لم يستطيع ان يلملم الكلمات ليصغ جملة عبر هاتفه الجوال ما عدى ( لك أخوية مشتاق للعراق والأصدقاء ) صوت مخنوق ممزوج بالبكاء ,توقف الكلام ولم تبقى الا الدموع والأنين تحكي قصة معاناة عراقي “مغترب” “, في عز الكلام سكت الكلام” وانقطع الاتصال القصير لكنه فتح جروح الماضي “يوم كانت” للحيطان آذان” جروح تصورت أنها قد اندملت ومضى عليها الزمن وأصبحت شيا من الماضي,آخ منك يا “انور الكردي الفيلي الطيب” أبكيتني يوم رحلت أنت والعائلة قسرا”و أبكيتني في ذكراك وأنت بعيد وأبكيتني وأنت في الغربة وألان, هل كتب علينا لنعيش هذا العمر الطويل نبكي في الوداع وفي الذكرى و اللقاء,نعم يا صديقي “ابو السوس” ايه الأنيق الجميل, اعرف ما تريد ان تقول, عندما تتذكر الوطن بالغربة فانك تستحضر آلا لام وأوجاع الشعب الذي يعاني الظلم والحيف والتهميش والتصفية على مدار أكثر من عشرات السنين, وطن لا ذنب له إلا أنه طيب وحنين يحب السلام والوئام ويحب أبناءه ,حينما تتذكره تشعر بالشجن واللوعة والأسى والحزن فهو لم يتوارى عن عيونك مهما بعدت المسافات وطال الزمن ,الدموع والدماء والصراخ والعويل التي كانت تصدر من الأطفال والنساء والشيوخ بعد كل حادث تفجير تشاهدها عبر التلفاز تقض مضجعك وتكون قذا في عيونك وكانك نعيش الحدث , هذه الأحداث تتجلى لك ” بلوحة وطن مستباح “, لوحة مطرزة بعبق الحرية وأريج المحبة و مأطرة بعطر الانتماء ,لتكحل عيون شعب مغيب خلف الحدود في حنايا روحهم شوقٌ ، وحنينٌ ، وتوقٌ لعناق الأرض التي لم تتوارى خلف مناديل الوداع قبل عشرات السنين, وهم يودعون الأحبة، وطنُ يضم في ثنيا جنباته أناس دفنوا إحياء لأنهم نادوا بحريتهم وأبناء فروا من الحديد والنار و ثرامات البشر وأحواض التيزاب, ينظرون من خلف الحدود الى وطن غادروه عنوة احتضن براءتَهم الأولى ,ليفترشوا أرصفة الموانئ والمطارات وأبواب السفارات في بلاد “الكفر” التي وفرت للغرباء ما لم توفره بلاد المسلمين و”قائد الحملة الإيمانية” المتسلط على رقاب الشعب, لم يتوارى عنك الوطن ولم تستطيع مناديل الوداع أن تحجب صورته و الذكرى ، وأنت يا أنور تلقي النظرة الأخيرة من أعالي جبال كردستان العراق لترحل من الجانب الاخر إلى المجهول وما تخفي لك الأيام , ثم تظهر بعد عشرات السنين وتطوي السنين الطوال بمكالمة هاتفية حزينة لتبدأ رحلة جديدة تعيش على شذرات الماضي بكل ما يحمل من الآلام وأوجاع و أحزان .