23 ديسمبر، 2024 5:02 م

اين كنا .. اين اصبحنا .. وكيف ؟

اين كنا .. اين اصبحنا .. وكيف ؟

عبدالكريم قاسم ..علي الوردي ..جواد سليم.. طه باقر.. حسين علي محفوظ.. يوسف العاني ..عزيزعلي.. عبدالوهاب البياتي.. ناظم الطبقجلي.. قحطان المدفعي..كمال السامرائي..فوأد حسن غالي
هذه الاسماء العراقية التي تجعل كل منا كعراقيين نرفع رؤوسنا ، ولا ننزلها للابد الا لله ..انها دفعة واحدة من خريجي الاعدادية المركزية ببغداد عام 1932 ..انها صورة وردتني يقول مرسلها ( وآخرون ) ..اي هناك المزيد ..والمحزن في الصورة انهم يرتدون البدلة وربطة العنق .. – الزي الذي اضطررت لارتدائه كمحامي وبغد مراجعتي للتقاعد الوطنية خمسة مرات اكتشفت ان (الدشداشة) لها هيبة اكبر – وصورة اخرى ربطتها بهذه الصورة كانت بعد تاريخ تلك الصورة بسنتين 1934 تظهر فيها مسيرة لطالبات دار المعلمات في شارع الرشيد تطالب بتحقيق الوحدة العربية يرتدي الطالبات فيها التنورة والقميص الموحد وقصة الشعر الجميلة الموحدة .. هكذا كنا ..مع العرض اننا لم نكن نمتلك حزبا دينيا واحدا سنيا كان ام شيعيا ، وكان ذلك قبل اول مؤتمر شيوعي للعراق بسنتين ،وقبل دخول البعث للعراق بربع قرن الا نيفا ، كما لم يكن لدينا جيش شعبي ولا مقاومة شعبية ولا حشد شعبي ولا ميليشيات ولم يسجل في العراق اربعمائة حزب الا نيفا ولم تكن هناك عشرات الالاف من المساجد المكتظة ، ولا عمرة متكررة للسعودية لنكدس الدولارات هناك ليأخذها ترامب دفعة واحدة ، ولم يكن نظامنا ديمقراطي فيدرالي تعددي يؤمن بالتداول السلمي للسلطة بين قيادات حزب الدعوة ، ولم يكن لدينا الالاف المؤلفة من منظمات المجتمع المدني ومراكز البحوث التي تحوي كل شيء الا الباحثين
باختصار شديد لم يكن هناك كل ما الصقناه على الارض واللصق بعد انتهاء الدولة العراقية عام 2003 واستبدالها بسلطة مكونات ليحصل الخلل التاريخي لنطالب بعده بالتسوية التأريخية .
هذا التراجع غير المسبوق ..ما سببه ..وهل تستطيع كل مدارس العراق اليوم ان تخرج 13 ظاهرة كهؤلاء ؟؟ قبل الاجابة نسأل سؤالا : هل ان ذلك التطور استمر لفترات ؟ الاجابة نعم والدليل ان رصيدنا من العلماء الاحياء صار 3000 عالم حتى العام 2003 ، ولنفترض ان الوضع الامني الشاذ منعنا من انتاج العلماء الا ان من حقنا ان نسأل عن هذه الثروة :اين ذهبت؟؟ ولماذا ذهبت ؟؟وهل يمكن ان تعود وخصوصا انها الخمرة، وبدونها لا يمكن اعادة صناعة العلماء والادباء والفنانين فبلا جواد سليم لا يمكن بناء جواد سليم آخر، كون جواد سليم لديه من بناه ..فمن سيني ابن جواد سليم ، وأين تراكم الخبرات وأين تراكم خبرات مؤسسات الدولة الموجودة في عقول السابقين حيث اننا شعب لا يكتب ويؤرشف خبراته ،وأين الارشيف ان كان هناك ارشيف ؟؟ هل ابقينا آرشيفا ؟؟وهل ارشفنا لجديد ؟؟ اين خبرات نور الدين محمود ورفيق عارف وشنشل وسعيد حمو وسلطان هاشم وعبدالواحد شنان ؟؟ ..ولدنا في 2003 كأننا مقطوعين من شجرة تصرفنا مع (الدولة) وكأن الرئيس صدام حسين هو الذي بناها ولذلك نجد الحوار كائن ايهما افضل صدام ام النظام الحالي والصحيح ان صدام حسين استلم (دولة) من الرئيس عبدالسلام الذي استلمها من عبدالكريم الذي استلمها من الملك ..في كل الاحوال كانت وبقت الدولة وتراكمت الخبرات والقدرات منذ قرن من الزمن .. اما الذي حصل بعد 2003 فهو اجتثاث الدولة تحت عنوان اجتثاث البعث وظل هدف (السلطة) ((خدمة الذاكرة العراقية من خلال توثيق الجرائم والممارسات غير المشروعة لعناصر حزب البعث )) و((تطهير القطاع الحكومي والمختلط ومؤسسات المجتمع المدني والمجتمع العراقي من منظومة حزب البعث )) وهذا افسره بالآتي (( تطهير الدولة من خبرات الدولة العراقية وكفاءاتها المتراكمة لقرن من الزمن)) وهنا حصل الانقطاع وغاب مفهوم الدولة لتحل محلها سلطات وليس سلطة واحدة وغابت ثقافة الدولة ( المواطنة) وحل محلها ثقافة المكونات التي هي قادرة على بناء سلطة الاستقواء المكوناتي ولن تبني دولة والدليل ان المكونات دخلت الدستور اللبناني في الثلاثينيات ولم تصبح لبنان دولة لحد الآن .