23 ديسمبر، 2024 1:25 م

اين الخلل !! لماذا لايقتل الشعوب الاخرى ملوكهم ؟ …

اين الخلل !! لماذا لايقتل الشعوب الاخرى ملوكهم ؟ …

قبل مدة قصيرة مرت الذكرى 86 لميلاد الملكة الزابيث ملكة انكلتره فوقفت على نهر التايمز لمرور 1000 مركب مزين تحية واجلالا لهذه الملكة (كما شاهدناها  في التلفاز)وتعطلت الدوائر والموسسات في انكلتره ومستعمراتها من اقصى الارض في  نيوزلنده مرورا باستراليا الى اقصى شمال الكرة الارضية وصولا الى  كندا!!!.
خسرت وانفقت  تلك الدول مئات الملايين  من الدولارات نتيجة توقف العمل في يوم ذكرى  مولدها احتراما لها وللعائلة الملكية. فهل هذه  الشعوب شعوب امية او شعوب استهلاكية مثلنا وشعوب غير ابتكارية؟ او اناس تريد التقرب للملكة والتملق لها للحصول على المناصب والهدايا؟!!!
ونحن في العراق صفقنا للانقلابيين العسكر  الذين فتكوا بالاسرة الملكية وسحلوهم في الشوارع  وافنوهم عن بكرة ابيهم بحجة انهم موالون للانكليز والغرب ثم جعلنا يوم قتلهم وفتكهم وسحلهم يوما وطنيا للعراق!!!.
لماذا لا يقوم حفنة من العسكريين الانكليز منذ اكثر من 1000 عام من تاريخها من الهجوم  على القصر والاستيلاء عليها وتوزيع الاراضي على قسما من العمال والفلاحين والمحرومين الانكليز ويطلقون  الشعارات والخطابات الرنانة ويحول الشعب الى قطيع خروف يصفق لكل كلمة تطلق من حلقهم؟!!!!
لماذا لا يفعل الاردنيون والسويديون والدنماركيون واليابانيين…..الخ  بملوكهم  وبامبراطورهم  مثل ما فعل العراقيون بملوكهم.لماذا لا يقوم حفنة من الجيش في الامارات او الكويت بقتل الشيوخ وسحلهم في الشوارع واعلان الجمهورية بعد الغاء الدستور؟بحجة انهم موالون لامريكا ؟.
وحتى الايرانيون طردوا الملك محمد رضا شاه عام 1979 ولكن لم (يفرهدوا) بيته ولم يمسوا املاكه او محتويات بيته  او اقرانه بسوء وحولوا بيته الى متحف يزوره السياح والمصطافين الى شمال طهران حاليا  والمصريون ودعوا الملك فاروق باطلاق 21 مدفعا تحية واجلالا له بعد انقلاب العسكر عليه عام 1956!!!.
اين الخلل في العراق وفي شعبه وجيشه؟ اين الخلل فينا ؟ هل نحن مصابون بعاهات نفسية مستديمة لا نتمكن الشفاء منها وننكر مرضنا كما تنكر الفتاة العذراء  مرضها خوفا من ان لا تاتيها من يخطبها؟ لماذا نختلف عن جميع الشعوب العربية والاجنبية؟.
ونحن شعبا وحكومة منذ عام 1958 ركبنا الحصان وامتشقنا السيف ونأبا النزول عنه  نضرب يمينا ويسارا واصبحنا مثل دون كيشوت الذي يصارع  طواحين , منذ تلك اللحظة التي سالت الدماء البريئة  في الشوارع!!.
ان هذا الانقلاب التي جلبت وعمت ثقافة  سحل الابرياء في الشوارع تكررت  هذا المشهد بعد عام في  الذكرى الاولى لها في شوارع كركوك حيث سحل وقتل جماعة ملا مصطفى البارزاني اكثر من 50 مواطنا تركمانيا بريئا.
والغريب ان احد العراقيين الذين يعتبر  نفسه  عبقريا  وكاتبا يقيم في مدينة الضباب ومدينة السفور والازياء والبذخ في لندن  استشفى بقتل الملك واسرته لان نساء تلك الاسرة كانت سافرة!!! .
الم يحن الاوان لنراجع خطايانا بل وجرائمنا  ونكف عنها؟الم يحن الوقت لنفكر بموضوعية بدون تجاذبات حزبية ومصالح شخصية وطوائفية وعرقية؟ هل كان العائلة الملكية والحكومة حينها بهذه القدر من المساوئ لكي يقتل بهذه الطريقة البشعة  ويهدى اصبع نوري سعيد لجمال عبد الناصر؟والحركة كانت حركة انقلابية من قبل الجيش اي ان الطرف المقابل كان عسكريا منضبطا الى اقصى الحدود ولكن الانتقادات ا لتي وجهت الى الانقلابيين لقتل الاسرة الملكية جعلهم يتملصون من مسوولية قتلهم بحجة ان الفوضى التي عمت كان السبب في قتلهم .
وكل الدلائل تشير ان الانقلابيين وعلى راسهم عبد الكريم قاسم قد خططوا بدقة بالغة لقتل العائلة عن بكرة ابيها حتى لا يرجعوا الى الحكم مرة ثانية.
اليس الشدة والخشونة تولد مثلها الشدة والخشونة كرد فعل لها؟ وهذا ما جرت بالفعل حيث قتل عبد الكريم غدرا من قبل اصحابه  كما غدر هو بالعائلة الملكية التي كانت تحترمه وتثق به , كما يظهر في الفلم الذي يسبق الانقلاب  بفترة  قليلة حيث ابتسامات المتبادلة بين الطرفين عبد الكريم قاسم  والعائلة الملكية ونوري سعيد, بل وجر  جندي من شعره  بعد مقتله وبصق على وجهه!!!.
هل ان وجود الفقر في مجتمع ما تكفي  لكي ينقلب العسكر على العائلة الملكية ويصفيهم جسديا؟!!
فالعراق كان من اكثر المستويات المعاشية في المنطقة والدليل نزوح الايرانيين للعمل في العراق كما نزحت الاكراد الفيلية من الحدود المقابلة في الطرف الايراني من محافظة ايلام الايرانية الى بغداد والمحافظات الجنوبية  ونزوح الاكراد السورانيين من ايران باتجاه الشمال العراقي في بداية الخمسينات ونزوح البادينانيين من تركيا.
لا نريد ان نقول ان العهد الملكي في العراق عهد ذهبي ولكن الذين تلوهم كانوا اكثر ظلما وفسادا واكثر تخلفا حتى آلت الامور بعدها الى عائلة عشائرية متخلفة وهي عائلة صدام حسين حيث حسن المجيد وحسين كامل وشلته ودمروا العراق بمجازفاتهم وحروبهم العشواء.
ومنذ عام 1958 ونحن نعاني من مشلكة الدساتير المؤقتة والدستور الحالي ملغوم كتبت من قبل ايادي معروفة.
وهل ان الذين ورثوا الحكم الملكي استطاعوا التخلص من هيمنة الغرب او الشرق فاسلحتنا كانت انكليزية اصبحت روسية والان اصبحت امريكية فنحن شعوب لا نستطيع ان نتخلص من هيمنة الاجنبي لاننا نستورد التكنلوجيا والمحاصيل الزراعية بل حتى ملابسنا الداخلية من الصين وتركيا وسوريا !!!.فاذا لا تستخرج ولا تشتري الدول الغربية  نفطنا نموت جوعا او نذل  كما حصلت اثناء الحصار في تسعينات القرن الماضي.
ان الهيمنة الغربية منذ سقوط الدولة العثمانية  لم تكن على العراق فقط بل كانت المنطقة مقسمة بين فرنسا وانكلترا ودخلت الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ايضا واستحوذت على قسم من الدول العربية في الخليج وغيرها  بل حتى ان دولا عريقة لها باع طويل في الحكم مثل تركيا اصبحت صغيرة وتحت النفوذ الغربي بعد ان كانت امبراطورية عريقة مترامية الاطراف.
فنحن العراقيون  لم نعد شعوب ابتكارية كما كانت في العهد السومري والبابلي فاصبحنا بعد الحكم العربي الاسلامي شعوب تتكلم وتتفلسف اكثر من ان تعمل ويصرف اوقاته عبثا دون ان يضع طابوقا فوق طابوق فنحن اصبحنا شعوبا تخدم اشياء لا تخدم التقدم والبناء الا ما نذر, كما اتلف انا وقتي بهذه السطور!!!!.
فاي وطنية قدمه الانقلابيون العسكر  لهذا الشعب ؟ هل عالجوا الامن الغذائي في العراق ؟ هل وضعوا دستورا دائميا؟هل بنوا شعبا مسالما ؟
ان كل ما جرى في عهد العسكر في العراق منذ عام 1958 هو ان الحكومة قدمت بعض المشاريع السريعة الغير الستراتيجية والتي تمس المواطن مباشرة  مثل توزيع الاراضي السكنية للعمال  حيث كانت السدود والمشاريع الستراتيجية هي الاولى في العهد الملكي
والسوال الذي يطرح نفسه : لماذا لا يقتل الشعوب والعساكر في الدول الاخرى ملوكهم ؟ويفتك بهم العسكر في العراق ويصفق لهم الشعب؟

ملاحظة لنا مقال قبل عدة سنوات بعنوان :انقلاب 14 تموز بداية عسكرة المجتمع العراق(عسكريتاريا).

[email protected]