23 ديسمبر، 2024 4:21 ص

أيقظتها صرخة طفلها من حلم مزعج كانت تعيش لحظاته الطوال مع الزوج البعيد .امتدت يدها وهي في حالة من العصبية المشوبة بالخوف وجذبت طفلها الصغير إلى جوارها والقمته ثديها لتسكت صرخة جوعه الى اللبن بينما راحت يدها الاخرى تمسح دمعة مترقرقة في عينيها ورسمت ظلالا فوق وسادتها الوحيدة متسائلة مع نفسها …ترى ما هذا الحلم .
تأوهت وحاولت ان تستجمع شتات ما عاشت من لحظات الحلم الذي تمثل به زوجها عريسا, اختلج قلبها فالعرس تأويله رهيب في اليقظة وثمة أمر آخر هو ذلك الثعبان البغيض الذي توسد سريرهما ما يكون غير الوحشة والخوف.
ارادت ان تصرخ ,أن تقول كلمة وتساءلت أين هو الأن …؟
تململ الصغير في احضانها بينما رفعت هي يدها لتزيح واحدة من ضفائرها التي تلوت خلفها . اتكون واهمة في تأويل هذا الحلم .يالله …يا رب السموات …أنت تعلم بعدك يا رب ليس لي سواه احد ,اسألك ان تحميه وتحفظه لأجل هؤلاء الصغار, احمه واحفظه لأجل هذا القلب…وظلت تتلو دعائها وفي اعماق القلب اسا وعذاب وحاولت ان تكذب حلمها رغم ان بؤرة الخوف ظلت تكبر في قلبها ومخيلتها.
نهضت من فراشها وراحت تنتقل هنا وهناك في ارجاء الغرفة الصغيرة وهي تطالع الوجوه الصغيرة حولها وتعيد عليهم الاغطية التي ازيحت عنهم بفعل تقلب الاجساد اثناء النوم وارتسمت في مخيلتها عينيان غاليتان هما عينا زوجها البعيد وتساءلت ترى أين هو الآن .تمثل لها في زيه العسكري ..ربما كان في هذه اللحظات ملتفا بالبطانية العسكرية ومجموعة من الرجال حوله او ربما كانوا زاحفين نحو هدف معين في ميدان حماية الوطن او ربما كانوا يعدون ويرتشفون القهوة العربية الاحاديث المختلفة بل هي تعمقت في الخيال الصوري لذهنها فكأنها راته عيانا يرتشف فنجانه بل واستمعت الى صوت بندقيته تطلق الرصاص.
ارتسمت على شفتيها ابتسامة رقيقة ولكن سرعان ما عاد وسرقها خاطر الحلم وتساءلت في شيء من الحذر وبصوت مسموع هذه المرة …ترى ما يكون ذلك الثعبان الهائل في السرير …ربما…وخافت …تلفتت حولها مخافة ان تسمعها جدران الغرفة او تردد صدى صوتها الستائر المنسدلة على نوافذ الغرفة…
يا رب السماء …احمه واحفظه .في هذه اللحظة كانت شفاه صغيرها تنفرجان وندت عنهما همهمة هي بداية لبكاء طويل فعادت الى فراشها ووضعت طفلها في حجرها والقمته الثدي ثانية وظلال عميقة تحيط بمخيلتها بينما استذكارات زوجها الحبيب مذ اول يوم لهما في حياتهما الزوجية تتردد في ذهنها. وتأوهت متمتمه آه …لم تكن هي اسعد الايام على كل حال فقد كان يبدو لها غريبا وقاسيا في بعض الاحيان ياه ربما لم تكن تمنحه هذه الثقة التي تمنحها اياه الان …اجل هي السبب في ذلك الامر فهي أمراءه غيور وكان هو يجابه غيرتها بقسوة شديدة حتى كادت رابطتهما الزوجية ان تنفصم بل وصارحها بأنه يفكر بالزواج من اخرى رغم وجود الاطفال بينهما. راحت تؤنب نفسها على ما فعلت تارة وتجد العذر الذي يبرر افعالها تارة اخرى لكنها أثنت على ذاتها حين خففت غلواء غيرتها فعاد اليها حنونا طيبا وهتفت ,يالله لم اكن انتظر ان يمنحني كل هذا الحنان وكل هذا الحب لقد انساني تلك المرارة التي مرت بنا وهي اذ تشرد بذكرياتها للماضي تريد ان تنسى هذا الذي رأته قبل لحظات فعادت الى دعائها لرب العالمين … يالله احمه واحفظه لنا.
انها امرأة محبه والمرأة حين تحب تهب دون حساب.