الاحداث المتسارعة التي شهدها العراق خلال الاسبوع الماضي بدءا من اعتقال قائد عمليات الأنبار للحشد الشعبي وما رافقها من تحركات عسكرية ومحاصرة المنطقة الخضراء ، ومن ثم اجتماع الرئاسات الثلاث حول ذات الموضوع وانقسام القوى السياسية حول نفس القضية ومع غياب البرلمان ونشر صنوف القوات المسلحة في شوارع بغداد بشكل مكثف وتعنت الحكومة بقرارها وانزعاجها من كل وساطة او تحرك لحلحلة الازمة من شخصيات وقوى سياسية فاعلة يتضح بان السيد الكاظمي مصمم هذه المرة على قراره رغم انه لا يتمتع بنصاب مؤيد فاعل داخل مجلس النواب يحمي حكومته من طرح الثقة بها؛ فلماذا هذا الإصرار ؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات ونحن على ابواب استحقاق انتخابي بحاجة الى ترطيب الأجواء العامة واستقرارها؟ وهل ستجري الانتخابات في موعدها ام نحن على ابواب تأجيل اخر ؟ ومن المستفيد مما يجرى؟.
الجميع يتفق على ان اي حكومة انتقالية مؤقتة مهمتها الاساسية تهيئة الأجواء اللازمة لانتقال سلس للسلطة الى حكومة دائمية شرعية منتخبة ضمن اطار زمني محدد عبر الآليات الديمقراطية وهذه مهمة حكومة السيد الكاظمي واهم فقرات برنامجها الذي اعلنه يوم التكليف داخل قبة البرلمان… وعلى الرغم من ان رئيس مجلس الوزراء كان مرشح تسوية بين مختلف القوى السياسية ، فانه سار بالحكومة والأوضاع بشكل جيد عندما حدد موعد اولي للانتخابات المبكرة وسعى في تهدئة الشارع الملتهب وإنهاء المظاهرات ومعالجة جزء من الازمة الاقتصادية ساعده في ذلك ارتفاع اسعار النفط عالميا ويدير ازمة كورونا الصحية بشكل متثاقل لكنه مقبول مع الأوضاع العامة للبلد ، فهل ما حققته حكومته يعطيه الحق باطلاق يده في كل المواضيع دون ان يستمع لاحد حتى من دعم ترشيحه!!!! بل اكثر من ذلك يبدي مؤخراً انزعاج حكومته من تصريحات صحفية لممثلة الأمين العام للأمم المتحدة وهي البعثة المخولة بمساعدة العراق في ملفات كثيرة اهمها الانتخابات القادمة.
ان الوضع السياسي في العراق اليوم كالتالي: برلمان ضعيف ومنقسم ، قوى سياسية مختلفة بين داعم للكاظمي ومتحفظ على بعض اداءه وشارع ملتهب يعاني من تبعات ازمة اقتصادية وصحية… وفي ظل هذه الأجواء ماذا نحتاج بالضبط؟.
ان الحاجة تدفع الى ترسيخ العملية الديمقراطية والدفع بقوة نحو تهيئة الأجواء العامة وتشجيع الشارع للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي القادم دون ازمات آنية او تصعيد ميداني او إعلامي بالتعاون مع المفوضية العليا للانتخابات والبعثة الأممية والمراقبين الدوليين حتى نضمن انتخابات نزيهة وشفافة في موعدها المحدد في شهر تشرين القادم… اما فرقعة السلاح ونشر القوات وإثارة الأزمات فإنها كفيلة بتأجيل الانتخابات ونسف كل الجهود التي تبذل لإجرائها وقد تؤدي الى ما لا يحمد عقباه ، والبلد واوضاعه لا يحتمل أية هزات ، فاين دور العقلاء؟.