الحديث عن العراق بات في الفترة الاخيرة لا يجد مفرا من الاقتران بجارتيه تركيا وايران، بحسب انتماء من يناقش هذا الموضوع، فالبعض يرى في ايران المنقذ الاوحد العراق من خطر داعش فيما يرى البعض الاخر تركيا بنفس المنظور دون الالتفات الى فوارق عديدة تكاد تقفز الى حضن المتلقي من شاشات الحواسيب او الصحف الورقية من شدة الوضوح، وهذا يعود بطبيعة الحال الى تغليب الانتماءات على الوطنية.
انقسام الشارع هذا والذي طفى على السطح بعد التوغل التركي في شمال العراق، حمل في طياته مؤشرات عدة، تتضمن وجود معسكرين سياسيين واعلاميين مختلفين، احدهما يعتقد بأن التوغل التركي هو السبيل الوحيد لتخليص مكون عراقي معين، من ظلم مكون آخر، ولا تقوده الحكومة التركية وانما بعض الشخصيات السياسية المطلوبة للقضاء العراقي في الخارج، مع تغليب نظرية دخول هذه القوات للمشاركة في الحرب على تنظيم داعش، الذي اثبتت تركيا في اكثر من محفل انها دخلت هذه الحرب لتغطي هجماتها ضد حزب العمال الكردستاني وبعض عملياتها الخاصة في سوريا، والتي تقوم بها بشكل مباشر او غير مباشر، بالاضافة الى حصاد دعم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لتسيير بعض الاجندات التركية في المنطقة.
نعود للحديث عن مؤيدي المعسكر الاول، اذ ينظرون الى التوغل التركي كموازنة طبيعية للقوى على ارض العراق، من منطلق المشاركة الايرانية في الحرب على داعش، وكأنهم يتحدثون عن سقوط للحدود العراقية الايرانية، بالكامل بيد طهران، وعدم وجود تنسيق مسبق بين حكومتي البلدين والتي حددت مقدار هذه المشاركة، اما مسألة مواجهة هذا الملف فيؤكدون فيها على ضرورة محاورة الاتراك وعدم التصعيد معهم.
اما مؤيدوا المعسكر الثاني فوجدوا في التدخل التركي انتهاكا للسيادة العراقية وهذا ما تبنته الحكومة العراقية ومجلس النواب بالاضافة الى التحالف الدولي وحلف الناتو وبعض القوى الدينية، الذين اكدوا حق العراق الكامل في الدفاع عن اراضيه حسب الطريقة التي يراها مناسبة باللجوء الى مجلس الامن او توجيه ضربة عسكرية للقوة التركية المتمركزة في ناحية بعشيقة التابعة لمحافظة نينوى، اما مسألة المشاركة الايرانية فيرونها مشروعة كونها تمت بالتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية، دون لجوء الطرفين الى اتخاذ سياسة “ما تحت الطاولة”.
رواد المعسكرين في الحقيقة دقوا ناقوس خطر عبر ركون احدهم الى الكانتونية للحصول على ما يعتبره حقوقا مسلوبة وبدأ بتجييش جماهيره على هذا الاساس ، وهو الامر الذي قد يضع المصالحة الوطنية على المحك، وينذر باندلاع حرب طائفية جديدة، شاء العراق ام ابى.