22 ديسمبر، 2024 2:46 م

ايران تواجه عدوها الاخطر

ايران تواجه عدوها الاخطر

نشرت صحيفة الفايننشل تايمز يوم الخميس ٢٠١٤/٨/٢٠ ما اعتبرته اخطر عدو سيواجه ايران  خلال العقدين القادمين الا  وهو الجفاف
فاحببت ان اشرك القاريء العربي وباختصار باهم ما جاء فيه
اصبح على مزارعي اصفهان البحث عن مصدر جديد للرزق بعد الجفاف الذي اصاب نهر زاينده رود الذي يخترقها ويغذيها ويغذي الاراضي الزراعية المحيطة بها منذ اكثر من الف عام فتزايد عدد المزارعين الذين تركوا مزارعهم وتحولوا الى عمال تنظيف  في المدينة وللنهر الذي اصبح مستنقعا تنمو فيه الاعشاب وتتجمع في النفايات هذا الجفاف تأثر به مليونا مزارع اصفهاني .
كيف حدث هذا؟  يؤكد الخبراء ان ذلك يعزى لسوء ادارة الموارد المائية في المقام الاول لان السد الذي تم بناؤه اعلى النهر لغرض جمع المياه وتوسيع الرقعة الزراعية اصبح يغذي مناطق اخرى على حساب اصفهان لغرض  التوسع في الصناعة وتوفير مياه الشرب
ما تتعرض له اصفهان هو نموذج لحالة تتعرض لها معظم مناطق ايران والتي يضربها الجفاف منذ ١٤ عاما . ويزيد الازمة سوءً ان البلاد تتعرض الى انكماش اقتصادي وزيادة سكانية   مما يجعلها امام عقدة معقدة يصعب حلها .
هناك الان الاف القرى تعاني من ازمة مياه الشرب و تغذيها السيارات الحوضية  بالمياه   لانها فقدت  اي مصدر محلي للمياه . وعلى مدى  ٢٠ عاما القادمة سيقتضي اجلاء سكان ١٢ محافظة من مجموع ٣١ محافظة ايرانية .
في طهران يشكو رجال الاعمال والصناعيين من الاضرار التي تلحق بهم لكثرة  ساعات انقطاع المياه .
قد تكون الامور اسوء  مما ذكرناه بكثير كما يقول عيسى كلنتاري وزير الزراعة الاسبق” ايران ذات التاريخ الذي يمتد ٧٠٠٠ سنة ستفارق الحياة بعد ٢٠ عاما  اذا ما تم استنزاف مواردها المائية بالشكل الذي هي عليه الان “.
رغم كل  التحذيرات التي يطلقها الخبراء الا انه لا توجد اجراءات لمعالجة الكارثة القادمة .
مما يصاعد من وقع الازمة ان ايران محاطة ببلدان غير مستقرة وبالتحديد افغانستان والعراق والتي تعاني هي نفسها من ازمة شحة المياه . كانت قضايا المياه واحدة  من جوانب  الاحتكاك بين ايران وجاراتها كما يذكر ديفيد ميشيل من مركز ستنتون في واشنطن المختص في قضايا الامن الدولي .
يستشعر الرئيس حسن روحاني المشكلة ووعد  باصلاحها ومراجعة سياسات احمدي نجاد التي اوصلت البلاد الى هذه النتيجة الكارثية.
يبدي المسؤولون الدوليون استعدادهم لمساعدة ايران في ازمتها وفي تطبيق  برامج المحافظة على المياه التي طبقت في اقطار اخرى بشكل ناجح كما يذكر غاري لويس الممثل المقيم لمنظمة الامم المتحدة للتنمية .
ولكن تصحيح الاوضاع بحاجة الى  المال الذي اصبح شحيحا في اقتصاد يترنح بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليه ، وكان العام الماضي من اقسى الاعوام  التي مرت على ايران كما يقول علي رضا بارستار وكيل وزارة الزراعة   لتبرير تأجيل العمل بمشاريع تصحيح الوضع المائي .
رغم ان مشاكل ايران المائية من صنع يديها الا ان الواقع يشير انها تعاني ابتداء من شحة المياه فمعدل الامطار هو ٢٠٠ ملم سنويا وهذا يمثل ثلت المعدل العالمي  و ٧٥٪ من الامطار تهطل على ٢٥٪ من الاراضي الايرانية .
لقد نفذت ايران مشاريع كبيرة لبناء السدود ومد قنوات الري الا ان ارتفاع عدد السكان  الى ٧٤ مليون نسمة خلال اربعين عاما جعل مشاريع الري هذه  تحت ضغط شديد سيما وان معدل هطول الامطار تراجع بنسبة ١٦٪ خلال الفترة نفسها
كما ان التوسع في الصناعة في المناطق الجافة ولد ضغطا على الموارد الا ان المشكلة الاكبر تكمن في الدعم السخي للقطاع الزراعي دون ترشيد الاستخدام للمياه فقد قدمت الدولة خلال فترة احمدي نجاد دعما واسعا للقطاع الزراعي الذي يستهلك اليوم ٩٠ ٪ من المياه بينما يساهم  ١٥٪ في الاقتصاد
لم يكتف المزارعون باستخدام المياه السطحية بل توسعوا في استنزاف المياه الجوفية والتي من الصعوبة جدا تعويضها . وخلال الاعوام ١٩٧٠-٢٠٠٠ ازدادت الابار الى خمسة اضعاف ما كانت علية .
يقدر الخبراء ان ايرا ستكون بحاجة الى استثمار ١٠٠مليار دولار في تطوير مشاريع الري خلال العشرة سنوات القادمة وهذا مما يتعذر عليها تأمينه .
خصصت ايران ٨٤,٩مليون هكتار لتغذية ثروتها من الماشية  ولكنها لا تستطيع تغذية امثر من ٣٧مليون رأس من ما مجموعه ٨٣ مليون رأس ولمدة ١٢٠ يوما بدلا من ٢٠٠ يوما كما يذكر علي محمد المدير في وزارة الزراعة .
ضمن مساعي احمدي نجاد في كسب الجماهير فانه حول ادارة مشاريع المياه من الحكومة المركزية الى المحافظات وحكوماتها المحلية
  وكانت اصفهان واحدة من ضحايا هذه السياسة حيث عملت المحافظات المجاورة الى الاستئثار بالحصة الاكبر من المياه لصالح مزارعيها مما ترتب عليه ردة فعل غاضبة وخرجت مضاهرات تحول بعضها الى اعمال عنف . وسعى المزارعون الى تعطيل العمل بمشاريع الري فقد توجه ما يقارب ١٠٠٠ فلاح بساحباتهم الى الشرق من المحافظة ولمسافة ١٠٠ كيلومتر لتحطيم الانابيب والاقفال التي تتحكم بالمياه في مدينة يزد وقد تزايدات اعمال العنف هذه في ربيع عام ٢٠١٤ مما دعا الحكومة الى التدخل ووعدت المزارعين بالتعويضات وان المياه ستتدفق الى مزارعهم خلال موسم الخريف .
يؤكد كثير من المحللين ان ايران ستتعرض الى ازمة هايدرو سياسية بسبب سوء الادارة وسيترب على ذلك صراعات داخلية واسعة في المستقبل
ليست اصفهان هي وحدها التي تعاني المشكلة ، فبحيرة اورميا الواقعة في الشمال الغربي تتعرض الى مأساة ايكولوجية اذ انها فقدت ٩٥٪ من مياهها .
وكذلك الامر في الجانب الايراني من هور العظيم فان شحة المياه في نهر دجلة اثر الى حد بعيد على مستوى المياه في الهور .
اما نهر هاريرود وعلى الحدود مع افغانستان فقد حولت الاخيره مجراه الى داخل الحدود الافغانية مما تسبب بازمة مياه كبيرة لمدينة مشهد ثاني اكبر المدن الايرانية .
في مواجهة الازمة اصدر الرئيس روحاني توجيهاته لوزرائه بمعالجة الازمة المائية مهما كانت الكلفة ، لكن ازمات ايران الاخرى تجعل هذه التوجيهات صعبة التنفيذ وستدفعها الى اهمال ملف المياه رغم الشعور باهميته .
“ماذا سيبقى من ايران اذا جفت بحيرة اورميا وجف نهر رينداح وانمحى نهر هامونس نحن سنتسبب في ضياع ايران لتلحق بالامبراطوريات البائدة ” هكذا علق سياسي ايراني رفيع  ” نحن جنود سيئون لم نحسن حماية هذه الامبراطورية القديمة “