تتفاوت الانتخابات في النظام الايراني هذه المرة عن الدورات السابقة تفاوتا كبيرا ولكن قبل تناول جوانب مختلفة منها يجب أن ندرك الظروف التي تجري فيها الانتخابات.
ستجري الانتخابات هذه المرة في وقت توفي قبل مدة الرجل الثاني للنظام أي هاشمي رفسنجاني ما أسفر عن إضعاف النظام بشكل مضاعف وجعله عقيما الى حد ما. وفي نظرة عابرة نرى أن جناح روحاني أصبح ضعيفا على وقع ذلك الحدث ولكن اذا تأملنا قدر ما فنلحظ آن النظام بأسره أصبح ضعيفا. لكون الرجل رغم أنه كان مع خامنئي قرينين متناقضين لايفترقان الا أنه كان وجوده بمثابة نقطة التوازن للنظام. من جهة أخرى قد ألحق رحيله خسارة لافتة في السياسة الخارجية للنظام يمكن الاشارة اليها وفق الآتي:
«رحيل اوباما ومجيء دونالد ترامب بسياسة مخالفة لسلفه وابتعاد روسيا عن النظام حول الأزمة السورية واقترابها الى تركيا وكذلك الاتفاق الشامل المشترك الفاشل الذي لم يجلب نفعا للنظام قد زاد من أزمات النظام».
انعكاس العاملين المهمين يكتمل مع تساقط عناصر النظام وهبوط معنوياتهم من جهة وتصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد الوضع المتفجر للمجتمع.
كما وفي الوقت الحاضر هناك 4 عوامل مؤثرة قد جعلت أجنحة النظام الداخلية متشتتة بحيث تلقي حتى اللحظة كل الافاق للاتنخابات في حالة من الغموض والمجهول.
من الطبيعي أن الأجنحة الداخلية للنظام ومثل السنوات السابقة وطبعا أكثر من ذي قبل يدقون على طبل التضليل ويطلقون وعودا جوفاء ولكن لا يسمح الحال لهم أن تبصر هذه المحاولات النور.
روحاني يتشدق بالكلام ويثرثر عن الرياضة للنساء ويتخذ أمام خامنئي موضع المعارضة ليعرض نفسه مختلفا عن الملالي الحاكمين وكأن الشعب الايراني لا يعلم أنه قد شارك كل أعمال النظام منذ تأسيسه واحتل دوما أعلى المناصب الأمنية وهو كان من أشد الحماة لولاية الفقيه وحملات الاعدام بحيث في ولايته تم تنفيذ أكثر من 3000 حالة اعدام!
وأما خامنئي فيشن هجوما على زمرة روحاني مستخدما اسلوبا شعبويا متزمتا ويقول «ان عمر الحكومة على وشك النهاية ولكن المشاكل الاقتصادية للناس! بقت على حالها ولم ير المواطنون انتعاشا اقتصاديا في حياتهم». وكأن المواطنين ليسوا على علم بسجل الحرس والأنظمة العاملة تحت أمر ولاية الفقيه المفعم بالجريمة والنهب سواء في ايران أو خارجها منها في سوريا والعراق و…!
ولكن خامنئي وكما روحاني يستشعران أجواء الاحتقان السائدة في الشارع الايراني ويعلمان أن الجماهير المنهوبة أموالهم وثرواتهم والطافح كيل صبرهم يتحينون الفرصة لاستغلال أقل شرخة في النظام ليحققوا ما يصبون اليه. لذلك
فان الجناحين كليهما يخاف من أن المواطنين الضائقين ذرعا يخرجون هذه المرة مثلما فعلوا في عام 2009 الى الشوارع لطي صفحة النظام ولكي لا يبقى للنظام وبر ولا ناقة.
ويدرك الجناحان جيدا أن هذه الانتخابات ليست انتخابات شعبية. وما هي الا مسرحية وفي واقع الأمر صراع على السلطة بين الجناحين للنظام، وعلى هذا الأساس ما يخطر على البال هو سؤال ما الذي سيكون مصير النظام بعد الانتخابات بغض النظر عما يأتي على كرسي الرئاسة روحاني أم ابراهيم رئيسي (ومن المحتمل أن يكون مرشح زمرة خامنئي).
في ايران الرازحة تحت حكم الملالي من يجلس على كرسي الرئاسة آو بالأحرى أن نقول من يخرجونه من صناديق الاقتراع، يجب أن يكون مطيعا «لولاية الفقيه». رئيس الجمهورية مهما كان يافطته وظاهره السياسي وبأي شعار رفعه لن يكون رجلا الا حاميا صلبا للقمع والارهاب وتصدير التطرف وانتهاك حقوق الانسان والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
واستنادا على ما ورد أعلاه يمكن التلخيص أنه طالما النظام قائم على مبدأ ولاية الفقيه، فلن ترى ايران سلطة شعبية وديمقراطية وتحسين في واقع حقوق الانسان ولن ترى المنطقة اجتثاث الارهاب. ويبقى الطريق الوحيد في تغيير النظام برمته وحل محله بنظام ديمقراطي وشعبي يتمثل الآن في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية ورئيسته المنتخبة السيدة مريم رجوي.
@m_abdorrahman