9 أبريل، 2024 2:57 م
Search
Close this search box.

اوكرانيا : مدخل واساس الى حديقة العالم الجديد بلا نموذج روسي او صيني !

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعدما وضعت امريكا ومنذ انشاء الكيان الصهيوني المغتصب وبمعاونة الغرب ، يدها على الشرق الاوسط بكل مايحتويه من ثروات وطنية كوريثة للإبراطورية البريطانية المنهارة بعد سايكس – بيكو , صنعت لها عالمآ جديد من المستعمرات بطرق سياسية جديدة ترتكز على تنصيب الحكام من اجل كرسي الحكم ,
أما ادارة ثروات هذه الدول فقد تمت من ناحيتها من اجل تحجيم القوة الإقتصادية لتلك الدول في الأحوال التي لاترى فيها معارضة من النخب السياسية المدركة لما تفعل , أما إذا فكرت تلك الدول ان افتقارها الى السيادة الوطنية قد شكل ضررآ على برامجها الإقتصادية على المدى البعيد وبروز اطماع في اراضيها من دول مجاورة اخرى ,
فإن امريكا ستلجأ الى تقديم المساعدات الى قادة تلك الدول لقمع المظاهرات التي يقوم بها الشعب بطرق اخرى اكثر وحشية مما كانت عليه الدول قبل المظاهرات , بينما يذهب جزءآ كبيرآ من تلك المساعدات الى الحسابات المصرفية الخاصة بالقادة .
وهذه الظاهرة القديمة قد تم الكشف عنها مع امور سياسية اخرى في هذه الأيام بعد ان مضى عليها اكثر من خمسين عامآ .
كانت الحرب العالمية الثانية بمثابة المعجزة التي حققت لامريكا والغرب الحديقة التي صنعت واججت لهم الشعور العنصري بالتفوق والاستعلاء على الشعوب , خاصة بعد انشاء الكيان الصهيوني الذي انقذهم من الانهيار تحت نيران هتلر الذي صنعوا منه مجنونآ بشتى الاتهامات من اجل استفزاز غرائزه القومية المدفونة ليتجاوز كل الأطر السياسية والأخلاقية ومن ثم تكبيله بأخطائه التي صنعها .
بهذه البنية السياسية يقف العالم الآن وكأن امريكا التي صنعتها من جراء استفزاز بوتن وجرّه الى الحرب مع اوكرانيا , وهي الآن تنتظر من دبلوماسيتها السياسية الشيطانية خطوة بعد اخرى , خاصة وهي تراقب في ذهنها تأهب الصين لغزو تايوان والاتفاق الحجازي – الايراني , والمناورات الروسية والصينية – الايرانية من جهة وتهيئة مسرح الحرب المفترضة في المحيط الهادي وبحر الصين وتحركات كوريا الشمالية .
ففي شأن الإتفاق الذي تم برعاية صينية , فإنها لاترى فيه مايسرها , لأن امريكا تريد ان تشترك بكل الإتفاقات الدولية المعقودة بين الدول المتناحرة لتمارس سياستها التخريبية من اجل زجّ تواجدها العسكري لتغذية استمرار سياسة الإبتزاز والاستفزاز التي تتبعها في إمتصاص ثروات الشعوب ,
فهي ترى ان الصين ستجني الكثير بينما هي ستخسر الكثير , واول ذلك تقويض خطط الكيان الصهيوني في استقطاب آل سعود الى مخطط التطبيع الذي تعتبره لامناص من تنفيذه وخاصة في هذه الأيام التي دعا بها الملك سلمان الرئيس الايراني الى زيارة المملكة.
اما في الشأن الروسي , فقد لجأت الى استفزاز بوتن عن طريق اصدار مذكرة صادرة من دميتها وهي المحكمة الجنائية الدولية بدعوى قيامه بجرائم حرب , متناسية انها هي من اقترفت اكبر جرائم الحرب في افغانستان والعراق وسورية , والاجدر بالمحكمة ان تقاضيها ومن بعد تقاضي الكيان الصهيوني على جرائمه اليومية التي يقترفها منذ الإحتلال من ناحية , ودعواته التي تلغي وجود تأريخ للشعب الفلسطيني من ناحية اخرى .
إلا ان امريكا تريد ان تلعب ولا ترى واقع الشرق الاوسط في تفاهم وتناسق بين الأنظمة السياسية , تريد ان تلعب ولو بالعالم من اجل التخفيف عن ضيق نفسيتها المريضة وهي ترى العالم في كل مرة يتعافى برغبة الشعوب .
فأمريكا تريد العالم بلون امريكي واحد , وهو لون سايكس – بيكو الذي ورثته والشكل الأوربي مع شكل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان اللذين ورثتهما من جرائمها ضد الإنسانية في الحرب العالمية الثانية التي تجاهلتها المحكمة الجنائية الدولية التي تدعي انها دولية وهي في حقيقة امرها المدافعة عن جرائمها وعن جرائم الكيان الصهيوني البغيض .
هكذا تصرفت امريكا في خضم التغييرات السياسية المرتبطة بأحداث الحرب الأوكرانية والمناورات الآنفة الذكر , ولو يتمعن المراقب السياسي في هذا الشأن الذي اشتد بشكل غير طبيعي , يرى كأن السياسة الأمريكية حاليآ تركت للذكاء الآلي التي تديره المراكز البحثية المدافعة عن الرأسمالية ومصالح الشركات الأمريكية , وخاصة في الظروف الحالية التي اثبتت عجز الرئيس بايدن من الناحية الذهنية من ان تعطي النسق السياسي بين مايجري على الارض وبين التحليلات السياسية التي تعطينا احساسآ آخر ,
الذي يشبه حالة استخدام الطيار الآلي عندما يتم تحييد الطيار الأصلي لأسباب معينة , وهذا مانراه من فقدان لنشاط انتوني بلينكين وعدم قدرته على التعليق على الأحداث السياسية التي تمر بها امريكا وخاصة من ناحية الرئيس السابق ترامب وتعابيرة السياسية المخلّة بالعقلية السياسية الخاصة ببايدن والمرتبطة بالاحداث التي تمر على امريكا , والتي يطلقها بين الحين والحين في المناسبات امام انصارة ,
التي تؤكد القصور في اسلوب الرد السياسي على من يقوّض العلاقة بين رئيس الولايات المتحدة والشعب وكأن الأمر يبدو ضمنيآ تشخيصآ للإتجاه الموضوعي الذي نبه بجرأة اليه ترامب والذي يقتضي ان يؤخذ بنظر الإعتبار .
وهذا كله لايوحي بأن امريكا وهي في خضم التطورات السياسية لاتبرر خلق وتصميم عالم جديد ذو علاقات دولية خاصة ليمكنها من التعبير من خلاله عما تشاء , بل هي ساعية في ذلك من خلال تحليل السياسة المنعكسة من سير الاحداث , فكل مايعتمل بعقلية المراكز البحثية وماتصنعه على الأرض يعبّر عن ذلك السعي ,
فأوكرانيا هي المدخل والأساس لحديقة العالم الجديد الذي اثاره من قبل منسق السياسة الاوربية بوريل والذي ستتحقق قيادته باللون الأمريكي بلا نموذج روسي او صيني او كوري شمالي ,
وهذا العالم لايتحقق إلا بالحرب النووية التي لابد لها من عناصر استفزازية وقد كانت اولها ارسال المسيرة الامريكية على البحر الاسود , والثانية مذكرة التوقيف الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية .
بهذا الفهم الذي يعبر عن ميزة مايجري , نستطيع ان نقول ان صناعة القسوة والكراهية التي صنعت العالم بعد الحرب العالمية الاولى والثانية , عادت مرة اخرى لصناعة نموذج آخر اكثر سوءآ وعذابآ للشعوب ولكن بحتمية الحرب النووية التي برزت اتجهاتها من فهم مغزى ردود افعال امريكا التي تبنت بها ردود افعال تحفّز على ذلك ,
ولو رجعنا الى اصل النزاع الروسي – الأوكراني نجد انه صراع تقليدي لايختلف عن الصراع الأرميني – الأذري الذي تقبلته ارمينيا من الناحية الواقعية والإنسانية بعيدا عن اشكال التمرد ولم يخرج عن اطار ارمينيا واذربيجان كما خرج النزاع الروسي – الاوكراني عن اطارهما الى اطار المصالح الامريكية – الاوربية ليتبدل اسلوب معالجته .
وفي الختام , لا نرى في اي نزاع تشترك به امريكا وتخرج من جوانب مسرحه اضواء تبشر بموعد انتهائه , إلا من صياح المدافع وازيز الصواريخ ولهاث الجنود وهم يتدافعون في الثلوج وعلى الهضاب بكامل تجهيزاتهم العسكرية لترهيب العالم المسالم الذي يقف على الحياد من الحرب وهي النظرة التي تريدها امريكا للعالم لتفخر انها البطل والعبقري والمنقذ .
فكم هذا مفجع , وكم هو صعب ان يعيش العالم مع امريكا بهذه السياسة الرعناء ؟!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب