لا اريد الخوض كثيراً في احداث ما قبل 2003 ، بل سأبدأ ما بعد هذا التاريخ مباشرة ، اذ الوضع السياسي المتشابك والمعقد ، بعد ان عاش الشعب تحت وطأة سلطان جائر حكم الناس بالحديد والنار ، لهذا لا يمكن ان يتناسى شعبنا ما حملته تلك الأربع عقود المظلمة من ظلم وطغيان لا مثيل له في العالم .
الانتخابات التشريعية التي اجريت في العراق في نيسان/ ابريل الماضي كانت اختباراً صعبا للديمقراطية في العراق لا سيما وأنها أول انتخابات نيابية بعد خروج القوات الأميركية، إضافة إلى أنها تجري في ظل أزمات عدة كادت تسقط العملية السياسية اكثر من مرة .
وعلى الرغم من صعوبة التكهن بطبيعة التحالفات التي أعقبت نتائج الانتخابات بسبب مواقف الكتل السياسية المعارضة للتغير، فهناك الكثير من السيناريوهات مرجحة من التحالفات ستحسم ترشيح رئيس الوزراء المقبل، وجميعها لن يفضي إلى اختيار رئيس الحكومة بطريقة سهلة وسريعة ، اذ يبدو من خلال قراءة المشهد القائم ان عملية تشكيل الحكومة ستكون صعبة وسط الخلافات والرفض للولاية الثالثة .
الكتل السياسية بدأت حراكاً مبكراً خلف الكواليس للبحث في تحالفاتها المقبلة، وبسبب الكم الهائل من الأزمات السياسية والأمنية التي تعاني منها البلاد واتساع التفكك بين الكتل السياسية التي ظهرت بعد الانتخابات السابقة 2010، بات في حكم المؤكد ظهور تحالفات جديدة على الساحة.
وطبقاً لما سبق فإن ملامح الخارطة السياسية التي ستبدأ بالظهور شيئاً فشيئاً بعد إعلان نتائج الانتخابات تشير إلى سيناريوهات محتملة لطبيعة التحالفات المنتظرة وطريقة ترشيح رئيس الوزراء المقبل.
أولى هذه السيناريوهات هو التحالف الوطني يسير متحداً بعد ترشيح مرشحه لرئاسة الحكومة المقبلة ، وطرحه على الفضاء الوطني وميله الثقة وبذلك يصار الى تشكيل الحكومة بسلاسة وهدوء ، ،وهذا السيناريو مبارك من المرجعية الدينية العليا ، وكذلك ايران تقف معه ، والقوى الشيعية الاخرى كذلك ترغب في عدم الخروج من التحالف الوطني ، وهذا الامر صعباً جداً في ظل تمسك دوله القانون بمرشحها لرئاسة الحكومة بعيدا عن التحالف الوطني ، الذي هو الاخر وجد نفسه غير متماشي مع هذا الترشيح الذي جاء بعيدا عن النظام الداخلي وآليات اختيار المرشح المقرة داخل التحالف .
السيناريو الثاني ، هو تشكيل الائتلاف الوطني للكتلة الأكبر بالتحالف مع التيار الصدري “الأحرار” والشخصيات السياسية الاخرى ، والسير دون دولة القانون وترشيح شخصية يتم التوافق عليها داخل الائتلاف الوطني ، وهذا السيناريو يلاقي معارضة كبيرة من الداخل والخارج ، فالحكيم والصدر لا يريدان السير دون التحالف ، وربما بحسب القراءات يسعيان الى استنفاذ كل الطرق من دولة القانون ، ومن ثم السير نحو الأكراد والسنة وتشكيل الكتلة الأكبر وفق قاعدة “شراكة الأقوياء “.
السيناريو الثالث ، هو ما موجود على ارض الواقع ، سير دولة القانون منفرداً مع بعض الشخصيات السياسية من الشيعة والسنة والأكراد ، وتشكيل الكتلة الأكبر وفق مبدأ الأغلبية السياسية ، والمضي قدما نحو تشكيل الحكومة ومن يأتي فليأتي ومن يبقى فالبرلمان والمعارضة مكانه الطبيعي .
هذه السيناريوهات المحتملة لتشكيل الحكومة القادمة ، فيها مفاتيح ، وجميع مفاتيح الحل مودة في ارادة السياسين ، وتأثير الوضع الإقليمي ومدى تأثيره على الداخل العراقي ، فنجاح اي سيناريو من هذه السيناريوهات الثلاث مرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يجري في الوضع الإقليمي للعراق ، وهذا امر لا يجب غض النظر عنه او تغافله .
كما أن المرشح لمنصب رئيس الحكومة المقبل، يجب أن يكون مفاوض جيد وليس بالضرورة أن يكون فائز فقط بعدد كبير من المقاعد، فالمرشح الذي سينجح بإقناع الشركاء بقدرته على تسلُّم المنصب واعطاء الأكراد الضمانات الحقيقية بمنحهم مستحقاتهم المالية ويكون قادر على طمأنة السّنة بشأن شعورهم بالتهميش هو الذي سيفوز بالمنصب.