سرقة أفكار الآخرين، أو نتاجهم العلمي، أو جهودهم، أو عطائهم، أو انجازاتهم، أو إبداعاتهم، جريمة لا تقلُّ عن سرقة المال، بل هي اشد منها وأخطر، لأن المال يعوض ، أما تلك فلا يمكن تعويضها، وهي ظاهرة مقيتة تنم دناءة مرتكبيها، و حبهم للظهور والشهرة، وإفلاسهم العلمي والفكري، وعدم قدرتهم على الإبداع والابتكار والعطاء وفشلهم في مسيرتهم، ولكي يغطوا على ذلك يمارسون سرقة أفكار ومواقف وجهود الآخرين، فهم إمعات تعتاش على أكتاف الغير وجهوده.
لا يخفى على احد أن التظاهرات التي يشهدها العراق حاليا جاءت نتيجة الحرمان والمعاناة التي أثقلت وأنهكت كاهل الشعب العراق، وتسلط الفساد والمفسدين، فقرر الشعب المسحوق أن ينتفض للمطالبة بحقوقه ومحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين، فكان لتلك التظاهرات هديرا اقلق مرجعية السيستاني وأيقظها من سباتها، فأسرعت إلى ركوب الموج، وأظهرت “إعلاميا” تعاطفها الانتهازي على لسان خطيب جمعتها، وأنها مع مطالب الشعب، ودعت رئيس الحكومة إلى الضرب من حديد، في محاولة منها لامتصاص الغضب الجماهيري المتصاعد، حتى لا تكون النتائج خلافا لما ترتضيه مصالحها.
يرافق ذلك الترويج والتزويق للمرجعية، وتلميع صورتها بواسطة أبواقها الإعلامية، وغيرها من وسائل الإعلام المرتزق، والتي راحت تطبل وتزمر إلى أن مرجعية السيستاني وتوصياتها ومطالبها هي التي حققت التغيير، لتسرق بذلك جهود وأفكار وإبداعات وتضحيات ومطالب المتظاهرين التي رفعوها تحت حرارة الصيف التي فاقت درجة الغليان، وتنسبها للمرجعية، في حين أن الشعب هو من انتفض وتظاهر وطالب كما أسلفنا، والمرجعية كانت تغرق في سباتها، ولم تشعر بمعاناة الشعب المتزايدة، ولم تطالب بحقوقه، ولم تطلب منه التظاهر من اجلها، ناهيك عن الحديث عن تحملها المسؤولية الرئيسية في دمار العراق وهلاك شعبه، لأنها هي من سلطت الفساد والمفسدين وأمرت بانتخابهم، ودافعت عنهم وأجهضت التظاهرات السابقة التي كادت أن تطيح بعروشهم وتكفي العراق وشعبه فسادهم وشرهم، لولا فتاواها التي حرمت التظاهر، فبينما يعيش المتظاهرون حلم الخلاص من الفاسدين وسراق الأموال، حتى يفاجئوا بسراق من نوع خاص اخطر وأشد، هم سراق الجهود والأفكار والإنجازات التي حققها المتظاهرون، وهكذا بات الشعب العراق المنتفض بين من يسرق أمواله وخيراته وبين من يسرق جهوده وتضحياته.، وهذا هو من تطبيقات المثل الشائع “ايجد ابو كلاش وياكل ابو جزمة” والأولى تعديله إلى ايجد المتظاهرون وتأكل المرجعية، وباي طريق تأكل المرجعية ؟!!!، انه طريق السرقة، سرقة جهود وتضحيات المتظاهرين، وعليه يقتضي أن نبتكر مثلا جديدا نصه “ايجد المتظاهرون وتسرقه المرجعية”