23 نوفمبر، 2024 3:17 ص
Search
Close this search box.

اوراق العبادي الاصلاحية ..وانتفاضة الشعب

اوراق العبادي الاصلاحية ..وانتفاضة الشعب

بعد اكثر من عقد تقريبا على انهيار نظام البعث البائد ,صار عيبا استخدامه كشماعة عريضة وواسعة يعلق عليها سياسيي المنطقة الخضراء(اصحاب بريمر)اخطاءهم وفشلهم الذريع في بناء دولة المؤسسات,اذ لم يعد مقنعا استخدام عبارة “التركة ثقيلة”,لان تركة رئيس الوزراء السابق المالكي اثقل بكثير,فالموت بسبب الحروب والكوارث الارهابية لاتختلف نسبتها عن كوارث مغامرات نظام صدام البائد,بل فاقته كما ونوعا, وان ضحايا الارهاب عبارة عن حملات ابادة شاملة لاتستثني احدا من المدنيين او العسكريين او رجال الامن,لكن ماحصل حقيقة بعد انهيار الجيش وسقوط المحافظات الغربية بيد داعش,ثم تأمر بعض حكام الخليج على العراق وروسيا (والبلدان النفطية الحليفة لروسيا والصين)بضخ كميات كبيرة من النفط الخام للسوق الدولية (والسماح لاقليم كردستان بتهريب النفط عبر تركيا)مما تسبب بهبوط حاد بأسعار النفط,

الغاية منه ادخال العراق في نفق مشابه للازمة السورية,الا ان الذي لايسعفهم في تأمرهم هذا ,هي الاسطورة الجهادية المتمثلة بالحشد الشعبي (وقد لاحظنا ان في قوافل المتطوعين والشهداء طبقات اجتماعية واكاديمية مختلفة),الذي لبى نداء المرجعية بفتوى الجهاد الكفائي,اذ لابد من معرفة جملة من الاشياء المهمة عن اعداء العراق,من انهم يعرفون كل شيء عن المذهب الشيعي الاثني عشر ,وعن الخلافات السياسية,وبرنامجهم المعد سلفا في دوائر المخابرات الامبريالية والصهيونية) ,ولم يكن في تفكيرهم ان الفتوى السيستانية الصاعقة ,ستوقف مشروعهم الارهابي التخريبي في بلاد الهلال الخصيب,

ولهذا يجب علينا ان لانتأثر بأسعار النفط او الازمة المالية,ولانجعلها سببا للاحتجاج والتظاهر,لانها الوسيلة والاسلوب الارهابي الاخير الذي يراد منه ان ينهار العراق بأكمله.

(سنحاول في هذا التحليل المختصر ان نطرح عدة اسئلة على القراء الكرام, وعلى ابناء شعبنا من اجل المراجعة الوطنية الشاملة المرتبطة ارتباطا وثيقا بمايحدث,ولانها الوسيلة الوحيدة القادرة على اعادة بناء الاسس الديمقراطية الصحيحة اي مراجعة اخطائنا جميعا)

هل استطاعت النخب الفكرية والاكاديمية والثقافية والادبية والسياسية دراسة وتحليل الواقع السياسي والاجتماعي العراقي منذ بناء دولة العراق الحديثة والخروج بنتائج وتوصيات وتحاليل مهمة عن تلك الحقب المرة؟

هل استطاع الاستاذ والمعلم والطالب من معرفة اسباب عودتنا الى قوانين الريف والقرية والجاهلية الاولى,ولملذا يلوذ الناس بالعشيرة بعد ان اصبحت حضارة الدول المدنية هي الاب والام والعشيرة ؟

هل استطاعت النخب الاقتصادية والمالية اشاعة ثقافة تجارية واستثمارية تشرح للحكومة والمجتمع الفرق بين القطاع الخاص والعام ,ومفهوم الرأسمالية والاشتراكية ,وماهو دور صندوق النقد والبنك الدوليين؟

هل ازداد الشعب معرفة بالنظم والمبادئ الديمقراطية ,وتعرف على الفرق الشاسع بين نظام الانتخابات المتعددة الدوائر وبين الدائرة الواحدة؟

هل سألت المكونات الرئيسية الثلاث في العراق الشيعة –السنة-الاكراد ,ايهما افضل وطن مقسم الى ثلاثة اقسام,تأخذه الفيدرالية نحو التقسيم,ام العمل من اجل بناء دولة الامة؟

هل راجعت الطوائف والاعراق والاثنيات تاريخها وتراثها الفكري والعقائدي والثقافي,وتمعنت بمراحل تطورها وانجازاتها وادائها,لكي تصبح جاهزة للعهد الديمقراطي؟

هل فكر الشعب بأداء الكتل السياسية بعد الدورة الاولى للحكم (بعد استلام السيادة),وراجع الدستور وشخص اخطاءه وضرورة اجراء التعديل عليه,وانتبه للمؤسسة القضائية الفاشلة؟

اسئلة كثيرة لابد ان تثار في البيت ,في الشارع, في المعاهد والكليات ,والمراكز البحثية وحتى الوطيفية المدنية والحكومية,من اجل التوصل الى حلول شخصية واجتماعية,الحلول الشخصية ايجاد خلاصة مفيدة لقناعة الشخص نفسه,والاجتماعية هي ان تتوافق الرؤيا الاجتماعية الوطنية الكاملة حول نقاط الخلل للنظام السياسي ولو بشكل نسبي(وهذا مالاحظته الكتل السياسية عن مطالب المتظاهرين واسباب نزولهم الى الشارع,وهي مطالب شبه موحدة)…

لابد ان نؤكد ان السيد العبادي بعد انخفاض اسعار النفط,وتنصل القوى العظمى من الوقوف بشكل جدي مع العراق في حربه ضد الارهاب,تلك الحرب التي كما يبدوا ان القوة فيها ليست مرتبطة بعدد المقاتلين, انما بالزخم العسكري والدعم اللوجستي المقدم لكلا الطرفين(علما ان داعش تأخذ المساعدات العسكرية والمالية واللوجستية والاعلامية مجانا),

ودخول العراق في مرحلة الفشل الحكومي التام,وازدياد حالة الفقروالبطالة ,وتعثر انهاء ملف ضحايا نظام صدام والارهاب,واتضاح صورة الفساد المالي والاداري بشكل محلي ودولي, واقتراب ملفاتها من المواطنين العاديين(فقلة الموارد جعلت السرقات من اصل الاموال المخصصة للاعمار, ان تقل فتصبح السرقة وفشل المشاريع ظاهرة للعيان),اضافة الى استمرار المحور المعادي للعراق وسوريا بضخ الاموال والمساعدات المختلفة للدواعش وانصارهم ومؤيديهم من السياسيين العملاء لهم,وادارتهم لمؤامرة الالتفاف المالي حول روسيا (بحجة انهم يرغبون بشراء السلاح الروسي),على الرغم من ثبات موقف الروس من قضايا الشرق الاوسط(الا ان الامور في نهاية المطاف عبارة عن مصالح دولية عابرة فوق كل الاعتبارات جانبية),جعلت من السيد العبادي ان يعلن انتفاضته الاصلاحية ,تزامنا مع انتفاضة الشعب والمرجعية الدينية(الشيعية تحديدا وبالاخص مرجعية السيد السيستاني),وان يصطف بشكل واضح مع الشعب(رغم وجود ازمة ثقة بينه وبين الشعب), بغية ايجاد مخرج لحالة الشلل والفشل الحكومي الشامل,وحسنا فعل عندما بدأت حملته الاصلاحية بمراكز الترهل والفساد الحكومي لمؤسسات رئاسة الوزراء والجمهورية والوظائف الوزارية العليا الاخرى(اضافة الى الترشيق الوزاري)

,لكن بطبيعة الحال الاوراق الاصلاحية التي وضعها الى الان رئيس الوزراء العبادي لاتمت بصلة الى جوهر الاصلاح المنتظروالمطلوب جماهيريا(محاسبة قمة هرم الفساد ومصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة “وفقا لقانون من اين لك هذا”,طرد موظفي المحاصصة وابناء المسؤولين,تعديل النظام الاقتصادي باعادة القطاع العام الى يد الدولة .ومساعدة القطاع الخاص اداريا وقانونيا,العمل على طرح مشروع تعديل الدستور واجراء انتخابات مبكرة وحل مجالس المحافظات….الخ.),لكنها تعطي اشارات مقبولة, لابد ان يتقبلها الشارع برحابة صدر ,لانه لايملك خيار اخر, الا خيار الفوضى, ودخول العملاء والجواسيس والخونة لاستغلالها لتدمير البلاد.

الشعب العراقي عليه ان يهدأ قليلا,ويعيد صور الماضي كلها امامه,ان يعرف اين كان يوم كانت دول العالم تستورد مايقارب 80%من احتياجاتها للتمور اوائل القرن الماضي,بلد كان اهله الوحيدين في العالم لايشترون المواد الغذائية والاسماك واللحوم بالكيلوا الواحد بل بالجملة,ولاتكاد تخلوا ارضا من ارضه من ام الاشجار النخلة(ارض السواد),بلد يشعر العراقي والعربي والاجنبي الذي يعيش فيه او يمر مرورا عابرا منه, بالخير والاخلاق والمروءة والكرم والطيبة وكل الصفات الحميدة المفقودة في معظم دول المنطقة حينها

,لابد ان ينتبه المواطن الى مفهوم الدولة ومؤسساتها ,الى البيت والاسرة والعشيرة,عليه ان يعرف حتى ان كان سياسيا فاسدا ان اغلب ملوك وامراء البترودولار كانوا يخزنون الذهب والفضة فقلعهم الاستعمار وازال حكمهم حتى مع سكوت شعبهم عنهم,لان معادلة الاستقرار الاقتصادي والامني لم تعد مرتبطة ومحددة بحدود الاشخاص ودولهم وارتباطهم بارضهم,فالفاسد الذي لا ارض له لامعنى لاموال الحرام التي يكنزها ,فضلا عن خسارته الاخرة وشرف الدنيا وجلب العار لاهله وعشيرته,

,علينا ان نقنع الطبقات الاجتماعية المهمشة والسلبية والمستعبدة من قبل هذا الحزب او الكتلة او المسؤول او ذاك,ان حقوقه الوطنية اكبر من هذه اللقمة التي ترمى له بعد ذلة سقوط ماء الوجه وانكسار شخصيته وانتزاع كرامته الادمية,الاحتجاجات والمظاهرات حركة اجتماعية صحية, لايقاظ كل ماهو غائب عن الواجهة السياسية والاقتصادية والاجتماعية,واعادة صياغة وعي ناضج غيب لاسباب مختلفة,عبر نخبه الفكرية الثقافية والاكاديمية والوطنية المخلصة,

قد تكون المطالب واحدة لكنها متعددة,واحدة في الدعوة للاصلاح واعطاء الحقوق وتوفر العدالة الاجتماعية والوظيفية والخدمية للجميع دون استثناء,ومتعددة لكل انسان افكاره وطموحاته ورغباته ومطالبه المشروعة التي حتما يشترك معه بها الكثيرين,الا ان الهدف واحد الاصلاح من اجل الجميع,

ولكن تبقى دائما الاولويات المصيرية الا وهي حماية مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة من الفوضى,ومنع الغوغاء والسلبيين من المساس بها ,والحذر من عصابات الجريمة المنظمة والمدسوسين من قبل حيتان الفساد,

وان يستغل المثقفون تلك الانتفاضة الشعبية الواعية لاشاعة ثقافة وطنية راقية,ثقافة احترام حرية التعبير وطرح الاراء والافكار والشعارات الهادفة,والقبول الرأي المعتدل العقلاني الاخر,وايصال رسالة مهمة للسياسيين الحاليين ومن سيأتي بعدهم ان الشعب مصدر السلطات ينتخب- ويعين- ويغيرالفاشلين والفاسدين اذا اراد,ولهذا نعتقد ان السيد العبادي وحتى المرجعية الدينية والنخب الوطنية المختلفة لاترغب بأنتهاء الاحتجاجات والمظاهرات السلمية ,الا انها متخوفة من انحرافها او فقدان السيطرة عليها,وهذه مسؤولية مشتركة بين القوى الامنية والجماهير المدنية المنتفضة,ومن هنا نقترح ان تشكل بعض المظاهرات لجان شبابية خاصة تحت اسم” الحشد المدني-لجان الحراك الجماهيري او الشعبي” ,يقع على عاتقها مشاركة الاجهزة الامنية بحماية المتظاهرين من المندسين ,وان يكون لباسهم واضح للجميع.

أحدث المقالات

أحدث المقالات