الشهادة في سبيل الوطن والدفاع عنه غاية نبيلة جدا، وسلوك ينم في حقيقة الامر عن صدق حب الوطن وعشق تراب الارض التي عاش عليها ، السماء تحدثت عن هذا الموضوع باسهاب ، ووصفت الشهداء باوصاف ذي قيمة عليا ، بهذه الحروف التي ابتدات بها المقال لا اريد ان اتحدث عن الشهيد نفسه وعن مبادئه وجوده بالنفس وهي اقصى غاية الجود ، لكن اريد ان انظرفي هذا المقال الى الوطن والمسؤولين عنه كيف يكافؤون هذه التضحية وكيف يردون لذويه هذا الجميل ، للاسف في بلادي الامر مضحك مبكي، والقضية مؤلمة وتعيسة: والقصة حزينة جدا ، بالتأكيد الوطن لا ذنب له من يحكم فيه هم سرالجحود والانكار والسخرية ، انا شاهد عيان للكثير من تلك الحكايات التي ابطالها شهداء الوطن، يُقتلون على حدوده وجيوبهم فارغة لا تجد فيها حتى اجرة العودة الى بيته ووطنه الصغير، قلت انا لا اريد ان اتحدث عن شخص الشهيد نفسه ، بل ما اريد الحديث عنه هو ذلك الاهتمام السخيف الذي تبديه الحكومة والمسؤولون لاهله واطفاله ، وهي حتى وان كانت جادة في الموضوع فهي لم ولن تستطيع ان تعطي جزأ صغيرا لهم ثمنا لتلك التضحية ، فكيف بحكومة هزيلة جل همها في هذا الموضوع هو الحديث عن راتب صغير جدا وعن قطعة ارض في صحاري مدينته لا خدمات ولا مؤهلات سكن فيها ، بصراحة لن يكون راتب برلماني ولا قصره بخيوله ومسابحه يعوض اولاد الشهيد عن عدم تواجده بينهم وتأثيرات حنانه على أطفاله ، فكيف بتلك النقود والرواتب القليلة التي تدفع لاهله بعد اشهر او حتى سنوات من استشهاده ؟!!،من سيسد فراغ الابوة ؟ من سيؤدي دور المراقبة والتوجيه لعائلة الفقيد ؟ ، من سيعوضهم ضحكته؟ ، ومن سيزرع الثقة في نفوسهم؟ ، ومن سيفرح بنتائج مدارسهم ؟ ومن سيواصل معهم مسيرة التعليم والتربية ؟ من؟ ومن؟ ومن ؟ هذه التساؤلات التي لا تنتهي الا بمواويل حزن عقيم ،نعم لايمكن ان انكر ان الشهادة فخر وتفاخر، لكن في الواقع وفي الزاوية الاخرى اشياء كثيرة اخرى تحتاج الى نظر ونظر ، كان متفوقا جدا ابن الشهيد في المراحل الدراسية شهد بذلك معلموه ومدرسوه قبل ان ينتهي بأبيه القدر في احدى معارك الوطن ضد سفاكي الدماء وأعداء الانسانية داعش، اتحدث عن ما قلت اني شاهد عيان عليه ، ما ان مرت الايام والشهور حتى صار يفقد تفوقه شيئا فشيئا ، فوصل به الامر الى الرسوب والفشل ، انها المصيبة التي اكتب عنها هنا ، لن يستطيع عمه ولا امه ولا حتى كل اقربائه ان يكونوا بمستوى مراقبة ومتابعة ابيه الشهيد بالاضافة الى تداعيات الفقد والرحيل او الموت ، هذه عبارة بسيطة او حرف صغير بين سطور رواية الشهداء في بلادي ، ارجوكم لا تتصورا ان الامر ينتهي عند الراتب او السكن الامر ابعد من ذلك بكثير ، ايها المسؤولون : ابناء الشهداء وعوائلهم امانة الله وامانة الشهداء فاتقوا الله فيهم وانظروا اليهم بخجل وكونوا حريصين على تلك الامانة ، أعلم جيدا انكم لاهون عنهم مترفون مع اولادكم ، بل اعرف ايضا انكم تتجارون بدمائهم تجارة دنيوية بخسة ، لكن مقالي هذا من باب التذكير لعل الذكرى تنفع حتى وان لم تكونوا مؤمنين .