23 ديسمبر، 2024 4:58 م

أثارت زيارة وزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو الى شمال العراق اربيل وبعدها الى كركوك ،ردود أفعال رسمية وشعبية بين مؤيد  ورافض ومستنكر وشاجب لهذه الزيارة المثيرة للجدل،ابتداء نقول إن العلاقات العراقية –التركية تشهد توترا ملحوظا منذ فترة طويلة ،بسبب موقف تركيا من قضية طارق الهاشمي  ومساندتها له واحتضانه والوقوف معه في محنته وخلافاته مع حكومة المالكي،وتعقيد العلاقة وتوترها لمواقف كثيرة منها ايضا قضية تصدير النفط من كردستان العراق وتجاهلها موقف الحكومة العراقية المركزية ودعمها لفصائل المقاومة العراقية ومؤتمرات كثيرة مناهضة لحكومة المالكي استضافتها أنقرة ،وتأتي زيارة وزير الخارجية التركية الى اربيل وكركوك بدون علم وموافقة حكومة المالكي لتضع العلاقة بينهما في أجواء التوتر الشديد ،وكان أول رد فعل حكومي صدر من مستشار المالكي ياسين مجيد الذي استنكر  وأدان هذه الزيارة وقال( إنها زيارة غير مقبولة وتمس سيادة البلاد وان حكومة كردستان تحمل نتائجه لان الحكومة المركزية لا علم لها بهذه الزيارة) وكذلك صدر بيان وزارة الخارجية العراقية يدين هذه الزيارة وحمل الجانب الكردي المسؤولية عن نتائج هذه الزيارة المثيرة،في حين رحبت أطياف كثيرة من المواطنين ومنها الكتلة العراقية بهذه الزيارة واعتبرتها تاريخية لتوطيد أواصر العلاقات العراقية التركية وترسيخها لخدمة العراق الذي يمر بمرحلة عصيبة وخطيرة،  وقد انتقد بعض الكتل والمواطنين موقف الحكومة وازدواجيتها في هذا المجال وتساءلوا لماذا الوفود الإيرانية وعلى مستوى مسئولين كبار الى العراق دون  علم الحكومة وترحب بها حكومة المالكي وتنسق معها ولا ترفض تدخلاتها العسكرية والسياسية ونفوذها القوي بالشأن العراق دون اعتراض السلطة في بغداد ،فلماذا هذا الهيجان والاستنكار لزيارة مسؤول تركي بموافقة حكومة الإقليم الى العراق من حكومة المالكي أليست هذه ازدواجية  وانحياز لإيران والسماح لها بالتدخل في العراق ،نقول إننا نرفض كل هذه الزيارات التي لم يتفق عليها مع السلطة المركزية ونعتبرها زيارات تمس السيادة وتجاوز عليها ،ونرحب بأي زائر حكومي او شخصي يريد خدمة العراق وتقديم الدعم له ، ومساعدته على تجاوز محنته ،لا أن تكون زيارته في خدمة مصالحه فقط وتضر  بمصالح العراق،وتشكل خطرا على أمنه الوطني وتهدد وحدته وسيادته وتقسيم أرضه ،نعتقد ان زيارة داوؤد اوغلو غير مبررة لأنها جاءت من الشباك وليس من الباب كما يقال ،ونرحب بها لو كانت عن طريق العرف الدبلوماسي ،أما نتائج هذه الزيارة فهي توحيد المواقف التركية –الكردية تجاه الأزمة السورية ومواجهة حزب العمال الكردستاني وإملاء الفراغ السوري وتحجيم دور حزب العمال الكردستاني وخطورته على تركيا بعد ملء الفراغ ومنع قيام دولة كردية ،وهذا تحذير تركي لحكومة كردستان، إذن الزيارة لها عدة أهداف عراقية وكردية وسورية ،وقد حقق اوغلو هذه الأهداف باتفاقه مع مسعود برزاني حول هذه القضايا دون علم حكومة المالكي وتنسيقه معها وهذا ما أزعج حكومة المالكي وطار صوابها في وقت هي تحشد قواتها على الحدود مع سوريا وتركيا برفض حكومة كردستان وتصعيد أزمة خطيرة معها تهدد بعواقب وخيمة على الوضع العراقي الأمني المتفجر أصلا والمنهار في كل المدن العراقية .الزيارة أزمة أخرى تواجه حكومة المالكي إضافة الى أزماتها الكثيرة المستعصية .،هكذا تتوالد الأزمات لحكومة المالكي والعملية السياسية تشهد تصعيدا وتعقيدا دون أن نرى ضوءا في نهاية نفق العملية السياسية العرجاء منذ انتهاء الانتخابات التشريعية ،وهذا ينعكس على الوضع الأمني والسياسي، حكومة المالكي أخذت تفقد علاقاتها مع الدول المجاورة ولم يبق لها سوى ايران فقط ،وهذا فشل حكومي آخر لإخراج العراق من أزماته الإقليمية والدولية،يفترض بالحكومة أن تقيم علاقاتها مع دول الجوار بتوازن وتفاهم سياسي وصولا الى إقامة علاقات متوازية تخدم العراق الذي يعيش وضعا مأساويا جراء الاحتلال الأمريكي ..زيارة اوغلو بالإمكان تجاوزها ،لاسيما وان تركيا لا تضمر الشر بالعراق وموقفها مساند لشعبه قبل الاحتلال الأمريكي وبعده ،ولا نرى أن لها أهدافا شريرة في تقسيم العراق كالذي نراه في الموقف العدائي الإيراني للعراق ومشاركته في الاحتلال مع إدارة المجرم بوش…..