19 ديسمبر، 2024 3:30 ص

وقعت ايران ومجموعة (5 + 1 ) وهي مجموعة الدول الكبرى في العالم اتفاقا يوم الاحد الموافق ( 24 / 11 / 2013 ) حول عمل البرنامج النووي الايراني بعد مفاوضات مارثونية استغرقت سبع سنوات تخللتها كثير من المواقف المتشدة غالبا والمعتدلة قليلا , حظي الاتفاق بترحيب الامم المتحدة على لسان امينها العام كما حظي بترحيب دولي , واعتبرته ايران على لسان رئيسها حسن روحاني رسالة سلام الى العالم , وفي منطقتنا رحب به العراق معتبرا اياه بداية لتطور ايجابي اوسع في حل ازمات المنطقة , فيما عدته دمشق الية جيده للتعاطي مع ازمات المنطقة , وحظي الاتفاق بترحيب دولة الامارات معتبرة اياه يجنب المنطقة كوارث لا تحمد عقباها , وحدهما السعودية واسرائيل رفضتا القرار فكان يوم التوقيع على الاتفاق يوم حزنهما الذي لانهاية له , اذ صرح رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى السعودي عبد الله العسكر : إن النوم سيجافي سكان منطقة الشرق الأوسط بعد الاتفاق ، وأضاف : ” أخشى أن تكون إيران ستتخلى عن شيء لتحصل على شيء آخر من القوى الكبرى ، على صعيد السياسة الإقليمية ، أشعر بالقلق بشأن إتاحة مساحة أكبر لإيران أو إطلاق يدها أكثر في المنطقة”  وقال العسكر ” أثبتت حكومة إيران الشهر تلو الشهر أن لديها أجندة قبيحة في المنطقة , وفي هذا الصدد لن ينام أحد في المنطقة ويفترض أن الأمور تسير بسلاسة  “.
    تصريح المسؤول السعودي يؤشر عمق الازمة التي تعيشها الرياض , فهي ومنذ تراجع خيار ضرب سوريا عسكريا ورفضها مقعدها في مجلس الامن بدأت تشعر ان اللعبة الدولية والاقليمية جعلت من نظام ال سعود قريبا من نهاية صلاحيته , والتدقيق في عبارة المسؤول السعودي : ” أخشى أن تكون إيران ستتخلى عن شيء لتحصل على شيء آخر من القوى الكبرى ” يكشف عن حقيقة القلق وان ما يخشاه ال سعود ان يكون الثمن حكمهم , او على الاقل تقليم اظافرهم ومحاصرة اجنداتهم في المنطقة , وهو الامر الذي يؤرق النظام السعودي وعبر عنه عبد الله العسكر بقوله : لن ينام احد في المنطقة .
    ان الموقف الاسرائيلي من ايران واضح , فتل ابيب في صراع وجود وحضارة مع طهران التي تتبنى مشروعا اسلاميا نهضويا في المنطقة , ولم تخف اسرائيل موقفها ولا تجييشها الدول الفاعلة في السياسة الدولية لتعويق ايران وكل الدول الاسلامية من الوصول الى حالة من التوازن التقني والعسكري معها , ولكن لماذا تقف السعودية هذا الموقف من اتفاق يرسم خطوات سلمية لاهم ازمة تواجهها المنطقة ؟ هل ترى الرياض الاتفاق بوابة لحصول ايران على قنبلة نووية شيعية طبقا لاجندتها الطائفية ؟ ولماذا تخشى هكذا قنبلة – مع فرض وجودها – ولا تخشى قنبلة صهيونية موجودة بالفعل ؟ .
   عندما كانت ايران تخطب في المحافل الدولية بلغة متشددة كان الاعلام الاسرائيلي والسعودي يصفها بالدولة المارقة التي لا تريد السلام للمنطقة والعالم , وعندما تتوصل مع الدول الكبرى الى اتفاق لتفكيك الازمة تنبري اسرائيل والسعودية الى تحذير العالم واشاعة الخوف من نوايا ايران وكأن دول ( 5 + 1 ) تنقصها الدراية والحنكة السياسية والديبلوماسية وتعوزها المعلومات الكافية حول ايران .
    لقد جاء الاتفاق ملبيا لمطالب ايران كونها لا تريد اكثر من برنامج يفي بمتطلبات التنمية والبحث العلمي , ونسبة التخصيب التي استطاعتها ايران بمستوى 20% بحسب الخبراء تفي بحاجتها ايران لانتاج الطاقة والتصنيع والزراعة والابحاث الطبية . 
ما كانت تخشاه بعض الدول الغربية وهي مدفوعة بضغوط اسرائيلية أن اليورانيوم المخصب بنسبة 20% لا يحتاج إلا لبضع خطوات إضافية ليصبح مخصبا بنسبة 90% ويكون عندئذ جاهزا للاستخدام في الأسلحة النووية.
لكن ايران اكدت إنها ليست بصدد صنع قنبلة نووية وهي دولة عضو في اتفاقية حظر انتشار الاسلحة النووية ومفاعلاتها تحت مراقبة منظمة الطاقة الذرية
لقد اعتبرت ايران برنامجها النووي يتعلق بكرامتها وانه يمثل اهم حلقة تمسك من خلالها بناصية العلم , ولذلك وضع السيد الخامنئي خطوطا حمراء للوفد الايراني المفاوض في جنيف لا يمكن تجاوزها , وبهذا النفس الطويل في شد وجذب وحصار اقتصادي لسبع سنوات توجت ايران مسيرتها باعتراف عالمي بانها دولة نووية لا تملك سلاحا نوويا , وانما تملك تكنلوجيا نووية , فيما بقي اباطرة النفط يقيمون مواسم سنوية لسباق الاباعر .

أحدث المقالات

أحدث المقالات