11 أبريل، 2024 4:28 م
Search
Close this search box.

اوكرانيا العربية .. نصف ربيع فقط

Facebook
Twitter
LinkedIn

اذا كان الانقلاب على الحكام وتجييش الشارع لاسقاط  الطغاة واجبارهم على الهروب ورفع الشعارات الصاخبة للتغيير بمعونة الغرب وأحلافه دون تغيير حقيقي هو من سمات العرب الذي جعلوا هذا السيناريو الثوري يحمل اسم ( الربيع العربي ) فان اوكرانيا اليوم عربية بامتياز الانقلاب وطرد الحاكم وصخب الشارع وانتظار المجهول الذي ما زلنا ننتظره في بلدان ربيعنا العربي الاحمر .
اوكرانيا التي تعاني من فقر اقتصادي مثل مصر وسوريا وتونس واليمن شهدت مثلما شهدت دولنا العربية ثورة مفاجأة دون علم المنجمين العرب ، رغم انها لا تضم حركات دينية متشددة تعكر صفو الربيع العربي وتجعله صراعات احزاب وطائفية وموت مجاني وفصائل متناحرة برايات ملونة .
حتى هذه اللحظة كل العالم يرقب ما سيجري في اوكرانيا ، ونحن العرب اول المتابعين والراصدين عن كثب ووعي ما يمكن ان تؤول اليه الامور بعد ان جربنا دواء الكي كآخر دواء ، ثم ما زلنا نكتوي بجمر هذا الدواء فلا شفينا ولا متنا ، فلا احياء فنرتجى ولا اموات فننعى .
لكن اغرب ما يمكن ملاحظته وتسجيله على المتابعة العربية للازمة الاوكرانية من خلال تعليقات العرب على اخبار اوكرانيا في مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الاخبار العالمية  ، هو قدرة العرب على الانتصار مرة لروسيا او لامريكا وتأييدهم لهذا الطرف او ذاك ، فيما لم يكن كما اظن بل متأكد ان الاوكرانيين ايام الربيع العربي يفكرون بما يحصل في بلداننا ، الا والعهدة على ناقل الخبر فيما يتعلق بزيارة وعمل الزميلات الاوكرانيات في بلداننا العربية واحتمالات انقطاع ارزاقهن الوفيرة .
العقل العربي يتعامل اليوم مع ازمة اوكرانيا منطلقا من التأييد لروسيا او للغرب حتى انسحب التأييد لتوقع ما سيؤول اليه حال سوريا وكأن الذخيرة الروسية تمر الى دمشق عبر اوكرانيا ، لكن الاوكرانيين ثوارا وشعبا ما زالوا يتمتعون بعمق النظرة والاحتكام للجيش الوطني الذي سيطر على اهم مفاصل الدولة ، وانطلق الجميع ثوارا وشعبا الى الانقياد والاصغاء لما يقرره البرلمان الاوكراني الذي لم يصفه حتى الان أي من الاوكرانيين بأنه تابع للحاكم الهارب ، او سيمارس ضده الاجتثاث والعزل السياسي ، فما زال الاوكرانيون ينظرون حتى هذه اللحظة لمصلحة بلادهم .
لم تسجل أي وسيلة اعلامية حتى الان اعتداء واضحا على منشآت الدولة وسجونها ومؤسساتها العلمية والخدمية والنووية والصناعية كما حدث ان تم تسجيل الآلاف من هذه الاعتداءات في ربيعنا العربي الذي حمل اسم الربيع مجازا انطلاقا من تسمية ( الاعمى بالبصير ) .
ربيع اوكرانيا رغم انه لم يكن ربيعا عربيا الا ان اغلب العرب يودون التعامل معه على هذا الاساس ، بل راح بعضهم يرى ان الغزو الروسي او الامريكي قادم بعد ايام او حتى ساعات ، وراح يصنف نفسه مع هذا الطرف او ذاك ، رغم ان الاوكرانيين ينقسمون الى اكثر من قومية وتاريخ واوكرانيا الحديثة كان عرضة لتبدل تاريخي وجغرافي كبير ولعدة مرات .
اعتقد ان اوكرانيا لن تسقط تحت هيمنة العصبية العربية في ربيعنا العربي واعتقد ان الازمة الحالية ستجبر العالم غربا وشرقا على مساعدة اوكرانيا ليس في تصدير السلاح للفصائل المسلحة ، بل في اتخاذ قرارات دولية ستسهم في انعاش اقتصاد اوكرانيا لانها ستبقى مهمة للغرب او لروسيا ، ولان الشعب الاوكراني وحكومته التي اخذت محل الرئيس الهارب استطاعت وبعد ساعات ان تمارس دورها الحيوي القيادي ، لييس على طريقة المؤتمر العام الليبي ، او الائتلاف السوري ، او احزاب المعارضة اليمينة ، او ازمات الاخوان في مصر وتونس .
نعم اوكرانيا هي اسرع الدول لحاقا بالربيع العربي وربما تحمل سمات عربية في نقطة التغيير والثورة على الحاكم الجائر ، ولكنها ليست عربية الطريق والنهاية الثورية .
حتى هذه اللحظة ما يهمنا نحن العرب من اوكرانيا ان نطمئن على سلامة ابنائنا العرب الدارسين هناك ، ونطمئن الزميلات الاوكرانيات في بلداننا العربية بسلامة بلادهن كي لا يؤثر ذلك على ادائهن المهني العالي في البلاد العربية ، وان نتصور دائما مسار مجريات الامور والى اين ستؤول هناك وتجنب ما هو سلبي واقتداء ما هو ايجابي ، واعتبار المنهج الثوري الربيعي العربي اداة للتغير في بعد انساني جديد ، وان لا نبني امالا كبيرة في مستقبل ما سيجري سوريا في ضوء الازمة الاوكرانية واستجداء الفرصة وضوء اخر النفق للتغيير مما يجري في دول اخرى ، فالمساحة المتاحة من التفكير تدعونا لاعادة تنظيم بلداننا ما بعد الربيع مجازا ، وليس محاولة تسعير نار الهجمات انطلاقا مما يجري او ما سيجري في اوكرانيا ، انها عربية سيناريو الثورة ولكنها ليست عربية النهاية والدم والانحياز .. وتجارب قوم عن قوم فوائد .. لان المصائب ليست بالضرورة في كل مكان .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب