اوكرانيا، صراعٌ بلا نهاية

اوكرانيا، صراعٌ بلا نهاية

منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في شباط 2022، تغير شكل العالم، وتبدلت فيه أولويات القوى الكبرى، ومع دخولنا عام 2025 وعودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، دخلت الأزمة منعطفاً جديداً، أعاد رسم العلاقة المعقدة بين أمريكا وروسيا وأوكرانيا.
ترمب جاء برؤيةٍ مغايرةٍ لإدارة بايدن التي قدمت دعماً غير محدودٍ لكييف، فتبنى خطاباً أكثر واقعية، وعبر صراحةً عن تشكيكه في جدوى استمرار الدعم الأمريكي المفتوح، مطالباً الأوروبيين بتحمل العبء الأكبر، ورغم أن الدعم العسكري لم يُرفع بالكامل، إلا أن نبرة واشنطن تغيرت من “هزيمة روسيا” إلى “حلٍ سلميٍ سريع”، ما أثار قلق القيادة الأوكرانية، التي وجدت نفسها أمام رئيسٍ أمريكيٍ مترددٍ في خوض صراعٍ طويل.
بعد ثلاث سنواتٍ من المعارك، استطاعت روسيا ترسيخ سيطرتها على مناطق واسعةٍ من الشرق الأوكراني، رغم العقوبات والضربات الاقتصادية، بوتين لا يزال يمسك بزمام المبادرة، ويراهن على تراجع الحماس الغربي، مستفيداً من علاقاته مع الصين وموارده الطبيعية وقدرته على خوض حروب استنزاف طويلة.
في المقابل، تواجه أوكرانيا تراجعاً في الدعم الغربي، وإرهاقاً داخلياً اقتصادياً وبشرياً، والمزاج العام في أوروبا وأمريكا بات أقل حماسة، زيلينسكي، الذي أصبح رمزاً للمقاومة، يواجه الآن ضغوطاً داخليةً وخارجيةً لدخول مفاوضات سلام، يُخشى أن تُفضي إلى تنازلاتٍ موجعة.
الحرب لم تعد تقليدية، بل تحولت إلى صراعٍ متعدد الأوجه، الإعلام بات سلاحاً حاسماً، والطاقة ورقة ضغط، وأرض أوكرانيا أصبحت ميداناً لاختبار أحدث الأسلحة، إنها حربٌ تسير على خطين، الجبهة والاعلام.
وفي ظل هذا الواقع، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهاتٍ مستقبلية، الأول، تسويةٌ سياسيةٌ دولية تفرض على أوكرانيا تقديم تنازلات، الثاني، استمرار حرب الاستنزاف مع تراجع الدعم الغربي، والثالث، انفجارٌ داخليٌ في أحد الأطراف يعيد تشكيل المشهد برمته.
هذه الحرب لم تكن صراعاً حدودياً فحسب، بل تجسيداً لتحولاتٍ عميقةٍ في النظام العالمي، أمريكا لم تعد تنفق بلا حدود، وروسيا تحاول إثبات نفسها كقوةٍ عالميةٍ رغم الإنهاك، وأوكرانيا تبقى الضحية الكبرى في صراعٍ دوليٍ مفتوح، ومآلات هذا الصراع قد تكون مفتاحاً لإعادة صياغة موازين القوة في العالم الجديد.

أحدث المقالات

أحدث المقالات