23 ديسمبر، 2024 5:47 ص

اين العراق من صراع القوى العظمى ؟!!

اين العراق من صراع القوى العظمى ؟!!

أن ما يجري في المنطقة هو حصيلة التصادم في المصالح بين القوى الكبرى ، الى جانب الازمات والإرهاب والاستثمار في الجانب العسكري ، والسيطرة على الموارد الطبيعية ، وعلى منابع الطاقة وخطوط انابيب الغاز في هذه المنطقة الحيوية ومسارات عبورها ووصولها ، وبأقل تكلفة الى مصانع ومجمعات منظومة الدول المتصارعة ، فكانت ساحلة الصراع المباشر منطقة الشرق الاوسط ، وتحديداً سوريا والعراق والتي ستكون نقطة التماس المباشر بين أميركا وحلفائها وبين محور الممانعة المتمثل بروسيا وإيران والعراق وسوريا وحزب الله ، لهذا سعت القوى السياسية الروسية الى اعادة قوتها من خلال الدخول المباغت والمباشر والذي فاجأ المنطقة ، عبر تشكيل غرفة عمليات رباعية مشتركة بين الدول (روسيا ، ايران ، سوريا ، العراق ) ويكون مركزه بغداد .
يمكن وصف الاتفاق الامني الرباعي بين ( روسيا ، العراق ، وإيران ، وسوريا) بأنه اتفاقاً امنياً يقضي بتبادل المعلومات الاستخبارية بين الدول الاربع ، ولم يتطور الى درجة التحالف وإيجاد قوات على الارض .
الوضع السوري يختلف عن الوضع في العراق ، لان القوات الروسية تمارس دوراً هجومياً في الجو والأرض لضرب معاقل الارهابيين الدواعش ، وأما في العراق فالأمر يقتصر على تبادل المعلومات الاستخبارية لاغير .
الاتفاق الروسي السوري ، جاء نتيجة لتغير الاوضاع على الارض بعد تقدم العصابات الارهابية ، ومع ذلك لم يرقى الى درجة التحالف ، بل هو اتفاق بين الجانبيين لاستخدام القوات الروسية في ضرب داعش وتدمير بناها التحتية وتقييد حركتها على الارض .
هذا الاتفاق الرباعي اثار حفيظة الجانب الامريكي ، كما ان الموقف الداخلي كان متبايناً فالأكراد عبروا عن موقفهم عبر تصريحات رئيس الاقليم السيد مسعود البارزاني ” ان على الاطراف جميعها التنسيق مع التحالف الدولي في ضرب داعش ” ، فيما السنة كان موقفهم مطابق مع الاميركان واعتبروا ان الروس جاءوا لقتل السنة في العراق والشام .
ربما يثار تساؤل : هل يتطور الى الطلب من الطيران الروسي ضرب مواقع داعش في العراق ؟
نعم ، يمكن ان يتطور ذلك اذا طلبت الحكومة العراقية ذلك ، وان كانت الامور تسير بصورة طبيعية ، مع وجود العدة والعدد في القوات الامنية ومساندة الحشد الشعبي ، ولكن ربما يبقى هذا الامر للمناورة سياسياً .
العراق مقبل على حالة من الهدوء بعد الضربات الموجعة التي تلقتها العصابات التكفيرية في جبهتي الانبار وبيجي ، حيث بدأت القوات الامنية مسنودة بطلائع الحشد الشعبي بحملة عسكرية ، تمكنت من خلالها من التقدم في مدينة بيجي وتحرير مصفاها والتقدم شمال القضاء وأعلن عن تحريرها كاملة ، والذي يمكن ايعاز هذا التقدم الى العدة والعدد في القوات الامنية والحشد الشعبي ، والخطة العسكرية المحكمة والسرية الفاعلة ، وهروب العصابات الارهابية وتركهم لمواقعهم التي كانوا يتحصنون بها ، ناهيك عن القصف الفاعل والمركز للطيران العراقي من جهة ، والروسي في سوريا ، مما ادى الى تقويض حركة الامدادات بين تشكيلات عصابات داعش ، وساهم كثيراً في تقويض حركتهم بين الحدود .
يمكن القول أن الصراع الدائر اليوم بتعقيداته الإقليمية يعّد ساحة حقيقية لانبثاق نظام دولي جديد ، فالولايات المتحدة تلعب اليوم دور المهيمن في حين تلعب كل من روسيا والصين دور المتربص بتراجع هذا المهيمن، فالخسائر الكبرى التي منيت بها الولايات المتحدة جعلها في موقف مضطرب وتراجع نسبي،وسمح في الوقت ذاته لكل من القوى الصاعدة أن تحاول إيجاد موطأ قدم مناسب لمكانتها الإقليمية أو الدولية ، فالتحالف بين روسيا والصين تجاه الأزمات الدولية الكبرى سيجعلها حتما ذات تأثير ودور قوي ولن يتوانى في اختيار الوقت الحاسم لإحداث التغيير في بنية النظام الدولي.