18 ديسمبر، 2024 10:59 م

اين القرود من الاسود ؟!

اين القرود من الاسود ؟!

-1-
من أبشع الظواهر الدالة على الظلم الاجتماعي، ظاهرة تقريب الحكام لأشباه الرجال، ممن يلحق بالأميين، وإبعاد الخبراء والبارعين الأفذاذ ، عن مواقعهم التي يجب ان يحتلونها ..!!
ومن أسباب هذا التهميش، أنّ الموهوبين النابهين ليسوا من المداهنين، كما أنهم لن يحيدوا عن ثوابتهم العلمية والاخلاقية والوطنية .
انهم ليسوا ممن يحتسي كؤوس المجاملات الرخيصة، من أجل المصالح الشخصية، والمنافع الذاتية، فذلك ما تأباه نفوسهم الكبيرة، وخلفياتهم المغموسة بعبق الموضوعية والصالح العام .
-2-
وفي الأدب العربي انعكاسات جلية لهذه الظاهرة، وفيها من البراعة الفنية ما فيها، واليك هذه الرباعية التي قالها ابو الفضل عبد المنعم بن عمر الغساني الأندلسي الجلياني :
قالوا نرى نفراً عند الملوك سَمَوْا
                           وما لهم همةٌ تسمو ولا وَرَعُ
وأنتَ ذو همةٍ في الفضل عالية
                         فلِمْ ظمئتَ وهم في الجاه قد كرعوا
فقلتُ : باعوا نفوساً واشتروا ثمناً
                         وصنتُ نفسي فلم اخضعْ كما خضعوا

قد يُكرم القِرْدُ اعجاباً بخستِهِ
                         وقد يهانُ لفرط النخوة السبُعُ
-3-
أين القرود من الأسود ؟
لقد جاءت هذه الأبيات على لسان الجلياني لتشفي غليل العلماء والخبراء … الذين لم ينصفهم السلطويون، الذين لايروق لهم الاّ مجاميع الكَذَبَة المتملقين لهم … ممن يبيعون ماء وجوههم لقاء الالتصاق بهم .
وهيهات ان يفلح من باع ماء وجهه للحكّام ، وساوم على مبادئه وثوابته .
-4-
ان احدهم لايحمل الا شهادة متوسطة …. ومع ذلك فقد عُيّن في موقع بدرجة تعادل درجة ” وكيل وزارة ” ..!!
وما تعيينه ذاك الاّ لأسباب فئوية معلومة ..!!
وحين يُنحر العدل والانصاف ، ويقوم مقامها الظلم والاجحاف ، وتشيع ظاهرة الاستخفاف بأصحاب العقول والكفاءات الحقيقية، فان ذلك يعني أننا بعيدون كل البعد،عن بناء دولة المؤسسات والأجهزة، التي يتطلع اليها كل عراقي مخلص، وأننا مازلنا نعاني من سيطرة المعادلات التي ما أنزل الله بها من سلطان، والقائمة على تقديم الأصحاب والأحباب وإبعاد الكفاءات من أولي الألباب …
وهذا لايسوغ على الاطلاق ممن يمارس السلطة وهو في الألفية الثالثة .
انهم يريدون ارجاعنا الى القرون المظلمة …
ولكن هيهات …
كلّ هذه الفصول الداكنة يجب ان لاتغيب عن الناخبين العراقيين الوطنيين الشرفاء، وهم يتوجهون قريباً الى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم في البرلمان ومن سيُختارمنهم للمهمات التنفيذية .
قد يخطأ المرء مرّة
ولكن ليس في كل مرّة ، تكسر برأسه الجرّة .