22 نوفمبر، 2024 10:00 ص
Search
Close this search box.

اياد علاوي انجازات السلطة والمعارضة

اياد علاوي انجازات السلطة والمعارضة

في عالم ثالث عادة مايتوارى السياسيون عن المشهد بعد مغادرتهم مناصبهم ، فالسلطة هنا ، رغم المزاعم بالديمقراطية ، تتحكم بصناعة ( الظهور ) ؛ بحيازتها المال والقوة وادوات الضغط على وسائل الاعلام والجمهور .اياد علاوي ، وفي ظروف مماثلة، ظل واحدا من أبرز الساسة حضورا ، داخل السلطة وخارجها . استثنائية علاوي ، الذي عارض صدام بضراوة ، تعود الى نجاحه كرجل دولة وسياسة ، فانجازات حكومته ، بعمرها القصير ، كثيرة ومهمة ، في الميادين الاقتصادية والمالية والبناء والاعمار ، وتمكينه الدولة من امتلاك المؤسسات والآليات الذاتية في القيادة والادارة على الصعيدين الداخلي والخارجي وفقا لمصالحها العليا تمثل اهم هذه الانجازات ، وتضع علاوي في مصافي الآباء المؤسسين للدولة العراقية الحديثة ، وكان لتبني الحكومات اللاحقة لهذه الأسس ، وهو مالم يحصل ، ان يقود العراق الى مراتب متقدمة ، ويجنبه مستنقع الدم الطائفي الذي أغرق فيه .
غادر علاوي السلطة بعد ارساء المرتكزات المتينة لمؤسسات وطنية فاعلة مثل الجيش والامن الداخلي والقضاء والهياكل الاقتصادية والمالية الكبرى ، وخلق بيئة تشريعية واعدة ، وبعد وضع العراق في بؤرة الاهتمام الاقليمي والدولي .كانت آخر منجزات حكومته اجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة . يأخذ البعض على الرجل رفضه الاستجابة لمطلب القوى السياسية بتمديد ولايته عامين آخرين ، ويبنون حكمهم على ما آلت اليه الاوضاع من ترد مخيف بعد سيطرة قوى الطائفية السياسية على السلطة ، غير مدركين لدوافع علاوي في تجنيب المرحلة التأسيسية للسوابق الخاطئة والبناء عليها في ضرب التجربة الديمقراطية الوليدة لاحقا ، وكان التمديد سيفضي حتما الى نتائج كارثية ، ولو في وقت متأخر .
غادر علاوي السلطة بعد تسليم سلس ، لكن تصاعد التوتير الطائفي وتنامي النفوذ الأجنبي والارهاب والجريمة المنظمة والتطرف فاقمت من استهداف رئيس الوزراء السابق وحزبه وكتلته وجمهوره ، عبر محاولات اغتيال عديدة ، وتصفية اعضاء الوفاق وحرق مكاتبه في المحافظات والعمل على شق صفوفه ، وارهاب مناصريه ، وهنا سجل اياد علاوي منجزا جديدا في مسيرة العمل السياسي الوطني بالتصدي بقوة لكل هذه الانحرافات ، والثبات على المبادئ والانتقال من دائرة الدفاع الى الهجوم ، وقد تكلل ذلك بالتفاف جماهيري حول قائمته التي تفردت بضم جميع اطياف الشعب العراقي افضى الى تصدر ” العراقية ” لنتائج الانتخابات البرلمانية ٢٠١٠ .
مقابل نجاحات علاوي السياسية والانتخابية كان اعداؤه وخصومه يعملون على بناء وتطوير ستراتيجية مضاده ادواتها السلطة والخارج ، وقد وضع التدخل الايراني القوي والتخاذل الامريكي المخزي علاوي امام خيارين لاثالث لهما : ادخال البلاد في دائرة العنف والصراع والتقسيم بالاصرار على تشكيله للحكومة العتيدة او القبول بحل بديل يقفز على استحقاقه الانتخابي ، وقد سجل علاوي انجازا جديدا بالقبول بالبديل الاخير ، رغم تنصل الطرف الآخر عنه ، فيما ادرك ناخبوه ، مع الوقت ، ان ثقتهم بعلاوي كانت في محلها وان اصواتهم ذهبت ثمنا لحقن دماء العراقيين والحفاظ على وحدة وطنهم ودحر مخططات اعدائهم ، وهو ماانعكس في حجم التصويت الهائل لعلاوي في انتخابات ٢٠١٤ رغم التلاعب والتزوير ، فيما جاءت مشاركته الرمزية في الحكومة الاخيرة لتأكيد وحدة البلاد في مواجهة تنظيم داعش الارهابي الذي تمكن من احتلال نصف مساحة البلاد ووصل اسوار بغداد ، عدا الوعد بعهدته ملف المصالحة الوطنية .
مسيرة علاوي الحافلة بمحطات الانجاز النضالي والسياسي وفي ادارة الدولة تقطف ثمارها عبر الدعوة الى الاصلاح و تفكيك المشاريع الطائفية وتصدر عنوان الدولة المدنية للخطاب العام والعودة الى المرتكزات التأسيسية لحكومة علاوي الأولى ، الا ان اهمها على الاطلاق تلك القيم الوطنية العظيمة التي افرزها ثبات علاوي على المشروع الوطني وسط عاصفة من تقلبات الآخرين .

أحدث المقالات