24 نوفمبر، 2024 8:31 م
Search
Close this search box.

ايران: بين مطرقة الضغط الاقتصادي وسندان الضغط الدولي

ايران: بين مطرقة الضغط الاقتصادي وسندان الضغط الدولي

توقفت المفاوضات بين ايران والقوى الدولية الكبرى، قبل الانتخابات الايرانية بفترة، والتي فاز فيها السيد ابراهيم رئيسي، وهي حتى الآن لم تبدأ بعد؛ بانتظار تشكيل فريق تفاوض جديد، والذي اعلن في طهران من تشكيله مؤخرا. امريكا اعلنت وعلى لسان اكثر من مسؤول فيها؛ بأن امريكا اذا استمر الوضع على حاله؛ فأنها ربما تنسحب من الاتفاق النووي، او بعبارة اخرى، ربما تنسحب من المفاوضات اي تسدل الستار عليها. وقد رافق او صاحب هذا التلويح؛ تحرك امريكي لحشد التأييد الدولي، للضغط على ايران لتحديد موعد للبدء بها، اي المفاوضات، كان هذا قبل الاعلان الايراني عن تشكيل الوفد الايراني المفاوض، اي الموافقة الايرانية بالدخول في مفاوضات جديدة من دون تحديد موعد رسمي للبدء بها. الممثل الامريكي لشؤون ايران، في وقت سابق، روبرت ميلي، زار كل من فرنسا وبريطانيا والاتحاد الروسي لهذا الغرض، وربما هو السعي لضمان تأييد القوى الدولية الكبرى في اصدار قرار في الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ يشجب ايران ويدينها، على ضوء تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاخير؛ الذي يشير على عدم تعاون الجانب الايراني معها. لكن ايران حلحلة الوضع بدعوة رئيس الوكالة لزيارتها لإزالة شكوك الوكالة، وهذا هو ما حصل، ربما بمشورة روسية. لكن ايران من الجانب الثاني، اثبتت قدرتها على الاحتواء المواقف حين تصل الى حافة الهوية؛ بامتصاص الضغط وتحويل تجاه بوصلة المواقف لصالحها.
التحرك الامريكي الاخير لم يكن ليجيء من فراغ، بل ان هناك دوافع وقلق امريكي واسرائيلي معا؛ حول برنامج ايران النووي، ودرجة اقتراب ايران من صناعة السلاح النووي، او اقترابها من العتبة النووية، وهذا هو الامر المقلق، وهو امر واقع بالشكل الواضح والذي لا غبار عليها؛ فايران فعلا تقف الان على العتبة النووية، ولا تحتاج الا لقرار سياسي لصناعة السلاح النووي.

لكن هل ان ايران في الوقت الحاضر وربما في الامد القريب؛ قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار في ظروفها الحالية وظروف المنطقة في الوقت الحاضر؛ نعتقد ان ايران اذكى من ان تقدم على اي خطوة من هذا القبيل، ليس لأن هذا القرار حاليا؛ يعرضها الى خطر الهجوم الامريكي او الاسرائيلي بضوء اخضر امريكي، اعتقد ان هذا امر بعيد الاحتمال، ان لم اقل بعيد كليا؛ لأنه يتعارض مع الاستراتيجية الامريكية بخصوص ايران هذا اولا، وثانيا؛ كلفة مثل هذا الهجوم ان حدث وهو لن ولم يحدث؛ سوف تكون اثمانه باهضه لأمريكا والكيان الاسرائيلي؛ وتحديدا لجغرافية الكيان الاسرائيلي وللقواعد الامريكية في الخليج العربي، وثالثا؛ سوف لن يقود هذا الهجوم الى القضاء على برنامج ايران النووي، او حتى ان يلحق به ضررا يقود الى تعطيله لبعض الوقت بفعل الجغرافية الايرانية الوعرة التي يتركز فيها، او تتركز فيها؛ اهم مفاصل هذا البرنامج. أما الحديث عن خطط بديلة امريكية واسرائيلية لتطويق برنامج ايران النووي او القضاء عليه، وهو الخطة الامريكية والاسرائيلية حول هذا البرنامج، والتي لم يعلن عن ماهيتها او وسائلها، فقط ان هناك في جعبة الاثنين خطة بديلة؛ في حال فشلت المفاوضات او ان ايران رفضت الدخول فيها، وهذا هو الامر البعيد كليا. المقصود بها اي بهذه الخطة البديلة، خطوط مشارط الجراح. هذه الخطة حتى وان تم اعادة العمل بخطة العمل الشاملة والمشتركة؛ لأحياء الصفقة النووية بين ايران والقوى الدولية الكبرى؛ فأن اسرائيل سوف تنفذها وعلى شكل مراحل، كما كان وقد قامت بها في وقت سابق من هذا العام والاعوام السابقة؛ وهي عمل من اعمال المخابراتية بالاستعانة بالحروب السيبرانية التي تتقنها اسرائيل، وبالكادر البشري الايراني الذي يعمل لصالحها في الداخل الايراني، من دون ان توجه اصابع الاتهام او الادانة الدولية لإسرائيل وبالذات، حين لا تعلن اسرائيل عن مسؤوليتها عنها، وهذا هو الاحتمال الوارد جدا، ان لم اقل هو الاحتمال الاكيد، خصوصا وان اسرائيل ليست طرفا في هذه الصفقة ان تم اعادة العمل بها. اعتقد ان ايران تدرك ذلك تماما، فقد صرح في وقت سابق من هذا العام، اكثر من مسؤول ايراني؛ ان الداخل الايراني مخترق من قبل الكيان الاسرائيلي. نعود الى المفاوضات التي سوف تكون مفاوضات صعبة ومعقدة جدا، ولن تنتهي في وقت قصير اي يصار الى اتفاق جديد او اعادة العمل بالاتفاق السابق الذي تم تبنيه في عام 2015؛ لأن الكثير من الامور والاوضاع قد تغيرت، سواء في اوضاع المنطقة، او في الداخل الامريكي اي الهزيمة الامريكية المدوية في افغانستان، او في البرنامج النووي الايراني، وما حصل فيه من تطورات ومراكمة للخبرة في مجال التخصيب، او في ادارة الرئيس الايراني وطاقمه المتشدد. من المستحيل ان ترضخ ايران او تنصاع الى اتفاق جديد غير اتفاق عام 2015؛ لأن جميع اوراق اللعبة تعمل لصالحها، ومن الغباء التفريط بها وفي هذا الوقت الملائم لها بالذات، وايران ليست بهذا المستوى من الغباء، بل ان العكس هو الصحيح.
اول هذه الاضافات، على الاتفاق السابق؛ الصواريخ الايرانية ونفوذ ايران في المنطقة العربية؛ الذي يريد الجانب الامريكي ادخالهما في الصفقة النووية بين ايران والقوى الدولية الكبرى، ولو ان امريكا لم تتحدث عنهما، منذ حين من الوقت، وهذا يعني انها، ربما، قد تخلت عنهما. لكن هناك معضلة تكاد تكون عويصة على الحل والحلحلة، ولكنها ليست مستحيلة، وهو ما يجعل تلك المفاوضات صعبة ومعقدة، عندما تبدأ، وسوف تستغرق وقتا ليس بالقليل؛ الا هو تخصيب اليورانيوم وزمن الصفقة النووية، ورفع العقوبات الاقتصادية الامريكية بالكامل عنها. ايران لا تريد لهذه الصفقة ان يكون زمن العمل بها اكثر مما ورد في اتفاق عام 2015، فيما امريكا تريد ان تمدد زمن هذه الصفقة اكثر بكثير مما ورد في الاتفاق المذكور؛ وهذا الامر يتعلق بحسابات امريكا التكتيكية والاستراتيجية وبقول اكثر وضوحا وصراحة؛ تعول على فعل الزمن في تحطيم ركائز النظام الايراني مع مشارط الجراحة الاسرائيلية، اضافة الى الاساليب الاخرى، ومنها اقامة تحالفات عربية عربية لتطويق النفوذ الايراني في المنطقة العربية، بطريقة ناعمة وغير صدامية؛ الشام الجديد، وابنه الشرعي؛ التعاون والشراكة بين العراق وجواره العربي والاسلامي، اضافة الى تسكين الخلاف الايراني السعودي؛ بتطبيع العلاقة بينهما، وما يترتب عليه كلازمة حاكمة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلا الدولتين، وايضا بالنسبة الى السعودية؛ امتناع ايران عن التدخل في الشأن العربي، وهنا المقصود غير الحصري؛ هو اليمن،

اذا ما تم الاتفاق على رأب الصدع بينهما ومن ثم وبالنتيجة تطبيع العلاقة بينهما؛ وهذا الامر البعيد الاحتمال؛ ان يتم تطبيع العلاقة بين الدولتين الا اذا تخلت السعودية عن مطالبها سابقة الاشارة او ان ايران قبلت بها، في الظروف الحالية، من غير المرجح ان تجدا الدولتين منطقة وسط تلتقي فيها مصالحهما. ان عادة العمل بالصفقة النووية بين ايران والقوى الدولية الكبرى، لا يعني برنامج ايران فقط، بل يعني جميع ملفات المنطقة بحسب البعد الاستراتيجي الامريكي لهذه الصفقة كما اسلفنا القول فيه، في اعلاه. لكن ليس بالطريقة المباشرة اي بحزمة واحدة، هذا امر لن يحصل في المفاوضات؛ انما يحصل بخطوط متوازية ومتزامنة، ومفهومة ومعلومة بالإيحاء التراسلي، بمعنى ارسال رسائل طمأنة لأطراف الحوار المباشرين؛ لإعادة العمل بالصفقة النووية، ولأطراف الظل الخائفين من نتائج ابرام او اعادة ابرام الصفقة بروح جديدة وعلى ذات ركائز اتفاق عام 2015. عموما ان احياء خطة العمل المشتركة والشاملة؛ سوف يتم ولو بعد فترة ليست بالقليلة، وبمفاوضات صعبة ومضنية. ان ايران تريد لها، اي لهذه المفاوضات ان تنجح، لأسباب اقتصادية، انما بطريقة تضمن لها الحصول على اكبر قدر من المكاسب، ومن دون التنازل عن تخصيب اليورانيوم على اراضيها، وبالكمية التي تقررها هي لحاجتها لها، وهي حجة سوف تستخدمها في هذه المفاوضات،

اضافة الى زمن الصفقة فهي لن توافق على ان تكون لانهائية، او العمل بها للأمد البعيد. اما امريكا لن يكون امامها في نهاية المطاف، الا الاتفاق على اعادة العمل بخطة العمل الشاملة والمشتركة، والا سوف تصحو ذات يوم، وهو يوم غير بعيد؛ على ايران القنبلة النووية. هذا الامر او الوضع ان حدث سوف يؤثر على امريكا وعلى اسرائيل وعلى حلفائهما من جهة ومن الجهة الثانية سوف يدفع لا محال الى سباق اقليمي على حيازة السلاح النووي او الوقوف على العتبة النووية. على ضوء هذه المعطيات فان اعادة العمل بالصفقة النووية بين ايران والقوى الدولية الكبرى؛ سيحصل وبكل تأكيد.

أحدث المقالات

أحدث المقالات