركة او لا ، ويبدو ان الرأي الفصل لامريكا والتي من جانبها وافقت على مشاركة بعض فصائل الحشد الشعبي إضافة الى البيشمركة واعلنت عن جاهزية القوات العراقية لبدء المعركة اول الشهر القادم .العالم الان في ترقب وحذر شديد لما ستؤول إليه الأمور بعد تحرير الموصل ، فكما هو معلوم يسكن الموصل الكثير من الطوائف والقوميات والاقليات والكل ينادي بطائفته وقوميته ويحاول الدفاع والإستماتة بذلك وهذا ما قصدته في مقالي هل سيبقى العراق موحداً كون الكل ينتظر تقسيم الكعكعة العراقية وتحذيرات السيد الصدر يوم أمس بأنه سيقف بوجه التقسيم ، ورفض ارودغان لإستقلال كوردستان  ، وإصرار الكورد على الإنفصال ، ما هو إلا بوادر لتشظي هذا البلد وعدم عودته كما كان على سابق عهده …