23 ديسمبر، 2024 11:12 ص

ايران : الانتخاب بين السيء والاسوأ

ايران : الانتخاب بين السيء والاسوأ

الانتخابات الايرانيه ليست عملية مفاضلة ومفاصلة بين الجيد والاجود منه بل هي خيار اجباري بين ما هو سيء وما هو اسوأ اذن كل الطبقة السياسية لنظام ولاية الفقيه هي عبارة عن خطوط سيئة واسوأ منها .
 لذا يقول العارفون انه بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ وهزائم النظام الايراني في سوريا،  ازدادت أزمات النظام يوما بعد يوم واضطر خامنئي مجبرا على خيارات ترشيح بين السيئين والاسوأ منهم . أي بين زيادة مضاء سيف مجلس صيانة الدستور(1) واقصاء المنافسين الداخليين وقبول تداعياته المحلية والدولية أو جعله غير قاطع ويسمح بالمنافسين المحليين للوصول الى البرلمان ومجلس الخبراء (2) وهذا يعني اضعاف هيمنة خامنئي أكثر من ذي قبل وتوسيع الهوة العميقة وبالتالي اضعاف النظام برمته مما يمهد الطريق لاسقاط النظام بكامله.
ان التطورات التي شهدتها البلاد خلال الأسابيع الأخيرة تبين أن خامنئي ومجلس صيانة الدستور قد عملا على اقصاء المزيد من مرشحي تيار رفسنجاني وروحاني من المجلسين بشكل غير مسبوق. وأعلن أفراد الزمرة المسماة بالاصلاحيين أن 30 شخصا فقط من 3000 مرشح تم تأييدهم أي بنسبة واحد بالمئة. كما أن أكثر من 50 بالمئة من الأعضاء الحاليين في البرلمان تم اقصاؤهم أيضا.
الغالبية العظمى من  المحذوفين من الترشيح  لمجلس الخبراء هم من الأفراد غير الموالين لخامنئي. ولم تكن هناك ذريعة لاقصاء رفسنجاني نفسه وتم تأييد ترشيحه . اذ لم يكن بامكانهم التشكيك في أهليته العلمية (كونه عضو حالي في مجلس الخبراء) ولم يكن بامكانهم اقصاؤه بذريعة تعامله مع «الفتنة 2009» (3) لأن خامنئي نفسه بعد عام 2009  كان عينه رئيسا  لمجمع تشخيص مصلحة النظام (4). ولكن من بين المحذوفين كانت قضية اقصاء حسن خميني حفيد خميني ونجل احمد خميني أكثر الموضوعات اثارة للنزاع. وكانت ذريعة اقصائه عدم مشاركته في امتحان الدخول لمجلس الخبراء وكذلك عدم حمله شهادات علمية ضرورية لكسب العضوية في مجلس الخبراء. انه ولطعن هذه الذرائع لديه حجتان:
اولا انه لم يتم ابلاغه بالمشاركة في الانتخابات وثانيا انه يدعي أن درجته العلمية والفقهية أوضح من أن يدخل مضمار الامتحان. فضلا عن أن عددا من رجال الدين من الطراز الأول وبعضهم مقربون للحكومة قد أيدوا مرتبته العلمية، الأمر الذي يزعج خامنئي. وذهب البعض منهم أبعد حيث قالوا ان الأهلية العلمية لحسن خميني اليوم هي أكثر من أهلية خامنئي عندما أصبح  الولي الفقيه بعد موت خميني.
وفي كلمة أدلى بها، حسن خميني اشتكى من رفض أهليته ولم يرافق خامنئي  في زيارة قبر خميني في 31 يناير في ذكرى عودة خميني الى ايران مثلما كان معمولا به في السنوات السابقة. ان العلاقة النسبية لحسن خميني بخميني يجعل حذف اسمه صعبا على خامنئي.
وكانت حدة لهجة رفسنجاني بشأن حذف حسن خميني غير مسبوقة. اذ قال في اليوم الأول من فبراير في مطار مهرآباد «لا يؤيدون أهلية رجل هو أشبه بجده (خميني) ولا يقبلونه» وخاطب رفسنجاني أعضاء مجلس الصيانة الذين ينظرون في أهلية المرشحين لمجلس الخبراء وأكد قائلا: «من أيد أهليتكم؟ مَن سمح لكم بأن تحكموا ومَن وضع منابر مختلفة مثل الاذاعة والتلفزيون وصلاة الجمعة تحت تصرفكم؟ لو لم يكن خميني لما كنتم وما وصلتم الى هذه المكانة. وبفعلكم هذا (حذف حسن خميني)  تكونون عاملتم بيت خميني معاملة سيئة.
وقد أثارت تصريحات رفسنجاني ردود أفعال قوية لدى زمرة خامنئي.
وحذر محمد رضا تويسركاني ممثل خامنئي في قوات التعبئة (البسيج) ، اكبر هاشمي رفسنجاني وحسن خميني وقال أحذركما من أنه سيحل بكما ما حل بحسين علي منتظري. (يذكر أن حسين علي منتظري كان خليفة خميني الا أن خميني عزله من منصبه وأقصاه عام 1988 بعدما اعترض على موجة الاعدامات ضد مجاهدي خلق في السجون).
•وفي ذات السياق فان   حداد عادل وهو من المقربين لخامنئي وردا على تصريحات رفسنجاني قال «…. خميني كان له حفيد آخر وهو ابن حاج آقا مصطفى وعندما رأى أن أعماله تخالف مصلحة الثورة والنظام، فقد أجبره على لزوم البيت وحظر عليه أي عمل سياسي…
• مجتبى ذور النور مستشار ممثل الولي الفقيه في قوات الحرس والقائد السابق للواء الامام الصادق قال ردا على انتقاد رفسنجاني الأخير لمجلس الصيانة « لو  ترك النظام الاسلامي صفة الرأفة ، فانه يتوجب عليه ايداع هؤلاء السادة سجن ايفين عند أبنائهم الذوات.
(في اطار تفاقم الخلافات بين جناح خامنئي ورفسنجاني قام قضاء النظام التابع لخامنئي قبل أشهر بمحاكمة ابن رفسنجاني بتهمة الفساد المالي وحبسه وهو قابع حاليا في سجين ايفين).
• حميد رسايي نائب برلمان النظام من زمرة خامنئي قال «ان اضعاف واهانة مجلس الصيانة هو انحراف. وهذا ما فعله السيد هاشمي رفسنجاني».
 
اما تجمع رجال الدين وتجمع المدرسين وهما تجمعان رئيسيان للملالي التابعين لزمرة خامنئي فقد حذفا اسم رفسنجاني من قائمتيهما لمجلس الخبراء عقب تصريحات الأخير. وكان اسم رفسنجاني في الدورات السابقة يرد في مقدمة  قائمة الجامعتين.
كما تلاحظون أن الأزمة الداخلية للنظام قد تفاقمت وباتت حادة. فمن جهة زادت الضغوط على خامنئي بشكل غير مسبوق حيث يسلط رفسنجاني السيف علنيا على رأسه وأصبح حسن خميني فعلا في قطب مخالف لزمرة خامنئي ومن جهة أخرى تسعى زمرة خامنئي ابتداءا  من الملالي ومرورا بقوات الحرس وتعبيء لعزل رفسنجاني واقصائه من الساحة.
والآن اذا أعاد خامنئي ومجلس الصيانة حسن خميني الى مضمار الانتخابات، فهذا يعتبر تراجعا كبيرا خضع له خامنئي، الأمر الذي يكلفه غاليا أكثر من قبول ترشيحه في البداية. وعندئذ يدخل حسن خميني مجلس الخبراء عمليا بمثابة بديل لخامئني  وليا فقيها واذا أصر خامنئي على اقصاء حسن خميني فهذا سيخلق توترا أكثر داخل النظام ويوسع الخلافات والاستقطابات ويجعل الزمرة المنافسة أي رفسنجاني وروحاني مع عنصر جديد يحمل اسم خميني منافسا خطيرا ضد خامنئي. لذلك يمكن الاستنتاج عشية الانتخابات أنه لا شك أن النظام برمته وخامنئي على الأخص سيخرجان من الانتخابات أكثر هشاشة و ضعفا.
 
ايضاحات:
(1)   مجلس صيانة الدستور : واجب مجلس صيانة الدستور دراسة كل ما يصدره البرلمان من منظر المعايير الاسلامية والدستور وعند عدم مغايرته فان قرار البرلمان يأخذ طابع القانون. هذه المؤسسة لها 12 عضوا يتم انتخابهم لدورة 6 سنوات. كما مجلس الصيانة يشرف على اجراء الانتخابات وهوالمرجع الرسمي لتفسير الدستور.
(2)   مجلس الخبراء:  تعيين القائد من مهمة مجلس خبراء القيادة حيث يتم انتخاب أعضائه من قبل الناخبين وعدد أعضاء المجلس 84 شخصا.
(3)   القصد من فتنة 2009  هو الانتفاضة الجماهيرية التي خرجت ضد قادة ورموز النظام خاصة خامنئي وجعلت النظام  على وشك السقوط. جناح خامنئي قال ان مجاهدي خلق وجناح رفسنجاني هما من تسبب  في اثارة هذه الاحتجاجات ومنذ ذلك الوقت عندما يريد اقصاء شخص أو تيار سياسيا  يتهمه بالارتباط بمجاهدي خلق وأحداث عام 2009.
(4)   مجمع تشخيص مصلحة النظام:  هذه المؤسسة أسست من أجل رفع الخلافات بين البرلمان ومجلس الصيانة على اللوائح القانونية. رئيسه الحالي هو رفسنجاني. ويضم كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وفقهاء مجلس الصيانة ورئيس المجلس الأعلى للقضاء.