وبينما يستبعد أن تفضي الأزمة الراهنة إلى مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة، يرى آخرون أن طهران لن تقدم تنازلات مجاناً وستسعى أولا إلى رفع العقوبات النووية المفروضة عليها
تحدث مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة بسبب الأزمة الراهنة ولا تبدو الحرب قريبة أو مرجحة رغم طبولها التي نسمع قرعها، فالقوات الأمريكية في منطقة الخليج محدودة مقارنة بحجمها وقت الحرب على العراق، وإيران أقوى بمرات من العراق، وتمتلك مئات آلاف الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى ومنظومة إس 300 الروسية المضادة للطائرات والصواريخ، كما أن إيران أقوى على الأرض بفضل العدد الكبير لقواتها، ووجود حلفاء في أكثر من دولة
وواضح أنه لقيام حرب بين الطرفين “تحتاج الولايات المتحدة إلى حشد نصف مليون مقاتل على الأقل إذا كانت تنوي حرب اقتلاع للنظام الإيراني، أما توجيه ضربة جوية أو صاروخية محدودة مثلما حدث مع سوريا عدة مرات فلن يغير شيئا على الأرض، وربما يدفع إيران إلى مهاجمة القوات الأمريكية في سوريا والعراق، وقد ينفلت الزمام، ولهذا ستكون الضربة المحدودة مقامرة خطيرة و أن “إيران لن تخشى المواجهة المباشرة وغير المباشرة من خلال وكلائها وعملائها في الشرق الأوسط وربما هي مستعدة بمقاومتها في دول عدة على الدخول في حرب كبرى تقوم فيها بتسخير محاورها في المنطقة للانخراط في هذه الحرب في ميادينها المختلفة، بدءاً بحزب الله اللبناني، فالحشد الشعبي العراقي، فالحوثيين في اليمن، وتفعيل حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين . ناهيك عن خلايا جاهزة لأي تحرك نضالي و إنه “في هذه الحالة المتوقعة للربح يجدر استجابة المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة لمطالب إيران بدون شروط مسبقة، لأسباب كثيرة من أهمها الحفاظ على مصالح الكارتيلات الجديدة والقديمة على حد سواء في أمريكا وأوروبا , الواضح أن الإيرانيين يتعرضون لأقصى قدر من الضغط ولن يتجهوا إلى المفاوضات حاليا ولن يقدموا التنازلات مجانا، إذ سيسعون إلى رفع كافة العقوبات، النووية منها وغير النووية. لكن هل يستغل ترامب وخبثه السياسي خفض احتمالات اندلاع حرب إقليمية ويعتبره إنجازا مهما بحد ذاته؟ لا أظن لأن المفارقة الكبرى هي الأيدي الخفية المحيطة التي قد تدفع طهران وواشنطن وقيادتهما نحو نزاع أكبر و أن الولايات المتحدة تريد استهداف دور إيران الإقليمي وإيران الإقليمية هي الشراكة الإيرانية مع سوريا ومع المقاومة اللبنانية والفلسطينية والقوى الشعبية المقاتلة الناشئة في العراق واليمن وهي ركيزة حاسمة لمعادلة الردع القاهرة التي تغل يد إسرائيل وتجعلها أسيرة نهج سلبي عاجز عن المبادرة إلى أي حرب جديدة وإيران الإقليمية هي محيط الردع الإقليمي ضد الحروب الاستعمارية بأدوات متعددة في مجابهة أي مغامرة استعمارية أمريكية غربية , وبين صنعاء ودمشق وبغداد وبيروت يقوم قوس القوة الصاعدة عربيا التي سوف تتبلور حولها الوقائع الاستراتيجية الجديدة بين المحيط والخليج (الفارسي) وهذا هو مغزى دور إيران الإقليمي المستهدف وموضوع المساومات الأمريكية الفاشلة أمام العناد المبدئي للقيادة الإيرانية والهوية الإيرانية التحررية المتجدد . ستستمر إيران في استهداف ناقلات النفط وربما استهدفت أيضا منشآت وموانئ تصديره، فإيران تحت وطأة آثار الخناق الاقتصادي لا تملك سوى اللعب على حافة الهاوية، لأنها في كل الأحوال تواجه الهاوية، وبالتالي فإن الدفع باتجاه التصعيد هو أحد خياراتها المحدودة لرفع كلفة مواجهتها أمام المجتمع الدولي وبالتالي الحصول على موقع تفاوض أفضل وتملك إيران اليوم مفاتيح الحرب والسلم معا، فالخيار خيارها، والمجتمع الدولي لا يريد منها سوى أن تقوم سلوكها الإقليمي وتعدل عقيدتها السياسية التوسعية لتنشغل بنفسها وشعبها وتنميتها، ودعوات المفاوضات التي تطلقها لن تخدع أحدا، فإيران لا تريد اتفاقات على أسس علاقات طبيعية مع جيرانها بل إقرارات بطموحاتها وتدخلاتها في شؤون جيرانها، ولا تمانع في الوقوف على حافة الهاوية ما دام لا شيء سيدفعها إليها”.
,.,.,.,.,.ولاكن
1.توعدت إيران بالانتقام لمقتل أبرز قادتها العسكريين في ضربة جوية بطائرة مسيرة أمريكية قرب مطار بغداد وهدد المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي بـ “انتقام قاس ينتظر” أولئك الذين وقفوا وراء الهجوم على الفريق قاسم سليماني وقد تسببت تلك الحادثة في زيادة التوتر في المنطقة. فما الذي نعرفه عن قدرات إيران العسكرية.
ما حجم الجيش الإيراني؟ثمة ما يقدر بـ 523 ألف عنصر من عديد القوات الفاعلة في مختلف الفعاليات العسكرية في إيران، بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز بحثي مقره بريطانيا ويشمل هذا العدد 350 ألف عسكري في الجيش النظامي و ما لا يقل عن 150 ألفا من عناصر الحرس الثوري الإيراني وثمة نحو 20 ألفا آخرين في عديد القوات البحرية التابعة للحرس الثوري، يُسيرون دوريات في قوارب مسلحة في مضيق هرمز، الذي كان موقعا لهجمات استهدفت ناقلات نفط تحمل أعلام أجنبية في عام 2019.
ويسيطر الحرس الثوري أيضا على قوة الباسيج، وهي قوة أمنية تطوعية تساعد في قمع أي احتجاج أو معارضة داخلية. ويمكن لتلك القوة، نظريا، تحشيد مئات الآلاف من الأشخاص وتأسس الحرس الثوري قبل نحو 40 عاما للدفاع عن النظام الإسلامي في إيران، وأصبح قوة عسكرية وسياسية واقتصادية كبرى قائمة بذاتها وعلى الرغم من أن عديد الحرس الثوري أقل من الجيش الرسمي، إلا أنه يعد القوة العسكرية الأبرز وذات الصلاحيات الأوسع في إيران.
من يقوم بالعمليات الخارجية؟ تدير قوة فيلق القدس، التي كانت بقيادة الفريق سليماني، عمليات سرية في الخارج، وهي تابعة للحرس الثوري لكنها ترسل تقاريرها إلى المرشد الأعلى في إيران. ويعتقد أنها تضم نحو 5000 عنصر من قوات النخبة وقد نشرت هذه القوة في سوريا، حيث لعبت دورا استشاريا في مساعدة عناصر عسكرية موالية للرئيس السوري بشار الأسد وميليشيات شيعية قاتلت معهم وفي العراق، دعمت قوات شبه عسكرية يُهيمن عليها الشيعة أسهمت في هزيمة جماعة تنظيم الدولة الإسلامية بيد أن الولايات المتحدة تقول إن فيلق القدس يقوم بدور أكبر في تقديم التمويل والتدريب والأسلحة والمعدات لمنظمات صنفتها واشنطن بوصفها جماعات إرهابية في الشرق الأوسط، ومن بينها حزب الله اللبناني وجماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وقد حدت المشكلات الاقتصادية والعقوبات المفروضة على إيران من واردات إيران العسكرية، والتي هي صغيرة نسبيا بالمقارنة مع دول أخرى في المنطقة وتعادل قيمة ما استوردته إيران في مجال الدفاع للفترة من 2009 إلى 2018 نحو 3.5 في المئة فقط مما استوردته السعودية في الفترة نفسها، بحسب مركز دراسات السلام الدولي في ستوكهولم ومعظم ما تستورده إيران في هذا المجال يأتي من روسيا والبقية من الصين.
هل تمتلك إيران صواريخ؟ نعم، تعد قدرات إيران الصاروخية جزءا رئيسيا في جهدها العسكري، مع الأخذ بنظر الاعتبار النقص في قوتها الجوية مقارنة بخصومها الإقليميين كإسرائيل والمملكة العربية السعودية ويصف تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية القوة الصاروخية الإيرانية بأنها الأوسع في الشرق الأوسط، وتتألف بشكل رئيسي من صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. وتقول أيضا إن إيران أجرت تجارب في مجال تكنولوجيا الفضاء بما يسمح لها بتطوير صواريخ عابرة للقارات تنتقل إلى مسافات أكبر.
بيد أن إيران أوقفت برنامجها للصواريخ بعيدة المدى كجزء من التزامها بالاتفاق الذي وقعته في عام 2015 مع القوى الكبرى، بحسب مركز أبحاث معهد الخدمات الموحدة الملكي “أر يو سي آي”، الذي يشير أيضا إلى أنها قد تكون عاودت العمل في البرنامج في ضوء حالة عدم اليقين التي تكتنف مصير الاتفاق النووي بعد خروج الولايات المتحدة منه وفرضها عقوبات على إيران وفي كل الأحوال، سيكون العديد من الأهداف في السعودية والخليج في مدى الصواريخ الإيرانية الحالية، قصيرة أو متوسطة المدى، وربما بعض الأهداف في إسرائيل أيضا وفي مايو/أيار الماضي، نشرت الولايات المتحدة نظام باتريوت المضاد للصواريخ في الشرق الأوسط مع زيادة التوتر مع إيران، لمواجهة الصواريخ الباليستية وصورايخ كروز والطائرات المتقدمة.
هل تمتلك إيران أسلحة غير تقليدية؟ على الرغم العقوبات المفروضة عليها منذ سنوات، تمكنت إيران من تطوير قدرات في مجال الطائرات المُسيّرة وقد استخدمت الطائرات الإيرانية المُسيّرة في العراق منذ عام 2016 في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية. كما اخترقت إيران المجال الجوي الإسرائيلي باستخدام طائرات مُسيّرة مسلحة سُيرت من قواعد في سوريا، بحسب المعهد الملكي وفي يونيو/ حزيران 2019، اسقطت إيران طائرة أمريكية مُسيّرة، مبررة ذلك بأنها كانت اخترقت المجال الجوي الإيراني فوق مضيق هرمز ويقول جونثان ماركوس، مراسل الشؤون الدبلوماسية والدفاعية في بي بي سي، إن الجانب الأخر في برنامج إيران للطائرات المسيرة هو رغبتها في بيع ونقل تكنولوجيا الطائرات المسيرة إلى حلفائها ووكلائها في المنطقة
وفي عام 2019، استخدمت طائرات مُسيّرة وصواريخ في هجمات على منشآت نفطية سعودية. وقد أشار كل من السعودية والولايات المتحدة إلى صلة إيران بهذه الهجمات، على الرغم من نفي طهران لضلوعها فيها وإشارتها إلى مسؤولية المتمردين في اليمن عنها
هل تمتلك إيران قدرات إلكترونية -سايبرية؟ في أعقاب هجوم إلكتروني (سايبري) كبير في عام 2010 على المنشآت النووية الإيرانية، عززت إيران قدراتها في مجالات الفضاء السايبري -فضاء الإنترنت ويعتقد أن الحرس الثوري الإيراني يمتلك وحدات قيادة إلكترونية تعمل في مجالات التجسس العسكري والتجاري وقال تقرير عسكري أمريكي في عام 2019 إن إيران استهدفت شركات طيران، ومتعاقدين في مجالات دفاعية، وشركات للطاقة والموارد الطبيعية والاتصالات في عمليات تجسس إلكترونية في أنحاء مختلفة من العالم وفي عام 2019 أيضا، قالت مايكروسوفت إن جماعة قرصنة إلكترونية “مركزها إيران ومرتبطة بالحكومة الإيرانية” استهدفت حملة الرئيس الأمريكي وحاولت اختراق حسابات مسؤولين في الحكومة الأمريكية.
2. علقت صحف عربية، ورقية وإلكترونية، على التداعيات المحتملة لاغتيال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس بغارة جوية أمريكية في العاصمة بغداد وأكد كُتّاب أن العملية ستزيد التوتر في المنطقة لكن قواعد الاشتباك بين طهران وواشنطن ربما تظل على حالها. وتحدث كُتّاب آخرون عن خيارات إيران في الرد على اغتيال سليماني وهل سيكون مباشرة أو عن طريق وكلائها في المنطقة. وأكد فريق ثالث أن إيران في كل الأحوال ستعيد ترتيب أولوياتها وحساباتها ولن تتسرع في الرد , أن “القدرات الإيرانية العسكرية وامتداداتها لا تسمح لأمريكا أو إسرائيل بشن حرب عسكرية على إيران، كما لهذه الحرب بُعد عالمي وضوابط داخلية ويقول إن “الهدف الأمريكي المرحلي الذي تضغط باتجاهه اسرائيل هو تصفية الوجود الايراني في سوريا. وفشلت بتحقيقه سياسيا وعسكريا… ومن هنا كان على أمريكا بعد الفشل أن تنتقل في مواجهتها لهذه الحُزمة من سوريا الى العراق . و أن “مبالغة” أمريكا في الرد على مقتل متعهد مدني في قاعدة لها في العراق هو “عمل مقصود ومُستحدث في سياستها إزاء الضربات الإيرانية، ولا يستحق هذا الحجم ولا بد أن وراءه سببا استراتيجيا وإن “الاستراتيجية الجديدة المتوقعة لأمريكا خطيرة جدا، وهي المباشرة في تقطيع أوصال الحزمة ( إيران وسوريا وحزب الله) جغرافيا وإخراج إيران من سوريا وقطع تواصلها وطرق إمدادها كحزمة، انطلاقا من أرض العراق .وقسم يرى أن اغتيال سليماني “يعني أن طهران مقبلة على بداية مختلفة أُرغمت عليها، أو اختارتها لها أمريكا وأخرين يعتبر اغتيال سليماني “ذروة كبرى في ‘بارومتر’ العلاقات المعقدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وقد يؤذن بانتهاء الظاهرة التي بدأت مع اجتياح القوات الأمريكية للعراق عام 2003، والتي ساهم في بنائها مواجهة الطرفين لأعداء مشتركين، بدءا من نظام صدام حسين… ومرورا بالمقاومة العراقية للاحتلال… وانتهاء بالصراع مع تنظيم القاعدة وخلفه تنظيم الدولة الإسلامية ويؤذن اغتيال سليماني، في هذا السياق التاريخي الكبير، بتطورات كبيرة في المواجهة الأمريكية ـ الإيرانية، وربما بتصعيد غير مسبوق، غير أن حجم الضربة الكبير يمكن أيضا أن يدفع طهران إلى مراجعة حساباتها وإعادة ترتيب أولوياتها
و إن “التكهن بنوعية ‘الانتقام’ الذي توعدت به طهران الولايات المتحدة… يبدو نوعا من ‘الضرب في الرمل و أن “المنطقة دخلت في ‘مزاج’ حرب مفتوحة”، لكنه يرى أن قواعد الاشتباك بين إيران وأمريكا “مازالت على حالها” وكلاهما “لا يريدان الحرب الشاملة ويسعيان لتفاديهاويؤكد أن “حروب الوكالة، بما هي عمليات تعرض وتحرش واغتيال، ما زالت الوسيلة المفضلة لتسوية الحسابات، مع أن وصول التوتر والتصعيد إلى هذه الذروة، يبقي الباب مفتوحا أمام شتى السيناريوهات وأشدها خطورة
ستكون دماء القائد العظيم الحاج قاسم سليماني ومعه الحاج أبو مهدي المهندس… الوهج القادم الذي سيغير معالم المنطقة وهذه الدماء التي تتحمل مسؤوليتها واشنطن، ستغير وجه العالم وليس المنطقة فقط، وذلك من خلال إعادة ترتيب أوضاع منطقة الشرق الأوسط بأكملها، ومنطقة الخليج الفارسي فيها بشكل خاص، حيث لم يعد يمكن أن تسع هذه المنطقة الوجود الأمريكي، وفي ظل وجود قوة إقليمية كبيرة كالجمهورية الإسلامية، التي أصبحت اللاعب الإقليمي الفذ في ميزان القوى داخل هذه المنطقة”.
وإن العدو يعلم مدى قدرة محور المقاومة على الرد والوقوف بإرادة صلبة، ومع ذلك فإن العدو لا يمكن أن يستفز القيادة العظيمة لأخذها بلحظة غدر، فالقيادة العظيمة للإمام الخامنئي هي من تقرر ماذا سيحصل وكيفية الرد”.
وحقيقة تمتلك طهران طريقين للرد، الأول من خلالها مباشرة، وذلك باستهداف قوات أو مصالح أمريكية، تستطيع من خلاله إيلام الولايات المتحدة، خصوصا استهداف الجيوش الأمريكية المنتشرة في دول المنطقة. غير أن ذلك يمثل مجازفة كبيرة بوضعها نفسها هدفا مباشرا للانتقام الأمريكي… لعل الطريقة الأكثر سلامة، هو الرد من خلال الوكلاء المنتشرين في لبنان وسوريا واليمن، والعراق خصوصا الذي يبدو أنه الساحة المفضلة للعمل الإيراني
و إنه باغتيال سليماني والمهندس “دخلت المنطقة مفصلا جديدا في الصراع الأمريكي الإيراني ورفع المواجهة إلى مستويات غير مسبوقة، محفوفة بمخاطر مجهولة
أنه على الرغم من أن مقتل سليماني “قد يُفرح الكثيرين ممن اكتووا بنار طهران في دمشق وبغداد، لكن عمليا، فإن هذا التصعيد قد يقود لزيادة الهيمنة الإيرانية والنفوذ الإيراني في العراق ,و إن هذه “الهيمنة الإيرانية” قد تكون عن طريق ثلاثة محاور “الأول هو الاستثمار السياسي للقوى الموالية لإيران في التحشيد ضد الوجود الأمريكي في العراق، وصولا لمحاولة إقرار قانون إخراج القوات الأمريكية من العراق… والثاني، فإن هذا التصعيد يعتبر فرصة لتجاوز صفحة التظاهرات العراقية ومطالبها. وفي المقابل، تحشيد الشارع الشيعي خلف الحشد الشعبي مجددا، تحت راية المواجهة مع الأمريكيين… والثالث، فهو إعادة توحيد الفرقاء الشيعة تحت شعار ‘لا صوت يعلو فوق صوت المعركة . لكن المؤكد أن العراق هو من سيدفع الثمن، وقد تنفلت الأمور إلى مواجهة شاملة في المنطقة بأكملها. وهنا يثور تساؤل: لماذا لا يتوحد العراقيون كما فعلوا في الأسابيع الأخيرة لطرد كل من الأمريكيين والإيرانيين معا؟ ليس بوسع إيران أن تغض الطرف على اغتيال الرجل الثاني في القيادة الإيرانية… كما ليس بوارد أن تسمح الولايات المتحدة بضياع العراق الذي أنفقت فيه أكثر من خمسة آلاف قتيل من جنودها، وأكثر من ألفي مليار دولار، خاصة بعد خسارتها للمواجهة مع الروس في سوريا ويقينا لن تجازف إيران باستهداف مباشر لقوات أمريكية في العراق والمنطقة… وليس بوارد أن ترتكب إيران خطيئة استهداف النشاط النفطي بالخليج الذي قد يؤلب عليها المجتمع الدولي , أن “أقصى ما هو متاح لإيران، أن تحرك أذرعها في العراق ولبنان لقتال بالوكالة تسخِّر له فصائل الحشد الشعبي وحزب الله، والضغط على الحكومة العراقية وعلى البرلمان لفسخ الاتفاقية الأمنية التي تحتاج إلى موافقة ممتنعة للمكونين: السني والكردي . وليس من المستبعد أن تكون هناك ردة فعل للنظام الإيراني… وهو أمر غير مستبعد من نظام احترف الإرهاب وتصدر قوائمه… لكن على النظام الإيراني أن يعي أن أنظار العالم كلها تتجه إليه في ترقب لفعله الذي لن يكون دون رد، وهذا ما تريده إيران أن تدخل المنطقة في دائرة عدم الاستقرار ولا نعتقد أن المجتمع الدولي سيسمح للنظام الإيراني أن يصل إلى مبتغاه في إشعال المنطقة التي تعتبر من أهم مناطق العالم وأكثرها سخونة. فأي فعل إيراني ستكون له عواقب وخيمة لن يستطيع التعامل معها والجميع يعرف جيدا أن إيران لا يمكن أن تخاطر بحرب مفتوحة اليوم مع أمريكا أو إسرائيل خاصة وأنها مثخنة الجراح من العقوبات الأمريكية… كما أن الإيرانيين لن يذهبوا إلى إغلاق مضيق هرمز الشريان الأساسي الذي يمد الشرق الأوسط بالنفط”.