المخدرات هي الآفة الخطيرة القاتلة التي بدأت تنتشر في العراق بعد عام 2003م بشكل لم يسبق له مثيل، حتى أصبح خطراً يهدد المجتمع العراقي بالانهيار.
وتبعاً لانتشار هذه المخدرات ازداد حجم التعاطي، حتى أصبح تعاطي المخدرات وإدمانها وترويجها مصيبة كبرى ابتلي بها الشعب العراقي في الآونة الأخيرة، وإن لم نتداركها ونقض عليها ستكون بالتأكيد العامل المباشر والسريع لتدمير كياننا وتقويض بنيانه، لأنه لا أمل ولا رجاء ولا مستقبل لشباب يدمن هذه المخدرات، والخوف كل الخوف من مجتمع تروج فيه المخدرات، ذلك لأن الأفراد الذين يتعاطون المخدرات يتطور بهم الحال إلى الإدمان والمرض والجنون، ليعيشوا بقية عمرهم ـ إذا امتد بهم العمر ـ في معزل عن الناس وعلى هامش الحياة لا دور لهم ولا أمل.
قبل 2003م لم تسجل مكتب المخدرات ومتابعة الجريمة التابع للأمم المتحدة غير حالتين كتجارة مخدرات فقط ما بين 1970 و1990.
بينما بعد 2003م وحسب إحصائية لمستشفى ابن رشد للأمراض النفسية بينت وجود 3 مدمنين على المخدرات من بين كل 10 افراد في العراق.
ورجحت الاحصائية الصادرة عن الامم المتحدة ان 10 سنوات القادمة ستفتك بالشاب العراقي في حال بقي الوضع على ما هو عليه.
وتم تسجيل أكثـر من 7000 حالة إدمان على المخدرات في العراق خلال عام 2017 الماضي. وقُدّرت معدلات الإدمان بين الشباب العراقي بنسب تتراوح بين 4 و5%.
وقد صُنّفت بغداد في المرتبة الثانية بعد البصرة التي تتصدر مدن البلاد بكمية تعاطي المخدرات والإتجار بها.
الى ذلك، تم اعتقال 1450 تاجر مخدرات خلال العام 2017 الماضي في البصرة.
من ناحية العقوبة، كان القانون العراقي السابق يعاقب مروجي المخدرات بالإعدام شنقا، أما القانون الحالي فقد فرض عقوبات بالسجن تصل إلى 20 عاماً.
بعد الغزو الامريكي للعراق تحول الى ممر للمخدرات الايرانية والافغانية, كم ساهم الانفلات الامني في الأعوام الاخيرة الى رواج تجارة المخدرات بصورة كبيرة.
فالتجار الإيرانيون والأفغان يستخدمون الحدود الشرقية التي تربط العراق بإيران مستغلين طول الشريط الحدودي الذي يزيد عن 1200 كيلومتر، والصعوبة التي تحول دون قدرة حرس الحدود على ضبط هذا الشريط الحدودي الطويل؛ إضافة إلى ضعف إمكانية الأجهزة الأمنية وافتقارها للمعدات اللازمة لكشف المخدرات، أما المعبر أو الممر الثاني الذي تستخدمه مافيا المخدرات التي تتبع دول وسط آسيا؛ فيستهدف أوروبا الشرقية التي من خلالها تصل إلى شمال العراق عن طريق تركيا، فضلًا عن تهريبها عن طريق الموانئ العراقية المطلة على الخليج العربي، والتي تصل إلى محافظة البصرة الجنوبية على وجه الخصوص.
وباختصار فان المصدر الرئيسي لدخول المخدرات الى العراق هي ايران.
وفي 19 نوفمبر أعلن قائد شرطة البصرة عن تورط إيران بتغذية سوق المخدرات في المحافظة.
وكشف في مؤتمر صحافي، أن 80% من سوق المخدرات في المحافظة يتم تغذيته من قبل إيران، مؤكداً أن قيادة شرطة المحافظة حصلت على موافقة وزارة الداخلية للبدء بعمليات واسعة على طول الحدود البرية الممتدة لمسافة 94 كلم.
في غضون ذلك، قال النائب السابق والقيادي في التيار الصدري، حاكم الزاملي، ، إن إيران وأفغانستان هما المصدران الأكبر للمخدرات إلى العراق.
كما أوضح الزاملي أن هناك نحو 2650 معتقلاً من المتعاطين يقبعون في السجون، مشيراً إلى أن تجار المخدرات يفلتون دوماً من العقاب كونهم مرتبطين بأحزاب سياسية.
وأردف الزاملي أن هناك مزارع تم استحداثها لزراعة نبتة الخشخاش والقنب، في منطقة قره تبه بمحافظة ديالى ومزارع في أطراف محافظات السليمانية والقادسية وميسان، داعياً الحكومة والعشائر للتدخل للوقوف بوجه هذه الآفة التي بدأت تنتشر بسرعة كبيرة بين أوساط المراهقين والشباب.
وفي 21نوفبمر كشفت مفوضية حقوق الانسان في العراق، اليوم الثلاثاء، عن احصائية تظهر مستوى ادمان المخدرات في العراق، فيما اشارت الى ان الذكور اكثر تعاطيا لها بنسبة (89.79%) وبواقع (6672) موقوف في مراكز الاحتجاز، أما الأناث فتبلغ نسبتهم (10.2%) بواقع (134) موقوفة.
وقال عضو المفوضية فاضل الغراوي، في بيان، ان “المخدرات في العراق اصبحت ظاهرة تهدد الاسرة والمجتمع وذلك لآثارها الخطيرة التي بدأت تستهدف فئة الشباب”، لافتا الى ان “المفوضية قامت بتوثيق افادات اكثر من (100) متعاطي وتاجر للمخدرات”.
وأضاف الغراوي، أن “مفوضية حقوق الانسان في العراق أشرت ان الذكور أكثر تعاطياً للمخدرات بنسبة (89.79%) بواقع (6672) موقوف في مراكز الاحتجاز، أما الأناث فتبلغ نسبتهم (10.2%) بواقع (134) موقوفة”، مبينا انها “اشرت ان الفئات العمرية الاكثر تعاطياً للمخدرات هي فئة الشباب، وتحديدا الفئة العمرية من (29-39 سنة) بنسبة (40.95%)، تليها الفئة العمرية من (18-29 سنة) بنسبة (35.23%)”.
ولفت الى، ان “أهم أسباب تعاطي المخدرات فهو، رفقاء السوء والاندماج مع الاصدقاء الذين يتعاطون المخدرات بنسبة (41,66%)، تليها استخدام المتعاطين للمخدرات لتساعدهم في نسيان الظروف النفسية أو الاقتصادية أو العاطفية السيئة التي يعانون منها بنسبة (29.1%)”، مشيرا الى ان “بعض المتعاطين يقومون بتعاطي بعض انواع المخدرات لتساعدهم في السهر لفترات طويلة وبنسبة (17,7%)”.
وأوضح عضو مفوضية حقوق الانسان، ان “اكثر المخدرات تعاطياً هي الكريستال بنسبة (37.3%)، ومن ثم الحبوب المسماة (صفر-1) بنسبة (28.35%)، ومن ثم الانواع المختلفة الأخرى من الادوية المهدئة”، لافتا الى ان “من خلال هذه المقابلات، ان هنالك العديد من الأسباب التي دعت الى تفشي هذه الظاهرة، ومنها ضعف الرقابة الأسرية والأستخدام الخاطيء للتكنولوجيا، وعدم متابعة المدرسة بالأضافة الى الفقر والبطالة والاوضاع الاقتصادية المتردية وضعف الواعز الديني وضعف اجراءات الحكومة في مكافحة هذه الظاهرة”.
وطالب الغراوي “وزارة الصحة العراقية بأنشاء مصحات لمعالجة مدمني المخدرات، ووزارتي الدفاع والداخلية والجهات الأمنية كافة بمراقبة كافة المنافذ الحدودية وملاحقة تجار المخدرات وتعزيز الاتفاقيات الأمنية مع دول الجوار”، مؤكدا على ضرورة “البدء بحملة وطنية شاملة لمكافحة تجارة وتعاطي المخدرات في العراق”.
وكان مصدر رفيع المستوى في وزارة الداخلية قد كشف، في17 اكتوبر 2018، ان ملف ترويج وتعاطي المخدرات في البصرة وصل لمستوى توزيعها بشكل مجاني في عدد من المقاهي من قبل مروجين مرتبطين بمافيات، فيما أشار الى أن تجار المخدرات في المحافظة تحولوا لشيوخ عشائر.
وفي العراق فان الأجواء الحارة تمكن المزارع من; زراعة الخشخاش ثلاث أو أربع مرات في السنة . وفي بعض المناطق له موسم معين ،ويستخرج من الأفيون والمورفين والهيروين وهو أخطر أنواع المخدرات.. وفي محافظة البصرة يتم أخفاء مزارع نباتات الخشخاش الصغيرة بين أشجار النخيل.
وينتشر بين الطلاب الفتيان السجائر المخدرة المصنوعة من القناب الهندي.
وأكبر عملية تهريب للمخدرات كُشف عنها كانت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما تمكنت القوات الأمنية من إحباط أكبر عملية تهريب للمخدرات إلى داخل العراق، والتي كانت عن طريق ميناء «أم قصر» في محافظة البصرة، وتشير المصادر إلى أن الشحنة المهربة كانت تضم 16 مليون حبة مخدرة، تكفي لتخدير ما يقرب من نصف الشعب العراقي، وقال قائد عمليات البصرة الفريق الركن جميل الشمري إن الشحنة كانت تضم 80 ألف علبة من العقاقير المخدرة.
عملية تهريب أخرى في البصرة استطاعت القوات الأمنية إفشالها في نوفمبر في منطقة «خضر الماي» القريبة من الحدود الكويتية وأشارت المعلومات إلى أنه ضُبط نحو 600 كيس من مادة الكبتاجون المخدرة وحبوب أخرى مخدرة من نوع 01.