يتعجب البعض من مسؤولي الدولة عن قدرات الصحافة الاستقصائية في الكشف عن جرائم الفساد فيما لم تكشف مبادرة الشفافية الاستخراجية عن ارقام انتاج النفط العراقي بالشكل الذي يتعرف عليه المواطن العراقي، السؤال لماذا اعيد الحديث اليوم عن فضيحة اونا اويل التي تدور الشبهات فيها حول شخص نائب رئيس الوزراء السابق للطاقة الدكتور حسين الشهرستاني واستدعائه للحضور امام لجنة تحقيق برلمانية حول هذا الموضوع ؟؟ هل لأغراض انتخابية ام انها البوابة الأولى للحرب على الفساد التي كرر رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي الإعلان عنها ؟؟
مابين التعجب وبين إدراك المسؤولين في الحكومة العراقية لأليات عمل الصحافة الاستقصائية في الكشف عن جرائم الفساد، هناك حاجز يعرف بقانون حق المواطن بالاطلاع، وما ورد فيقانون الادارة المالية رقم 95 لعام 2004 عن شفافية الإعلان عن مصروفات الدولة من خلال الكشف عن هذه الأموال وفقا لأبواب الصرف في الموازنة السنوية.
تعد ” اونا اويل ” مصنعا للفساد والرشوة في صناعة النفط العالمية وتقوم ببساطة كما قال مالك الشركة عطا أحساني، لـ “فيرفاكس ميديا” و “هافينغتون بوست”: “لا نعمل نيابةً عن الناس. إن عملنا مبدئي جداً في الأساس. ما نفعله هو دمج التكنولوجيا الغربية مع الكفاءة المحلية” وتصف هافينغتون بوست” هذا القول بانه ” إن طريقة كسبهم هذا المال بسيطة. تعاني الدول الغنية بالنفط غالباً من الحكم الضعيف والمستويات العالية من الفساد. خطة عمل أونا أويل هي اللعب على مخاوف الشركات الغربية الكبيرة من أنها لا تستطيع الحصول على عقودٍ دون مساعدتها.
عدم فهم الجهات الحكومية قدرات الصحافة الاستقصائية من خلال شفافية التعامل الموضوعي، جعل الكثير من المؤسسات الدولية تعتمد على بعض المؤسسات الصحفية لتنفيذ تحقيقات استقصائية، وبإشراف مدربين عراقيين، لاسيما من إقليم كردستان، للتحقيق بملفات فساد في قطاعات خدمية واقتصادية، لعل أبرزها شبكة نيريج للصحافة الاستقصائية التي نشرت تحقيقا عن إمبراطورية “داعش” العقارية: استثمار أمني ومالي وتلاعب متكرر بالملكيات، وتحقيقا اخر بعنوان “شركات توظيف وهميّة في العراق. انتهاك لحقوق العاملين واستغلال لأوضاعهم “.
كما نجحت شبكة اريج، المنظمة العربية لشبكة التحقيقات الاستقصائية، بتتبع أساليب غسيل الأموال في عدد من الدول العربية بضمنها العراق، لكن واقع الحال ان المؤسسات الإعلامية الممولة من المال العام والنقابات المهنية والجامعية المعنية بتطوير مهارات الصحافة الاستقصائية، لا تقدم الكثير لفتح خزائن الفساد المغلقة تحت عناوين مفاسد المحاصصة !!!
كل ذلك يجري من فجوة الفراغ ما بين نص القانون وروحه وبين تطبيقات السياسة العامة لهذه القوانين المعنية بالكشف عن الفساد ومحاسبتهم، ربما تكون في عودة لجان التحقيق المشكلة في مجلس النواب الى الانتهاء من اعملها بسبب قرب الانتخابات وقضية اونا اويل منظورة اليوم في هذه اللجان والتي سبق وان جاءت في مناقشات علنية لمجلس النواب برزت فيها وثائق تؤكد إحالة الدكتور الشهرستاني لأوراق هذه القضية الى مفتش عام وزارة النفط، فالسؤال الى اين انتهت التحقيقات فيها بعد حوالي العامين ؟؟ وما هو مصير نتائج بقية اللجان التحقيقية البرلمانية، وهل لها سلطة على القضاء العراقي في إحالة ملف التحقيق الى القضاء ام يبقى مجرد ملف سياسي تحت عناوين مفاسد المحاصصة ولله في خلقه شؤون !!