23 ديسمبر، 2024 10:36 ص

ايثار ..واستئثارايثار ..واستئثار

ايثار ..واستئثارايثار ..واستئثار

يعصرون رؤوسهم بأيديهم ويهدرون صحتهم وحياتهم .. يهجرون الحياة الساخنة ويختارون المقاعد الباردة ويقاتلون في سبيل الاحتفاظ بها ..يعانون ويتعذبون لينالوا السلطة وعندما يملكونها يبلغون قمة العذاب فالحرص عليها عذاب والتخلي عنها عذاب …وفي تلك الرحلة التي يقطعها الانسان منذ خروجه من بطن امه عاريا وحتى يتمدد في النعش عاريا ايضا ، يعيش لحظات مدججة بالعناء والشقاء ليبلغ القمة محاولا التستر باشكال والوان واحجام مختلفة من ورق التوت يضع بعضها على فمه واخرى على عينيه وثالثة على قلبه ، لكن عقله يظل متفتحا ولاتدور في فلكه الا فكرة واحدة هي الوصول الى السلطة والبقاء فيها ..خلال تلك الرحلة ، يحمل الانسان الوية مختلفة ويطلق شعارات يطرق بها القلوب قبل الآذان ويتخذ اهدافا يعد بتحقيقها وقد ينساها بمجرد اعتلائه الكرسي وقد يدعس الكثيرين بقدمه ليبلغ القمة ..
بعض اولئك الحالمين بالسلطة يعملون في سبيل هدف نزيه ، وفي النهاية يكتشفون ان هناك من يعمل في اتجاه معاكس محاولا تدمير كل مايفعلوه وقد يعيشون لحظة انهيار كل شيء نزيه او ينفضون عنهم افكارهم النظيفة ويضعون ايديهم في ايدي اعدائهم ، وفي احسن الاحوال يموتون من اجل مبادئهم فيظهر غيرهم ثم يختفون ويبقى الكرسي سيدا والوصول اليه يستحق العناء ولكن ، هل فكر كل اولئك بأنهم ولدوا ليموتوا وعليهم ان ينتبهوا الى معاناة الناس وهم في طريقهم الى عريهم الأخير ..
في بلدنا المبتلى بتعاقب عشاق كرسي السلطة والراغبين في الالتصاق به لاطول فترة ممكنة ، مازلنا نفتش عن رجل سياسة يضع مصلحة المواطن فوق مصلحته الشخصية ويضع سلامة الوطن فوق سلامته فكل من يعتلي كرسي السلطة تضيق نظرته حتى يكاد لايرى اكثر من اهداف حزبه او طائفته او قوميته ، وحين يبدأ عملية التغيير سيبدأ بازالة اشخاص واحاطة نفسه بآخرين من اقاربه او معارفه او شريحته ، أما عملية التنمية فستكون
بتنمية موارده وتزايد اطماعه ، وحين يفكر في الاصلاح فلن يكون للقضاء على الفساد بل لترميم علاقاته مع من يدين لهم بالولاء او يدعمون مسيرته وبقائه ملتصقا بالكرسي !!
بعد تفجيرات الكرادة التي أعجزتنا مأساتها عن التعبير ، توقعنا أن يكف السياسيون قليلا عن خطاب التهديد والوعيد وان ينحنوا كما انحنى وزير الكهرباء الياباني عشرين دقيقة امام اليابانيين لانقطاع الكهرباء عنهم لمدة عشرين دقيقة وأن يعتذروا ويقدموا استقالاتهم ، ولكن ، كم عاما من الانحناء تكفي للتكفير عن تقصيرهم واهمالهم واسترخاصهم الدم العراقي …تمنينا ان نجد سياسيا يجيد ايثار الم المواطنين على مصلحته ومصلحة حزبه لكن الاستئثار بالمقاعد اقوى من الايثار ، والالتصاق بها اكثر اغراءا من مغادرتها …ومن يتشبثون بها لايعبئون ابدا بمن سيدعسوه في طريقهم اليها ولن يهمهم تلوث ضمائرهم وخسارة نفوسهم وهم في طريقهم الى عريهم الاخير !