9 أبريل، 2024 12:25 ص
Search
Close this search box.

ايران: اتقنت اللعبة

Facebook
Twitter
LinkedIn

أن البعض من التحليلات السياسية؛ تذهب، أو خلاصة ما تذهب إليه؛ هو ان الغرب بقيادة امريكا، أو الكيان الاسرائيلي وامريكا، أو الكيان الاسرائيلي منفردا، وبموافقة امريكية؛ سوف يقومون بشن حربا على ايران، وهذه الحرب سوف تؤثر على دول الخليج العربي، في حالة انسداد افاق الاتفاق، او عدم الوصول الى اتفاق يجري بموجبه العودة الى الصفقة النووية بين ايران والقوى العظمى. هذا من جانب ومن الجانب الثاني؛ تؤكد، ان البرنامج النووي الايراني حتى لو وصل، او استطاعت ايران من صناعة السلاح النووي، فأن هذا لا يؤثر وجوديا على الغرب بقيادة امريكا، لأن هناك دول كثيرة، تمتلك ومنذ سنوات السلاح النووي، ولم تؤثر وجوديا على الغرب وامريكا، وهم يقصدون في هذا، باكستان والهند، وكوريا الشمالية. بينما الحقيقة ان باكستان والهند امتلاكا السلاح النووي خلال الحرب الباردة، كما انهما في منطقة بعيدة، لا تشكل قلق وجودي على الكيان الاسرائيلي، أما كوريا الشمالية فهي مدعومة بقوة من الصين ان لم اقل بحماية الصين، هذا من جانب اما من الجهة الثانية؛ فأن كوريا الشمالية استثمرت بحنكة وذكاء انشغال امريكا بغزو العراق واحتلاله، وما تبع هذا الغزو والاحتلال، من مقاومة بطولية فريدة من عموم الشعب العراقي بلا استثناء، اطاحت بالهيبة الامريكية، واضعفت الى حد بعيد قدراتها الاقتصادية وما له علاقة به. اعتقد ان هذه الرؤية؛ هي خطأ في اولا؛ ان امتلاك السلاح ليس لغرض استخدامه، بل هو للردع، قوة ردع تمنع الاعتداء والغزو والاحتلال، وليس للتهديد الوجودي. وبالتالي يمنح الدولة قوة تثبيت للسيادة والقرار المستقل، على كافة الصعد. لأن القوى العظمى، وهنا المقصود تحديدا، امريكا فهي امبراطورية عُرف عنها، الغزو والاحتلال على مدار القرن العشرين، للدول التي تتقاطع معها مصلحيا، ( ترفض الانصياع لها ولمصالحها..) وتذهب في الاتجاه الاخر المضاد لها؛ بنما غرينادا، العراق، افغانستان، والقائمة تطول ان استمر في تعدادها. وثانيا؛ خطأ، في قراءة الاوضاع في المنطقة العربية وفي جوارها. وثالثا؛ خطأ، في قراءة التحولات الكبيرة والكبيرة جدا، وهي تحولات بزاوية ميل 180درجة، سواء ما كان منها في المنطقة العربية، وفي جوارها ايضا، وفي العالم. ايران حقا لا تريد صناعة سلاحا نوويا في الوقت الحاضر والى الامد المنظور، لكنها في الوقت نفسه، تريد الاحتفاظ بموقعها الحالي، كدولة عتبة نووية. كتبت في عدة مقالات تم نشرها في صحيفة القدس العربي( اللندنية)، ومنذ عدة اشهر، والبعض منها نُشر في وقت قريب؛ ان اعادة العمل بالصفقة النووية سوف يتم الاتفاق عليه وبكل تأكيد، هذا اولا، وثانيا؛ لا ولم ولن تُشَن حربا ولا ضربات منتخبة، سواء بالطائرات، أو بالصواريخ على الداخل الايراني، لا امريكا ولا اسرائيل، لا الأن ولا في المستقبل، ليس لأن الرد الايراني سوف يكون مدويا ويلحق ضررا بالغا في القواعد الامريكية على ارض الخليج العربي، وعلى الكيان الاسرائيلي، وعموم دول المنطقة العربية، ومصالح امريكا في تلك الدول المشار لها توا، فهذا امر له حديث اخر. هنا علينا لا نغفل او نقلل من الرد الايراني، ولكنه ليس هو المعطل للحرب عليها، او شن ضربات منتخبة على منشأتها النووية او الاخرى الحيوية، بل ان ايران حاجة استراتيجية لأمريكا، وحتى غير امريكا.. أن امريكا لا تريد ان تتحطم ايران، وتفكك، تريد لها ان تظل دولة قوية وموحدة، وفي الوقت عينه تريد ان تسقط النظام فيها باي ثمن، من غير ان تسمح لهيكل الدولة فيها ان يهتز، أو ان يتعرض للزلزلة؛ تقود الى الانهيار والتفكك. فأن امريكا أو غيرها ان فعلت هذا فهي تخسر عمود استراتيجي في الاستراتيجية الامريكية وغيرها ممن يتشارك معها في هذه الاستراتيجية، وايضا على الامد البعيد في الخليج العربي وبحر العرب. أن جغرافية ايران، واشرافها على ساحل الخليج العربي؛ تشكل قطب توازن في المنطقة، وايضا قطب ارعاب فيها. وبحكم الزامية الحاجة، والضرورة الواقعية الحاكمة؛ تحتفظ امريكا بتواجدها المستدام في المنطقة، طبقا لما سلف في اعلاه القول فيه. وايضا الكيان الاسرائيلي الذي دخل في هذه اللعبة منذ عدة سنوات؛ كعمود في حفظ الامن في دول الخليج العربي. أن هذا، لا يعني ان النظام الايراني، لا يعادي السياسة الامريكية والسياسية الاسرائيلية، بل ان العكس هو الصحيح؛ لأن الكيان الاسرائيلي وايران بنظامها الحالي في صراع على النفوذ في المنطقة العربية. ان هذه السيناريوهات التي جرى ويجري مسرحتها على خشبة المسرح العربي؛ تشكل وثيقة ادانة للنظام الرسمي العربي. الذي هو كما عليه حاله، في معزله البعيد عن إرادة الشعوب العربية، حرم هذه الشعوب من تفجير طاقاتها الخلاقة في البناء والدفاع عن السيادة والأمن. وهو بهذا يكون قد أذل ذاته، واُجبر على الانبطاح والانصياع للإرادة الامريكية والاسرائيلية، طلبا للعون والدعم والمساعدة، في وقت كان له ان يكون غير ما هو كائن وضعه ونظامه عليه، لو، اكرر بألم وأسف لو مثل تمثيلا كاملا إرادة الشعوب العربية؛ لكان اقوى بكثير من الأنظمة المحيطة به، في دول الجوار العربي. كما أن، لو كان وقد قدر لهذا الآمل ان يكون واقعيا، وما اسهل ان يكون، لو كانت النية والهدف يسيران في هذا الاتجاه من قبل النظام الرسمي العربي؛ لكانت الاوطان العربية وشعوبها، اكثر انسجما، واكثر قوة، واكثر تطلعا بثبات نحو المستقبل، بدل من هذا الوضع المزرى الذي يثير الوجع والألم في النفوس. نعود الى ايران وامريكا و(اسرائيل)؛ تحاول الولايات المتحدة و(اسرائيل) تطويق النفوذ الايراني في المنطقة، وحصرها في زوايا ميتة، من دون القضاء عليه، بصورة كاملة، قبل ان يتم لها، او لهما ونقصد هنا امريكا و(اسرائيل)؛ الانتهاء من خطة الرسم النهائي لدول المنطقة العربية، وهذه الخطة حتى الآن، تسير على طريق فيه، الكثير من المعرقلات( المقاومة للمشاريع الامريكية الاسرائيلية..). لذا نلاحظها تتوقف هنا مرة وتتوقف هناك مرات، يتوقف الحديث عنها مرات، وتتسرب الى الاعلام بقصدية؛ البعض من آلياتها ومنصاتها مرة هنا، ومرات هناك، لكنها مستمرة في سيرها على مختلف المسارات، التي وان ظهرت متباعدة، انما هي في خطواتها متوازية. عليه فأن الصفقة سوف يعاد العمل بها وبكل تأكيد. لكن، في المقابل سوف تتمكن الشعوب العربية ذات يوم نتمنى ان لا يكون بعيدا، واعتقد انه قريبا؛ من قلب الطاولة على امريكا و(اسرائيل)، وعلى جميع اللاعبون بالوكالة عنهما.. أما ايران فأنها تلعب مع امريكا بحنكة وذكاء عملي ومرونة برغماتية، فقد اتقنت اللعبة. كما انها تعلم تماما ان امريكا واسرائيل؛ لا تُقدم على تنفيذ ما تهدد به ايران..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب