12 أبريل، 2024 4:37 م
Search
Close this search box.

ايام الزمن الجميل ……جدا

Facebook
Twitter
LinkedIn

مراب النهضة بحر خاكي اللون امواجه جنود تهيج بشراسة بين حين واخر كلما شمت رائحة سيارة تقترب من بعيد.

محظوظ من سلالة محظوظين ذلك الذي يجد له مكانا . وانا غدوت واحدا من هؤلاء حين صعدت بعد تزاحم قردي الى حافة لوري قديم ثم هبطت في حوضه مبعثر القيافة مسحّج الركبتين احمد الله على هذا الفوز المكلل بطيحان الحظ .

دقائق لاغير حتى صار الحوض كتلة من اللحم المتراص الضاغط على بعضه ، وحين تحركت السيارة بعد شروط و(فيكات) كثيرة من سائقها السمين الاسمر الوسخ وجها ودشداشة واخلاقا ، وجدت ان كل المساحة التي قد خصصت لي هي بمقدار قدم واحد فقط ، لذلك قطعت المسافة وانا ابدل ساقا باخرى الى ان نزلنا في مدينة الكوت .

عبرت السدة المقصوفة مشيا ، وهناك اهداني الحظ مرة اخرى سيارة خشبية ، فصعدتها متجها الى مدينة الحي التي هي ليست مدينتي عسى ان اجد مركبة اخرى تقربني اكثر من الناصرية.

لمجرد صعودي انا وعدد من الجنود والمدنيين وجدت نفسي بين حشد من الخرفان احتل الخانتين الاخيرتين هو وصاحبه وعلفه ورائحته العطنة.

حمدت الله مرة اخرى كما حمده بقية الركاب ، واستمريت مندمجا مع ضجري واستيائي وثورتي المكبوتة .

لكنه..

وبعد مسافة سير قصيرة ، وما ان سمعت صوت السائق اتيا بأمره الحاسم من خلف المقود ، حتى غطيت وجهي ببيريتي وذهبت في ضحكة طويلة حبستها قسرا الى الحد الذي اضر ببلعومي فيما بعد واحوجني الى سوائل دافئة .

فالسائق الذي طلب اجرة مقدارها (دينارين) عن كل راكب بما فيهم الخرفان ذكرني بوعد صدام حسين التاريخي للعراقين قبل احتلاله للكويت عندما قال :

((سأجعل سعر السيارة بثمن نعجتين لاغير .))

فها انا الان ، ارى بالعين المجرد واسمع بالاذن الخالية من التشوش بأن جنوده وليس سياراته ، صاروا متساوين بسعر الاجرة مع ذكور النعاج ، ومستقلين لا مرسيدس ولا بونتياك ولا سوبر ولابرازيلي ، وانما مركبة من خشب كانت قد اصبحت صالحة لنقل الحيوانات فقط منذ اكثر من عشرين سنة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب