17 نوفمبر، 2024 5:46 م
Search
Close this search box.

اولئك المخدوعين بالنظام الايراني

اولئك المخدوعين بالنظام الايراني

انني لا اتكلم الان عن الدين ولا عن الطوائف . ولكنني اتكلم بالسياسة وبالاخص سياسات الدول الطامعة واولئك المؤيدين لها داخل العراق . فالمعروف ان عصر الغزوات قد انتهى ودخلنا في جيل جديد من الحروب يعتمد على تغذية النزاعات المحلية واعطاء دور كبير للطابور الخامس . واقصد بالطابور الخامس ليس الجواسيس او ماشابههم بل اولئك الذين ينحازون الى دولة غير دولتهم التي نشأوا وتربوا بها هم واباءهم واجدادهم , وهذا ناتج عن ضعف الشعور الوطني والانتماء الى الشعب و الارض
ان هناك من يمجد النظام التركي ويمتدح نجاحاته بدوافع دينية وليست عقلانية او علمية كما يدعي ، ونجد ذلك جليا من خلال منصات التواصل الاجتماعي التي غزت العقول والنفوس . وهناك من يمجد النظام الايراني لنفس السبب . انني هنا لا اوجه كلامي الى البسطاء من الناس او الاميين ولكني اتحدث الى طبقة متعلمة او مثقفة . فكثيرا ما اقرأ مقالات تمجد النظام الايراني او تمتدحه تحت مسميات المقاومة او الممانعة ، او دور ايران في التخلص من داعش ، متجاهلين في ذلك الجوانب الخفية للتدخلات الايرانية في الشأن العراقي للسيطرة عليه بدوافع توسعية تحت غطاء ديني او طائفي مزيف . . ورغم ثقافة البعض السطحية فانهم ينحازون بدوافع العصبية الدينية او الطائفية او الادعاء بالحرص عليها . . وهذا منطق غريب يجب ان يتنزه عنه المثقف ، ان كان حقا مثقفا ينتمي الى شعبه ووطنه , ورب سائل يسأل لماذا التركيز على ايران . الجواب على ذلك بسيط لان ايران قد تدخلت في كل الشؤون العراقية السياسية والاجتماعية والاقتصادية . وقد خربت كل مجالات الحياة الصناعية والزراعية والاقتصادية والاجتماعية , بدافع الرغبة في التوسع الاقليمي عبر العراق اولا , ثم الانتقام من هذا البلد واضعافه لجعله حديقة خلفية لها , واستغلاله لتنفيذ مخططاتها التوسعية وطموحاتها التاريخية ، واهم وسيلة استخدمتها ايران لتحقيق ذلك ليس اغتيال وتصفية شخصياته الوطنية فقط , ولا الهيمنة على اقتصاده لتمكين البضاعة الايرانية الرديئة من غزو اسواقه . ولكنها تمكنت منه بالدرجة الاساس , عن طريق التزام العناصر والكتل الفاسدة وجعلها تتسيد النظام السياسي , واصرارها المتواصل لبقائهم في السلطة , وبقيت مستمرة على هذا النهج الى يومنا الحاضر , وهي بذلك تتفق مع السياسة الامريكية المساندة لنفس النظام الفاسد وربما لنفس السبب الايراني وهو السيطرة والهيمنة على هذا البلد العريق الغني بالنفط وصاحب الموقع الستراتيجي , وليس هنالك وسيلة افضل من تسيد اشباه الرجال للسلطة والدولة لتنفيذ مآربهم
ان ايران في هيمنتها وتسلطها على العراق من خلال انتصارها للعناصر الفاسدة في النظام السياسي المعادي للشعب العراقي لم تستند على الشيعة كما يتصور البعض او يروج له لاغراض طائفية مغرضة وانما تستند على كل المشاركين في النظام السياسي المافيوي بما فيهم السنة الذين يوسمون بسنة المالكي او سنة ايران ، وكذلك الكرد وكل المتربعين على راس السلطة الحاكمة . ويدعون تمثيلهم لمكونات الشعب العراقي ظلما وعدوانا ، وهم في حقيقة الامر مافيات مسيطرة على مقدرات الشعب . ولا يختلف احدهم عن الاخر في الدوافع المصلحية والانتهازية المتعارضة مع مصلحة الشعب . والكل يطلب ود الجارة المسيطرة على زمام الحكم اما عبدا لها اوخدمة لاغراضه المشبوهة , فاصبحوا طفيليات تعتاش على دماء الشعب , فتسببوا في خراب البلد من شماله الى جنوبه وليس هنالك من رادع طالما يدينون بالولاء لاسيادهم وينفذون توجيهاتهم
ان فوضى الاحزاب والميليشيات غير المنضبطة , وتسليح العشائر وتمكينها من استباحة ارواح واملاك الناس هو جزء من مخطط ارهاب الدولة للسيطرة على مقدرات الشعب , وان تحججهم بمحاربة الدواعش ماهو الا وسيلة اخرى للابتزاز وتكميم الافواه , واعطاء المبرر للتدخلات الخارجية , والكل يعلم ان من ادخل داعش الى الاراضي العراقية هو رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي الرجل الاول المقرب من ايران من اجل اخضاع سكان المناطق الوسطى والشمالية لسلطة المافيات الموالية لايران . ثم جرى تدميرها خلال تحريرها من عصابات داعش بعد ان صدرت الاوامر من طهران بعدم السماح للعناصر المتطرفة الخروج من المدن بحجة القضاء عليهم داخلها . في حين انهم سمحوا لهذه العناصر الخروج من المدن القريبة من دمشق ونقلهم بالباصات هم وعوائلهم الى مناطق في الشمال السوري لتجنب الصدام معها في عملية انتهازية مفضوحة الاهداف والنوايا

منذ عام 2003 والى يومنا الحاضر تسبب الفشل المتكرر لحكام بغداد الموالين لايران في ادارة الدولة وتوفير الخدمات العامة للمواطنين الى جعل الدولة العراقية من الدول الفاشلة . حيث انعدم فيها الامن وتفشت الامية والبطالة وغابت الرعاية الصحية لعموم المواطنين وانتشرت اكوام النفايات في الكثير من شوارع المدن , كما تسببت المياه الراكدة ومياه الصرف الصحي في مشكلات صحية لاعد لها . . اضافة الى مياه الشرب الملوثة بالسموم والطمي والمواد الكيمياوية ، وانقطاع التيار الكهربائي الى ساعات طويلة في اليوم لكل مدن ومحافطات العراق
ان هذا الفشل المزمن للقائمين على ادارة الحكم وفسادهم , قد ادى الى اندلاع المظاهرات والانتفاضات الشعبية في بغداد ومن ثم في المحافظات الوسطى والجنوبية , مثل النجف والديوانية والسماوة والعمارة والناصرية واخيرا البصرة الصامدة , وقد تصاعدت المظاهرات الاخيرة الى حد اشعال النيران في مكاتب الاحزاب الموالية لايران لاسيما الدعوة والمجلس الاعلى والحكمة وحزب الله وعصائب اهل الحق وبدر والفضيلة , مع الهتافات (ايران برة برة ) , وقد كادت هذه الانتفاضات ان تتحول الى ثورة عارمة لولا تدخل الحرس الثوري الايراني والميليشيات الحزبية الموالية له في قمعها مع الوعود الكاذبة في توفير الخدمات العامة والوظائف للشباب , ثم جرى اتهام المشاركين فيها بالتخريب والارهاب , فتم اعتقال قياداتهم وارهاب المشاركين والناشطين فيها وتهديدهم مع اخذ تعهدات خطية منهم بعدم الخروج ثانية . وقد سقط عدد كببر من المتظاهرين شهداء وجرحى , وفي وقت لاحق جرى اغتيال العديد من المشاركين فيها
ان كل هذا قد جرى ويجري نتيجة تمسك النظام الايراني بالعناصر والكتل الفاسدة الموالية له في ادارة الحكم لتنفيذ سياساته التوسعية الظالمة , وعدم فسحه المجال للعناصر الكفوءة والمخلصة لتبوء مكانها الطبيعي , والعراق زاخر بالكفاءات القادرة على ادارة الدولة من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والتربوية وغيرها . ويأتي كل ذلك بالتعمد في ايذاء الشعب العراقي واذلاله

ان امريكا التي تعادي ايران في مجالات عديدة , تتفق معها في احتضان نظام الحكم الفاسد في العراق , وكلاهما حريصان على استمراره رغم معاناة الشعب ومعارضته له . وليس بامكان اي قوة شعبية استبعاد هاتين الدولتين من المشهد السياسي . وخصوصا ايران التي خلطت الاوراق وامسكت بخيوط اللاعبين السياسيين
وبعد هذا كله هل هناك من يدعي بفضل ايران على العراق , وهي لم تقدم له سوى الخراب والفقر وانعدام الامن والخدمات العامة من ماء وكهرباء ومؤسسات صحية وتربوية وتدمير الصناعة والزراعة على ايدي السياسيين الفاسدين المدعومين منها

انها دعوة لصحوة الضمير والعودة الى جادة الصواب والتخلص من الاوهام , والانظمام الى الشعب في مطاليبه العادلة . لان ايران سوف تدير ظهرها ولن تحابي او ترحم احدا اذا ماوجدت انه لم يعد يقدم خدمة لها بغض النظر عن كل الاعتبارات القومية او الطائفية

أحدث المقالات