9 أبريل، 2024 2:03 ص
Search
Close this search box.

ايقونة الجمعة العظيمة

Facebook
Twitter
LinkedIn

سنحتاج الى جهد كبير لنفهم العلامات المميزة لفكر السيد محمد الصدر (قده)، ولاسيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار عبوره مرحلة التقليد والاجتهاد وانتقاله الى مرحلة التأصيل. لا يمكن ـ ونحن ننظر الى تراث محمد الصدر ـ أن نغفل ذلك التأثير المستمر، الذي يبدو خارجاً عن نطاق الزمان، فبينما تمر هذه الأيام الذكرى 16 لاستشهاده مع نجليه، يظل أتباعه والمؤمنون بأفكاره في ازدياد، وثبات. والمثير للاعجاب هو الإيمان اللا متناهي من قبل الجيل الجديد بالأفكار التي طرحها السيد الصدر أواسط التسعينيات من القرن الماضي، فهذا الجيل الجديد يشكل علامة فارقة في الفكر الصدري، وهو الجيل الذي لم يسعفه تاريخ ميلاده للحضور في المشهد الصدري تلقياً واستيعاباً.
توقع البعض ان الظاهرة الصدرية ستنقرض بمرور السنين، اعتماداً على نظرية الاجتهاد والتقليد، التي تربط المقلد بالمجتهد الحي حصراً، حيث يتحول المراجع المتوفين بمرور الزمن الى تراث وأفكار في بطون الكتب، لكن يبدو أن النكهة الصدرية جذبت الاجيال الجديدة وعبرت معها إشكالية الرابط التقليدي بين الحوزة والعامة، وانتقلت الى مرحلة التخاطب الروحي والفكري. للفكرة الصدرية عوامل جذب للأجيال الشابة، ويبدو حديث محمد الصدر صالحاً للتطبيق في كل الأوقات، ولاسيما وأن وجهته الأساسية كانت بناء مجتمع صالح قادر على الوعي، متمكن من الدفاع عن عقيدته بعيداً عن التقية المكثفة، وقريباً من اليد المبسوطة للحاكم الإسلامي المحاصر حتى داخل حوزته العلمية.
استطاع محمد الصدر وبكل ذكاء تحويل صلاة الجمعة من فريضة معطلة تستوجب قوة سياسية داعمة الى منبر يتولى عملية تقويم وتغيير المجتمع والتواصل معه، إذ تتم محاسبة العامة وتوعيتهم والأخذ بيدهم الى الفكر المغيّب قسراً، في تحدٍّ واضح وعلني للنظام القائم. صلاة الجمعة صارت رمزاً خالصاً للصدريين، أثبتت فاعليتها وخروجها عن المألوف، ولم تكن الصلاة في مسجد الكوفة أو جامع المحسن صلاة اعتيادية لتأدية فريضة وتحصيل الثواب، بل كانت درساً علمياً خالصاً يستهدف الذات والعقول. كتب الكثير عن ابداع محمد الصدر، لكنه تفوق على حاضره في الاستفادة القصوى من صلاة الجمعة، ولأنه يعرف جيداً أهمية هذه الشعيرة، فقد أوصى باستمرارها حتى “لو مات السيد محمد الصدر”.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب