يشهد العراق نهاية نيسان الجاري انتخابات مجلس النواب العراقي ،في وقت يشهد الوضعين الأمني والسياسي انهيارات مرعبة كارثية ،ففي الصعيد الأمني هناك حرب حقيقية تجري على الأرض في محافظات عدة من العراق تستخدم فيها الدبابات والطائرات والصواريخ ضد المدن وابنائها في الانبار وديالى ونينوى وصلاح الدين وكركوك ،يقوم بها جيش المالكي وميليشياته الطائفية المسلحة ،من عصائب الحق الى قوات بدر والبطاط وفيلق القدس والحرس الثوري وحزب الله وغيرهم (بالمناسبة قادة هذه الميليشيات يتباهون بهذا) عن طريق لافتات قتلاهم في شوارع المحافظات ،وما مجزرة بهرز القريبة إلا مثال صارخ على ما تقوم به الميليشيات من قتل وتهجير واغتيال واعتقال باسم القانون وهي تقاتل مع الجيش وتستخدم زي الجيش وسياراته وسلاحه وأجهزته وغيرها،والآن هي تقوم بتنفيذ جريمة أخرى اخطر في بغداد بتهجير المسيحيين بعد الاستيلاء على أراضيهم وأملاكهم ودورهم (كما أوردته فضائيات حكومية )،وفي الصعيد السياسي أصبح من الواضح جدا ان المالكي قد قطع جميع حبال الوصل وحرق كل المراكب مع شركائه في العملية السياسية وآخرهم مسعود البرازاني الذي هدده بإجراءات (غير متوقعة ) ،إذا استمر بممارسة ما سماه (تجويع الشعب الكردي وهو بمثابة إعلان الحرب عليه) بسبب الموازنة وغيرها ،وقبلها كانت له مساجلات قاسية ومعركة إعلامية صاخبة مع مقتدى الصدر ،والذي وصفه بالطاغوت والدكتاتور المتعطش للدماء والمال، فيما وصفه المالكي ( بالجهل السياسي والحديث على السياسة ولا يفقه شيئا فيها ) وهكذا مع أسامة النجيفي والمجلس الإسلامي الأعلى ،وهي جزء من حملته الانتخابية ،لتسقيطهم سياسيا وانتخابيا أمام الشعب العراقي ، إذن المشهد العراق بأسوأ حالاته، بفضل فشل المالكي واستعدائه جميع مكونات الشعب بلا مبرر، سوى شهوة السلطة والثأر والانتقام من الخصوم بأية طريقة ،حتى وان كانت بالقتل والتشريد والضرب بالطائرات والصواريخ والمدفعية الثقيلة وانه بينه وبينهم بحر من الدم وإنهم من أنصار يزيد وداعش وهكذا يسوق لنا الأعذار لضرب وقتل الخصوم، هذا الحال ونحن على ابواب انتخابات فكيف سيكون شكل المشهد ما بعد الانتخابات اكيد دمويا ومرعبا وكارثيا كما اسلفنا ،فكل دلائل وتحضيرات الانتخاب والمرشحين تؤكد ان الانتخابات ستكون (شبه صورية وفاقعة ) ،لحجم التزوير الذي سيرافقها ،وتقوم به جهات متنفذة تستخدم المال العام وسيارات الحكومة وفضائيات الحكومة وأجهزة وجيش الحكومة ومع هيمنة كاملة على القضاء المسيس والمفوضية التابعة لسلطة وسطوة دولة القانون ،الم تعترف مفوضية الانتخابات بالتزوير قبل الانتخابات عندما ( لاحظوا) (اكتشفت بالصدفة مليون ومائتي صوت للجيش مزور لصالح دولة القانون ) فقد أعطي الجيش بطاقتين واحدة مدنية وأخرى عسكرية ينتخب بها العسكري في مكانين المدني والعسكري (يا سلام على نزاهة حكومة المالكي ودولة قانونه)، ولكن في المقابل يعمل رؤساء الكتل السياسية بكل قوة لمنع تزوير الانتخابات وإجرائها في موعدها المقرر، والذي يعمل نوري المالكي على تأجيلها باستحداث قانون (السلامة الوطنية بعد إحالته على مجلس النواب للتصويت عليه وهذا يعني إعلان الطوارئ في البلاد وتأجيل الانتخابات وإدخال البلاد في الحرب الأهلية المعلنة والمشرعنة نيابيا وكما تريد دولة القانون ورئيسها تماما ،بعد انا أيقن ان جميع الكتل ستعمل بكل ما في وسعها على منع ترشح المالكي لولاية ثالثة ،وهذا ما أعلنه أكثر من رئيس كتلة مثل التيار الصدري والتحالف الكردستاني والوطنية ،هنا يبرز دور إدارة اوباما التي مازالت لها اليد الطولى في العراق هي وإيران ،فزيارة اوباما للمنطقة العربية وتحديدا المملكة العربية السعودية ،قد أفصحت عن السيناريو القادم لإدارة اوباما في المنطقة ،بعد القطيعة والتأزم مع المملكة السعودية ،بسبب الاتفاقية مع ايران حول برنامجها النووي وتدخلاتها في العراق وسوريا وإطلاق يدها في للعبث في المنطقة كلها،وهكذا فان اوباما بزيارته قد طمأن الجانب السعودي وأعطاه الملف الأمني في العراق وسوريا وفي الخليج ،وهذا مؤشر مهم وتحول كبير جاء في الوقت المناسب لانتصارات الجيش الحر والفصائل الإسلامية المسلحة المعتدلة في أكثر من جبهة في سوريا ،بعد إعلان إدارة اوباما تزويد ودعم المعارضة السورية بالسلاح الحديث ومن (صواريخ ستنغير المضادة للطائرات) ،هذا التحول الامريكي هو ليس من اجل عيون السعودية والعرب ،ولكن اوباما يريد أن يستبق روسيا في تطوير وضمان علاقاتها مع العرب والسعودية تحديدا لثقلها السياسي والديني في المنطقة ،لضمان مواقفها تجاه أزمة أوكرانيا التي تتفاعل بسرعة وتزداد توترا وتصعيدا أوربيا ضد تطلعات روسيا في ضم جمهورية القرم الإستراتيجية إلى روسيا والى الأبد ،فكانت زيارة اوباما تحمل أكثر من ملف سياسي وعسكري كصفقات تسليح وغيرها ،لذلك فان إدارة اوباما وضمن التوجه الجديد الى السعودية والعراق فإنها تعمل بكل جهدها على إعادة التوازن في العراق (وليس إجراء انتخابات وهذا الأهم لها ) فهي تريد إرضاء جميع الأطراف بمن فيهم (السنة المظلومين حسب قولها ) ولا تريد إزعاج الموالين لإيران وينفذون توجيهات الخامنئي قبل اوباما ،وعلى هذا الأساس إذا حصلت الانتخابات فستكون إدارة اوباما حاضرة بقوة فيها وتحركات السفير الامريكي في بغداد اليومية ولقائه مع رؤساء الكتل والشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي والعشائري هي خير دليل على ذلك ،فمن يقول ان أمريكا لا تتدخل نقول له 0تكذب ومن يقول إيران لا تتدخل نقول له تكذب ومن يقول أن لا سطوة لهما على الانتخابات فهو واهم وجاهل ومضلل ،لذلك ستجرى الانتخابات برعاية أمريكية وإيرانية ،وستنتج برلمان تحت الطلب دون تغيير الوجوه إلا ما يتماشى مع المصالح والأجندات الأمريكية-الإيرانية هذا هو شكل البرلمان العراقي القادم إذا تحقق،بمعنى ستظل الأوضاع الأمنية تنحدر نحو الحرب الأهلية بين الحكومة الطائفية التحاصصية المولودة من ضلع الاحتلالين الامريكي والإيراني، وبين الشعب العراقي المبتلي بهكذا حكومات ذليلة عميلة تابعة للأجنبي ،والشعب يتضور جوعا وقتلا وتهجيرا