11 أبريل، 2024 7:35 م
Search
Close this search box.

ايمان اللامي وحرائق الاسئلة الومضة .. قصة المستقبل ؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

يتفق غالبية النقاد والكتاب والمشتغلون في قضايا السرد الادبي بانواعه ، ان القصة الومضة فن حديث العهد في الادب العربي ، وهذا النوع منالقصص يستخدم لغة مكثفة ، مختصرة جداً ، ايحائية غالباً .. بعيداً عن الاطناب والوصف والسرد الطويل وحشو الكلام والحوارات الطويلة..

وعندما نتوغل في البحث ، فان الملاحظ يؤشر بقوة ان لهذا الفن حالياً رواداً وجمعيات ومواقعاً وكتباً ومسابقات وجوائز َ ، بل اصبح له الان جمهورواسع من القرّاء والمعجبين والمتابعين .. ولقد شاعت على مدى الاعوام الماضية العديد من التجارب التي اتخذت من هذا الفن منهجاً ادبياً او تحولت اليه.

شخصياً اخمن ان عصر السرعة والانترنت وتداعياته وشيوع ظاهرة الادب والنشر الاليكتروني هي عوامل واسباب أسهمت بشكل اضافي في انتشارهذا النوع من الفنون القصصية التي لا تعتمد السرد ولا الحوار التقليدي اساساً في بنائها الفني ، كما وجدتُ شخصياً ان القصة الومضة قريبةجداً احياناً الى الامثال والحكم والوصايا ، وانها تستخدم على نطاق واسع الرمزية والسوريالية واحياناً الفنطازيا كادوات لايصال الافكار والرؤىٰللمتلقي ، كما ان بعض القصص تكون اقرب الى الخاطرة او الاقصوصة الخالية من الحوار الثنائي او الديالوغ الداخلي .

في زيارتي الاخيرة للعراق اهدتني الشاعرة ايمان قاسم اللامي باكورة نتاجاتها الادبية ، كتاب حرائق الاسئلة الذي ضم مجموعة كبيرة من قصصالومضة ، وقد قرات الكتاب حينها ووعدت نفسي ان اتعرض للكتاب لاحقاً ، وها قد حل بين ظهرانينا الڤيروس ( كورونا ) ضيفاً ثقيلاً ، بل مرعباًليكفأنا مرغمين ببيوتنا ، ومن ضمن مجموعة كبيرة مؤجلة من الكتابات والافكار والمشاريع التي كنت امنّي النفس في انجازها طمعاً بوقت فراغ فيزحمة الحياة والغربة والعمل ، وجدتني اعيد قراءة حرائق اسئلة ايمان اللامي ، قراءة نقدية معمقة .

اول شيء حاولت ان اتجرد منه وانا اكتب عن ومضات ايمان هو معرفتي الشخصية لها مذ كانت طفلة وادعة جميلة ، عاشت مع اسرتها قصة كفاحنادرة ، وانا اراها نبتة عنيدة تشق الصخر رغماً عن صلابته وبرعماً متمرداً يفرض نفسه علىٰ نبتة جرداء ، ليقول انني هاهنا وسط امواج من التعثروالخيبات والسيادة الذكورية والارتدادات الاجتماعية والنظرات والنظريات المتخلفة والضيقة التي ترافق ضغط الحياة وصعوبتها .. ورغم انني رايتايماناً توزع الان جهدها بين مجالات شتى كالصحافة والعمل الاداري في فرع اتحاد الادباء في ميسان والتزاماتها الاسرية وكتابة الشعر ، الا انكل ذلك لم يمنعها من معاودة النشر والظهور في منجزها الابداعي الثاني ، حيث صدرت لها قبل شهور مجموعتها القصصية ( فراغ النافذة ) ، منمنشورات اتحاد ادباء ميسان .. وهي المفاجاة الثانية لي ، حيث ان الجميع يصنف ايماناً على انها شاعرة غزيرة النتاج والنشر في مجال الشعر ،متمكنة من ادواتها الشعرية فنياً واسلوبياً ، واذا بها تطل علينا ثانية من نافذة القصة !! وتزداد دهشتي اكثر وانا استعد لدفع هذا المقال للطبع لاعلمان ايماناً اصدرت منجزها الثالث : كتاب خواطر : ياتيني كضيف .. يحل كالقمر ، وهو من منشورات اتحاد ادباء ميسان ايضاً قبل شهرين من الانفقط!.

ضمت مجموعة ( حرائق الاسئلة ) والصادرة في العام ٢٠١٥ مائة وثلاث من قصص الومضة في ٦٤ صفحة من القطع المتوسط ، بذكاء وقصد رتبتتسلسلها ايمان وليس اعتباطاً إبتداءً من ( قانون كوني ) وانتهاءً بـ ( مجانين ) ، بل اجزم انها كانت تشكل بعناوينها تسلسلاً تراتبيا مدهشاً ضمنالصفحة الواحدة او الموضوع الواحد مثل: ( حياة – عيد الام – ام – بغداد ) ص ٥٨ ، او ( اديب – ناقد – حكاية ..) ص ٣٦ او ( تناقض – طيف – كاتب- شرقي ) ص ٣٢ او ( سياسي – نفط فاسق – مجانين ) ص ٦٢ الخ .. وهكذا ، فان من السهولة ان يلاحظ القاريء او الناقد مدى قوة العلاقة بينعناوين القصص المتوالية كما في المثال الاخير ( سياسي / نفط / فاسق / مجانين ).. وقد تنوع تناول ايمان لموضوعات قصصها فكتبت في الشانالسياسي والاجتماعي والفكري والادبي وحتى الثقافة الشعبية والمجتمعية .

ان غالبية قصص ايمان ( وهذا هو جوهر البناء الفني القصة الومضة عموماً ) تتكون من مقطعين او جملتين متناقضة المعنى او الاستخدام اللفظياي ان الاولىٰ عكس معنى الثانية : تبدأ الاولىٰ بفعل ماضٍ ( غالباً ) يتبعه فاعل وصِفة ، ثم فارزة وبعد الفارزة تبدا الجملة الثانية ، وبعضها ابتداتبحرف الفاء او الواو بانواعهما : السببية او الاستئنافية او الاستمرارية او كحرف عطف او اداة تعليل او حرف استقبال ، او بدونهما ، ثم تاتي بعدذلك القفلة او ما نسميها النهاية او الخاتمة التي غالباً ماتكون صادمة او مفاجأة او غير متوقعة ، اومفتوحة على خيال المتلقي او القاريء الذي عليهان يسرح مع النهاية ويطلق العنان لتخيلها ، محاولاً ان يصنعها بنفسه ، وهذه امثلة على مانقول :

امراة وسوس لها الشيطان ، فأغوته . ص ١٦ عنوان القصة اغواء ..

حاول تفكيك النص ، فانفجرت بوجهه المعاني ص ٣٦ عنوان القصة : ناقد ..

قرر اقتحام عالم القصيدة ، سقطت الكلمات ( قتلى )…. فترملت الصور ص ٢٦ عنوان القصة شاعر ، حيث استعملت ايمان في هذه القصة الاخيرةاربع نقاط للاستمرارية جنباً الى جنب مع الفارزة في الشطر الثاني من القصة ، فاعطتنا شطراً ثانياً من مقطعين لأتمام المعنى .

وعندما تعيد قراءة جميع قصص المجموعة فانه يمكن ان نعيد ترتيب طرفي القصة فنياً بجعل المقطع الاول ثانياً ، والعكس صحيح دون ان يتغيرالشكل او المضمون او المعنى .. وهي سمة جميع القصص الومضة وليست في مجموعة ايمان التي نتحدث عنها ، وهذه امثلة عشوائية من مجموعةايمان :

اقتصدت بنفقات بيتها ، زادت ادوات تجميلها ص ٢٦ اقتصاد .. حيث يمكن قراءة القصة على النحو التالي دون ان يتغير المعنى او القصد :

زادت ادوات تجميلها ، اقتصدت بنفقات بيتها !!

اتقن معسول الكلام ، نصَبوه خطيباً . ص ٦٢ فاسق .. حيث يمكن ان تُقرأ القصة بالعكس : نصبوه خطيباً ، اتقن معسول الكلام .

او كما في قصة هروب ص ٤٠ : زادت الضغوط ، انفصل عن الواقع .. او القصة التي تليها في نفس الصفحة ٤٠ بعنوان عبيد : قطع الحاكم ايديهم ،فصفقوا

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب